صحافة دولية

إيكونوميست: أعداء وأصدقاء لبنان يستغلون "أزمة الوقود"

قطعت السلطات وشركات الاتصال الخدمات عن بعض المناطق لأنها لا تستطيع ضخ الطاقة وتشغيل أبراج الهواتف النقالة- جيتي
قطعت السلطات وشركات الاتصال الخدمات عن بعض المناطق لأنها لا تستطيع ضخ الطاقة وتشغيل أبراج الهواتف النقالة- جيتي

نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا، ترجمته "عربي21"، عن أزمة الوقود في لبنان، وعلقت على وصول شاحنات النفط الإيراني التي دخلت لبنان بغطاء وطلب من حزب الله.

 

وقال التقرير إن دخول الشاحنات من سوريا إلى لبنان "كان احتفالا مناسبا لبطل فاتح عاد إلى الوطن، فمع اجتياز الشاحنات الحدود، خرجت النساء حاملات تويجات الورد والأرز، وانتشرت اللافتات التي مدحت العقل المدبر للعملية، ولأنه "خرق الحصار" الذي فرضته على بلده قوى أجنبية حاقدة.

 

وأطلق بعض الرجال الرصاص وقذائف الأر بي جي في الهواء، وكان عملا غير حكيم في ضوء ما تحمله الشاحنات من مواد، وهي 4 ملايين لتر من البنزين"، وأضافت الصحيفة أن الترحيب الشديد بالشاحنات يعبر الكثير عن حال لبنان اليوم. 

 

وقال التقرير إنه كان من المفترض أن تخفف شحنات الوقود أزمة الطاقة التي شلت البلد، لكن 4 ملايين لتر هي أقل من الاستهلاك اليومي، وأكثر من هذا فهي ستفاقم الأزمة السياسية الطويلة.

 

ولفت التقرير إلى أن ما جرى خرق سلسلة من العقوبات المفروضة على إيران وسوريا وحزب الله في عملية نقل الوقود.

 

وبالمقابل، قدمت الولايات المتحدة خطتها الخاصة لكي تبقي على النور مشتعلا في لبنان، لكن الخطة هذه ستخرق العقوبات الأمريكية على سوريا، لأن لبنان سيحتاج النفط من أي جهة كانت .

 

وقال التقرير: "الأزمة المالية التي يعاني منها لبنان منذ عامين جعلت من عملته بلا قيمة. وانخفض الاحتياطي الأجنبي من 38 مليار دولار عام 2019 إلى 15 مليار دولار هذا الصيف".

 

وتكافح الحكومة للحصول على النفط وجعله متوفرا بأسعار معقولة لسكان البلد الفقراء، وخفضت بشكل مطرد من الدعم على المواد الأساسية.

 

وباتت كلفة 20 لترا من البترول تأكل 30% من الحد الأدنى للأجور الشهرية، هذا عندما يكون النفط متوفرا، وهو ليس كذلك في معظم الأحيان، وتمتد طوابيره على طول كيلومترات. 

 

وفي البيوت، يحصل اللبنانيون يوميا على ساعتين من الكهرباء، وتوقفت المولدات الاحتياطية التي كانت تسد الثغرة عن العمل.

 

وقطعت السلطات وشركات الاتصال الخدمات عن بعض المناطق؛ لأنها لا تستطيع ضخ الطاقة، وتشغيل أبراج الهواتف النقالة.

 

وقال التقرير إن العقوبات الأمريكية على لبنان مقتصرة على حزب الله، وفي الحقيقة فبعض المشاكل التي سببت معاناة الطاقة في لبنان يمكن ردها إلى دور حزب الله كحارس للنظام السياسي الفاسد، على حد تعبير الصحيفة.

 

وترى إيكونوميست أن حزب الله الذي أنشئ في الثمانينات من القرن الماضي هو من أقوى القوى السياسية في لبنان، بمليشيا تتفوق على الجيش، ووضع قوي في السياسة.

 

اقرأ أيضا: ناقلة الوقود الإيرانية الثانية للبنان تصل مرفأ سوريا

 

ويقول التقرير إن السلاح يساعد حزب الله على الدفاع الوطني، فيما يتحمل الآخرون مسؤولية السياسة المحلية.

