هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يثير إصرار بعض الدول العربية وفي مقدمتها الجزائر على إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، تساؤلات حول أهداف هذا التوجه، في الوقت الذي تعارض فيه أطراف عربية أخرى ذلك.
وفي آخر التصريحات الرسمية الجزائرية بهذا الإطار، قال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إنه "من المفروض أن تكون سوريا حاضرة في القمة العربية التي تستضيفها الجزائر في آذار/ مارس المقبل".
وأضاف الجمعة: "نحن عندما ننظم قمة عربية نريد أن تكون جامعة وانطلاقة للم شمل العالم العربي الممزق، نحن دولة تجمع الفرقاء دائماً".
وقبل تبون، جدد وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، دعوته إلى إعادة العلاقات مع النظام السوري، معربا عن أمله في تشارك سوريا في القمة، وأضاف أن "الأوان قد آن لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية"، مبيناً أن "مشاركة سوريا في القمة العربية مرتبطة بالمشاورات".
ما هدف الجزائر؟
وعند اتخاذ الدول العربية قراراً بتجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية، وقطع العلاقات معه في العام 2011، بعيد اندلاع الثورة السورية، لم توافق الجزائر، ما يعني أن الموقف الجزائري لا يعد موقفاً جديداً، وفق الباحث الجزائري في الجيوبوليتيك والدراسات الدولية، جلال خشيب.
ويضيف خشيب لـ"عربي21"، أن الجزائر تنطلق في تعاملها مع سوريا من اعتبارها دولة عربية محورية، وليس باعتبارها نظاماً سياسياً، وقال: "الجزائر لم ترد أساساً إبعاد سوريا عن البعد العربي، ولم تتورط في إيصال سوريا إلى ما وصلت إليه الآن، علماً بأن الدول العربية التي تورطت في النزاع السوري، هي ذاتها اليوم التي غيرت موقفها، وبدأت تعيد علاقاتها مع النظام السوري".
اقرأ أيضا: الرئيس الجزائري: نأسف لاتفاق إسرائيل والمغرب.. ويهاجم الرباط
وبحسب الباحث، فإنه لم يبق أي داع لإبقاء سوريا خارج الفضاء العربي، مشيراً إلى التغيرات في المواقف الدولية.
وثمة هدف آخر يُفسر إصرار الجزائر على حضور النظام السوري في القمة العربية القادمة، طبقا لخشيب، موضحا أن "أي دولة تستضيف قمة عربية فهي تسعى إلى انجاحها، لأن ذلك يعني نجاحا لها ودبلوماسيتها كذلك".
وأضاف خشيب، أن "الجزائر فقدت نتيجة الظروف السياسية وصراع الأجنحة التي مرت بها في العقد الأخير، الكثير من الحيوية السياسية الخارجية، وخصوصاً أن الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة كان يهيمن على تلك السياسة ويربطها بإرثه التاريخي".
وبهذا المعنى، يعتقد خشيب أن خروج الجزائر من أزمتها الداخلية، ساعدها على البدء بملء الفراغ السابق في سياستها الخارجية، وقال: "الجزائر اليوم مصرة على استعادة دورها في الفضاء العربي".
وعلاوة على ذلك، وفق الباحث الجزائري، فإنها "تتيح إعادة سوريا إلى الفضاء العربي للجزائر كسب صديق إضافي لها على المستوى الإقليمي، خاصة أن الدولتين تتشاركان رؤى إقليمية ودولية متقاربة إلى حد ما، بعدم اعترافهما بالكيان الصهيوني في وقت تتجه فيه كثير من الأنظمة العربية نحو التطبيع، حتّى في جوار الجزائر المغاربي القريب الذي صار يثير فيه تطبيع جارها المغربي استنفارا أمنيا للجزائر".
وتابع خشيب بالإشارة إلى العلاقات الاستراتيجية الجيدة للبلدين (النظام السوري، الجزائر) مع كل من روسيا والصين على المستوى الدولي، قائلا: "ساعدت روسيا والصين في عدم ارتهان كل من الجزائر وسوريا للإرادة المطلقة للقوى المهيمنة"، مختتماً بقوله: "ما سبق يعد عاملا مفسرا مهما لإصرار الجزائر على إعادة سوريا (الدولة) إلى فضائها العربي الطبيعي".
الائتلاف يرفض
في المقابل، قال عضو الائتلاف السوري، الدكتور زكريا ملاحفجي، إن بعض الدول العربية تتخذ من طول أمد الصراع في سوريا، مبررا لإعادة النظام السوري إلى العمق العربي، مشيراً في هذا السياق إلى أن ذلك يتعارض مع التضحيات التي قدمها الشعب السوري منذ خروجه ضد النظام في العام 2011.
اقرأ أيضا: أوساط إسرائيلية تراقب التطبيع بين النظام السوري ودول عربية
وأضاف لـ"عربي21"، أن إعادة أي علاقة مع النظام السوري، تنطوي على إساءة لملايين السوريين، لافتاً إلى حالة الانقسام العربي حول العلاقات مع نظام الأسد.
وحول موقف الائتلاف من الدعوات الجزائرية وغيرها، قال ملاحفجي: "الائتلاف يعارض ويرفض إقامة أي علاقة مع النظام السوري، لأن ذلك يعني تجاوزا للقرارات الدولية والحل السياسي".
مناهضة التغيير الديمقراطي
بدوره، يرجع الكاتب والإعلامي السوري من موقع "نداء بوست" أسامة آغي، إصرار بعض الدول العربية على إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، دون النظر إلى الجرائم التي ارتكبها النظام بحق السوريين، إلى "درجة التشابه الكبيرة بين معظم الأنظمة العربية، وتحديداً في طريقة وصولها للسلطة"، وفق تقديره.
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال آغي إن " الدول التي تدعم نظام الأسد هي ذاتها التي تشكل مرتكزاً للثورات المضادة للربيع العربي".
وانتقد آغي مواقف الدول العربية الساعية إلى التطبيع مع النظام السوري، بقوله: "ما يحرك هذه الدول مصالحها، ولذلك فهي تقوم بإجهاض أي عمل يهدف للتغيير الديمقراطي في المنطقة العربية"، بحسب قوله.
يذكر أن الجامعة العربية كانت قد علقت مشاركة سوريا في اجتماعاتها عام 2011، بسبب قمع النظام السوري للثورة السورية، وعدم استجابته للمبادرة العربية في وقته.