قضايا وآراء

الأردن في العُرف الإسرائيلي

حبيب أبو محفوظ
1300x600
1300x600
بين مدٍ وجزر، تمر العلاقات الأردنية الإسرائيلية، يأتي هذا بالاعتماد على جملة تطورات سياسية لها علاقة بشكل الحكومة الإسرائيلية، وإدارتها لمختلف الملفات، أو ميدانيةٍ مرتبطةٍ بالأوضاع المتسارعة في القدس المحتلة؛ لعل أهمها أحداث المسجد الأقصى المبارك، وما واكبتها من اعتداءات إسرائيلية على المصلين والمرابطين، بل واعتقال موظفي وزارة الأوقاف الأردنية في القدس.

الخشية الأردنية ما زالت تحوم في الأفق من انتزاع دورها، وإرادتها، ورعايتها للوقف الإسلامي في القدس المحتلة، مع وجود رغبة متعاظمة عند الإسرائيليين بتغيير الحقائق، وتجاوز الإدارة  الأردنية في تلك البقعة المباركة، وليس أدل على ذلك من تركيب الكاميرات الذكية، ونصب البوابات الإلكترونية في العام 2017، دون اتفاق مسبق مع الأردن، ما أظهر المملكة وكأنها ليست ذات صلة.
الخشية الأردنية ما زالت تحوم في الأفق من انتزاع دورها، وإرادتها، ورعايتها للوقف الإسلامي في القدس المحتلة، مع وجود رغبة متعاظمة عند الإسرائيليين بتغيير الحقائق، وتجاوز الإدارة الأردنية في تلك البقعة المباركة

باتفاق سلام (اتفاقية وادي عربة) أو بدونه، تبقى المطامع الإسرائيلية حاضرة في المشهد الفلسطيني، وصولاً إلى التوسع عبر نهر الأردن. وكما يقول الخبير القانوني أنيس قاسم، فإن "قانون القومية الذي صدر في العام 2018، أعلن بشكل واضح أن "دولتهم" تقام في "أرض إسرائيل"، وهي في المفهوم الرسمي الإسرائيلي تضم مناطق شرق الأردن لغاية خط حديد الحجاز".

أكثر ما يثير الاستغراب في هذه المعادلة الظالمة، هي كيفية تعامل الأردن مع الواقع الذي تحاول أن تفرضه الإدارة السياسية لـ"إسرائيل"، وعدم استخدام عمان ما لديها من أوراق ضغط، وما تملكه حقيقة من أدوات تمكّن الأردن من مواجهة كافة المخططات الإسرائيلية؛ التي لا تبدأ بخطة ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، ولا تنتهي عند حدود إنهاء الوصاية الأردنية على القدس بصورةٍ نهائية عبر قانون من المنتظر أن يصدر عن الكنيست الإسرائيلي.
اتفاقية "وادي عربة" التي أريد لها أن تضع حداً للصراع بين الطرفين؛ فشلت في مهمتها التي رسمت لها، وأصبحت عبئاً على موقّعيها خاصة من الطرف الأردني، وباستطاعتنا القول إن الأردن في العرف الإسرائيلي لا يعدو كونه وطناً للفلسطينيين مع وقف التنفيذ مؤقتاً

العقلية الإسرائيلية تقوم على الزعم بأن الأردن بحاجة لإسرائيل، وليس العكس، وهي ذات العقلية التي ترى في السيطرة على الضفة الغربية مسألة وقت ليس أكثر، وهو ما يعني عملياً إلغاء اتفاقية أوسلو، والقضاء على فكرة حل الدولتين، وإنهاء السلطة الفلسطينية، والتمهيد لترحيل مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الأردن؛ الذي يُعتبر الوطن البديل في نظر اليمين الإسرائيلي.

البعض ينظر بقصور إلى حقيقة العلاقة الأردنية- الإسرائيلية، فالموضوع أكبر من أن يعتمد على الشخصية "الجدلية" لبنيامين نتنياهو، الأمر أخطر من ذلك، وأكثر تعقيداً، إلا أن من المفيد القول إن اتفاقية "وادي عربة" التي أريد لها أن تضع حداً للصراع بين الطرفين؛ فشلت في مهمتها التي رسمت لها، وأصبحت عبئاً على موقّعيها خاصة من الطرف الأردني، وباستطاعتنا القول إن الأردن في العرف الإسرائيلي لا يعدو كونه وطناً للفلسطينيين مع وقف التنفيذ مؤقتاً.
التعليقات (0)

خبر عاجل