 

وفي السنوات الأخيرة، أقام حزب الله تحالفا مع التيار الوطني الحر الذي يقوده جبران باسيل، صهر الرئيس ميشيل عون، وهو الحزب الذي سيطر على وزارة الطاقة لسنوات.

 

وعمل باسيل وزيرا للكهرباء ما بين 2009 -2014، ودفع باتجاه بناء محطة توليد كهرباء مثيرة للجدل في بلدة سلعاتا المسيحية، والتي لم تكن مرتبطة بشبكة الكهرباء الوطنية.

 

كما استأجر مولدات كهرباء لتوفير الطاقة من عبارات، والتي كانت عبارة عن حل مؤقت، وتحولت إلى دائمة بكلفة مالية باهظة.

 

ويضيف التقرير: "لأن الولايات المتحدة وحلفاءها كانت تمقت ظهور حزب الله بمظهر المنقذ للبنان، فقد تقدمت بخطتها الخاصة معتمدة على خط أنابيب الغاز العربي.

 

ومع أنه بني لتصدير الغاز الطبيعي المصري إلى الدول العربية، إلا أنه ظل دون استخدام طوال الوقت.

 

وبعد الثورة المصرية عام 2011، استهدف المسلحون الخط، ثم انخفض الإنتاج، وأدى لزيادة الطلب المحلي عليه، ما دفع مصر في عام 2015 لوقف التصدير والتحول للاستيراد.

 

لكن الصورة اليوم مختلفة، فمنطقة شرق المتوسط غنية بالغاز الطبيعي، واكتشفت مصر حقل غاز ضخم "ظهر"، الذي بدأ بضخ الغاز في عام 2018، بالإضافة لحقل ليفياثان الإسرائيلي الذي بدأ بالعمل في 2019.

 

وفي العام الماضي، بدأت إسرائيل بنقل الغاز عبر الأنابيب إلى مصر، ويمكن تحويل جزء منه إلى مسال وتصديره للمستهلكين في أوروبا، لكن خط الغاز العربي لا يحمل أي غاز إسرائيلي.

 

وتواجه الخطة الأمريكية معوقات، فمرور الخط من الأراضي السورية يعني أن نظام بشار الأسد سيحصل على رسوم المرور.

 

وبدلا من دفع هذه الرسوم نقدا يمكن دفعها بطريقة أخرى، وأحد الخيارات حصولها على الكهرباء من الأردن الذي لديه طاقة إضافية، ما يسهم في تخفيف انقطاع التيار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

 

وأيا كان الخيار الذي تختاره الحكومة الأمريكية، فكلاهما يعد خرقا لقانون قيصر 2019 الذي يمنع التعامل مع النظام.

 

ويظل كل هذا نظريا؛ لأن على سوريا إصلاح البنية التحتية المتداعية للخط، وهذا يحتاج لعدة أشهر. لكن هذا يؤكد ضعف أمريكا المدمنة على استخدام العقوبات كسلاح.

 

وكان قانون قيصر بمثابة أداة ضغط على النظام لكي يختار بين الإصلاح السياسي والعزلة الاقتصادية، واختار الثاني، وهذا ليس بغريب من رجل دمر بلده لكي يبقى في السلطة.

 

لكن الولايات المتحدة تواجه صعوبات في الإبقاء على عزلته، فقد أعادت مصر والأردن ودول في الخليج، وكلها حليفة لأمريكا، العلاقات معه.

 

وستتحول سوريا اليوم إلى وسيط في توفير الطاقة للبنان. وبالنسبة لسفينة النفط الإيرانية، فقد خرقت العقوبات الأمريكية، ولكن الأمريكيين لم يستطيعوا وقفها؛ لأنها عبرت المياه الدولية.

 

ويمكن لواشنطن فرض عقوبات على الدولة اللبنانية التي تمسكت بموقفها بأن الاستيراد جاء من جهة خاصة.

 

لكن فرض العقوبات على لبنان سيزيد من المعاناة. وفشلت العقوبات في تغيير سلوك النظامين الإيراني والسوري، وستجد صعوبة بفرضها بطريقة مستمرة.

 

ولطالما وجد لبنان نفسه محشورا في نزاعات جيوسياسية، فسفينة نفط من إيران وكميات قليلة من الغاز المصري لن تحل مشكلة الطاقة التي تعود إلى سوء إدارة.

 

التعليقات (0)