كتاب عربي 21

لماذا يصر التحالف على إنهاء دور الجيش الوطني؟

ياسين التميمي
1300x600
1300x600
فيما يزداد ضغط المسلحين الحوثيين على مدينة مأرب من الجهة الجنوبية، تتسارع الخطوات التي ترعاها السعودية على ما يبدو من أجل استدعاء القوات التي أنشئت على هامش الحرب كتشكيلات بأسماء متعددة وأجندات مختلفة وربما متناقضة، لتحل محل الجيش الوطني في مواجهة الحوثيين.

اضطر المقاتلون في مديرية جبل مراد لإخلاء المديرية، ما سهّل دخول المسلحين الحوثيين إليها. والسبب يعود إلى أن الجيش الوطني ومقاتلي القبائل لا يريدون أن يواجهوا مصيراً كالذي واجهه مقاتلو مديرية العبدية، الذين تُركوا خلال شهر من الحصار بدون إمدادات من أسلحة أو ذخيرة أو طعام، فيما تعرض أبناء العبدية لأزمة إنسانية حادة ولم تلتفت إليهم الأمم المتحدة إلا بعد أن دخل الحوثيون إلى المديرية، حينها قام منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بزيارة المنطقة برفقة قيادي حوثي.

التخلي عن الجيش الوطني على وجه التحديد، وجزء كبير من مقاتلي القبائل الذين يعتقد التحالف أنهم يقاتلون بهوية حزبية أي تحت راية حزب الإصلاح، هي سياسة ثابتة لدى التحالف، ويبدو أن هذا التحالف يدفع بهذا الجيش وسنده القبلي إلى خسارة المعركة والاستسلام في لحظة فارقة؛ تبدو فيها هذه الحرب إنجازاً مستحقاً لإيران نالته بإمكانيات السعودية وآلتها الحربية وسوء نواياها تجاه من جاءت اليمن لتحارب باسمهم.
التخلي عن الجيش الوطني على وجه التحديد، وجزء كبير من مقاتلي القبائل الذين يعتقد التحالف أنهم يقاتلون بهوية حزبية أي تحت راية حزب الإصلاح، هي سياسة ثابتة لدى التحالف، ويبدو أن هذا التحالف يدفع بهذا الجيش وسنده القبلي إلى خسارة المعركة والاستسلام في لحظة فارقة

لهذا لم يكن غريباً أن تغادر القوات الإماراتية معسكر العلم وهو أحد معسكرين كانت هذه القوات تحتفظ بهما ضداً على رغبة السلطة المحلية والشرعية، وأن يأتي إخلاء المعسكر بالتزامن مع الضط العسكري على كل شبوة ومأرب.

وليس هذا فحسب، بل إنها تركت ما يكفي من الأسلحة بيد قوات محلية انفصالية لكي تفجر صراعاً مسلحاً؛ لحسن الحظ حسمته القوات المسلحة الشرعية خلال خمس ساعات فقط واستعادت المعسكر من هؤلاء الانفصاليين.

المعلومات المؤكدة تشير إلى أن لحظة التغيير الشامل في بنية المواجهة العسكرية قد بدأت باستدعاء ثلاثة من ألوية العمالقة من الساحل الغربي، والتي تضم في قوامها مقاتلين سلفيين بتركز مناطقي واضح، إذ ينتمي معظمهم إلى مناطق الضالع ويافع وردفان وبعض المناطق الجنوبية الأخرى.

لا تزال هذه الألوية تحتفظ بالمئات من قوامها البشري وتسليحها الجيد، وبينها أسلحة نوعية تعزز قوة الردع ضد مقاتلي الحوثي. وقد وصلت هذه القوات إلى عدن، وربما تكون في طريقها إلى شبوة، مستفيدة من توجيهات أصدرها الرئيس هادي - بضغط سعودي على ما يبدو - للسماح لهذه القوات بالتموضع في شبوة.

والهدف على ما يبدو هو تحرير المديريات التابعة لمحافظة شبوة من مقاتلي الحوثي الذين عادوا للسيطرة عليها منذ أكثر من شهر ونصف، وتضم مديرية عسيلان وبيحان وعين. وليس هناك ما يشير إلى أن هذه القوات يمكن أن تساهم في دحر الحوثيين من المديريات التي سيطرت عليها في جنوب مأرب المحسوبة على شمال اليمن، ما يبقي الاحتمال وارداً بشأن الأجندة الانفصالية لهذه القوات.

وبالتوازي مع تحرك هذه القوات، أطلق العميد طارق محمد عبد الله صالح، قائد قوات الساحل الغربي في محافظة تعز وأجزاء من محافظة الحديدة، دعوات لتوحيد صفوف المقاومة، وخص خلالها المجلس الانتقالي بدعوة إلى "فتح صفحة جديدة" في العلاقة بينهما، و"إعادة رسم شيء جديد للمستقبل يخدم كل يمني سواء في الجنوب أو في الشمال"، وذلك خلال ترؤسه اجتماعاً للمكتب السياسي لقواته.

المجلس الانتقالي وعلى لسان المتحدث باسمه علي الكثيري، رد على الفور مرحّباً بدعوة العميد طارق، ومبدياً استعداد مجلسه للشراكة مع المقاومة الوطنية التي يقودها العميد طارق، ودعمها للتحرر من مليشيات الحوثي و"كسر بغيها وإبعاد خطرها عن بلادنا والمنطقة، مع تمسك المجلس "بأهدافه الوطنية الجنوبية".
تبدو اللافتة التي ترفعها الجماعات المحسوبة على السعودية والإمارات مثيرة للاهتمام، فهي تتجه نحو تسويق معركة محتملة قد تخوضها هذه الجماعات موحدة ضد الحوثيين، لكن بعد أن يتأكد الجميع من أن الجيش الوطني التابع للشرعية خسر المعركة في مأرب لصالح الحوثيين

تبدو اللافتة التي ترفعها الجماعات المحسوبة على السعودية والإمارات مثيرة للاهتمام، فهي تتجه نحو تسويق معركة محتملة قد تخوضها هذه الجماعات موحدة ضد الحوثيين، لكن بعد أن يتأكد الجميع من أن الجيش الوطني التابع للشرعية خسر المعركة في مأرب لصالح الحوثيين لا سمح الله، وهو أمر لا يزال بعيد المنال على ضوء الإنجاز العسكري المهم الذي حققه هذا الجيش على مدى أكثر من عام ونصف وحال دون تقدم الحوثيين من الناحية الشمالية، وتكبيدهم خسائر فادحة تحولت معها مأرب إلى محرقة حقيقية لمقاتلي هذه الجماعة الإرهابية.

هذا الأمر يظهر السعودية مصرة على استخدام أدواتها السلفية الخشنة في حسم المعركة مع الحوثيين، لكن بعيداً عن العناوين العريضة للتدخل العسكري للتحالف العربي الذي تقوده، إذ إن ما تركز عليه الرياض هو تمكين القوات الموالية لها من حيازة الأرض بما يسمح لمخططها من التنفيذ السلس، خصوصاً في جنوب اليمن.

فالمعارك التي يخطط لها أن تدور بواسطة القوات السلفية؛ لن تذهب إلى أبعد من تقليص نفوذ الحوثيين وليس القضاء عليهم، وفي المقابل تفتح المجال للمشاريع السياسية الخطيرة، والتي يتصدرها مشروع الانفصال، للتمكن، مستندة إلى مشروعية المعركة المرتقبة.

ومن بين أهم أهداف هذه المعركة المرتقبة أيضاً؛ تكريس نفوذ العميد طارق صالح في الساحل الغربي، والدفع بقواته لخوض معارك في محافظة مأرب، بعد أن يُمنح فرصة للاستقواء على الأعمدة التقليدية للسلطة الشرعية المرتهنة للرياض؛ من جيش وطني ومقاومة وحشود شعبية مناهضة لنفوذ الحوثيين الموالين لإيران في هذه المحافظة.
لعل الهدف الأساسي من هذه التفاهمات هو تحييد محافظة تعز الجمهورية الوحدوية، في مرحلة تقرير المصير النهائي للمعركة، وإعادة توزيع المكاسب، بحيث لا تستطيع الكتلة السكانية الكبيرة لهذه المحافظة وقوامها المقاتل من جيش ومقاومة

وهذا الأمر إن حدث فإنه سيعزز من فرضية إضافة مأرب خلال المرحلة المقبلة إلى مجال النفوذ المحتمل لقوات طارق صالح، ولهذا تبدو تحشيداته اللفظية حتى اللحظة معنية أكثر بمأرب، وبما تتعرض له من حصار وهجمات متواصلة من جانب الحوثيين، وذلك بالتزامن مع قيام الإعلام الموالي لبقايا الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، بتكثيف الهجمات الإعلامية على محافظ شبوة كإسناد متفق عليه لمخطط تشارك في تنفيذه الإمارات، ويهدف إلى إخراج شبوة من معادلة الصراع مع الحوثي وإلحاقها بنفوذ المجلس الانتقالي الانفصالي.

وفي محافظة تعز يبدو أن الضغوط السعودية لخلق تحالفات جديدة، تعتمد في منهج مختلف، إذ تمارس ضغوطها على القوات الموالية للإصلاح للدخول في تفاهمات مع العميد طارق صالح، وهذا يعني أن على هذه القوات أن تُقر بنفوذ العميد صالح استناداً إلى ما يقع تحت يده من ترسانة أسلحة ضخمة، ولوجود قوام ثابت من القوات تحصل على رواتب منتظمة بالريال السعودي، في الوقت الذي يحرم فيه الجيش الوطني من المرتبات بالريال اليمني منذ فترة طويلة.

ولعل الهدف الأساسي من هذه التفاهمات هو تحييد محافظة تعز الجمهورية الوحدوية، في مرحلة تقرير المصير النهائي للمعركة، وإعادة توزيع المكاسب، بحيث لا تستطيع الكتلة السكانية الكبيرة لهذه المحافظة وقوامها المقاتل من جيش ومقاومة، والذي أثبت كفاءته الحربية خلال السنوات الماضية، القيام بأي دور من شأنه تعطيل المخططات الخطيرة للتحالف.

twitter.com/yaseentamimi68
التعليقات (1)
عبدالله محمد
الإثنين، 01-11-2021 09:41 م
سيادة الأستاذ؛ لقد منيت تلك القوات السلفية وعلى رأسها العمالقة بهزيمة ساحقة ماحقة أمام قوات الحوثي في الزاهر بالبيصاء، ولم تنته هزيمتها إلا في أبين ولحج، بعد اتفاق بين الحوثي والانتقالي، أما الجيش الموالي للشرعية فقد أوقف الحوثيين عند الكساره والمشجح وسيوقفهم عند البلق، كما أوقفه الحوثيون في جبال نهم وهكذا تظل الحرب عقيمه والسلام الخيار الأمثل لليمن