طب وصحة

ارتفاع كبير برسوم الإسعاف بمصر يفتح باب استغلال المرضى

575100432
575100432
حذر خبراء في الصحة وأطباء من استمرار تسليع الخدمات الطبية في مصر، البلد الذي يقبع 30 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر، ولا يتمتعون بمنظومة تأمين صحي تحميهم من ارتفاع أسعار الخدمات الصحية، والدواء بعد ارتفاعها لعدة أمثالها خلال السنوات القليلة الماضية.

ومع تراجع مستوى الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية، وانهيار البنية التحتية في الكثير منها، توسع القطاع الخاص في تقديمها بأسعار مرتفعة، وارتفعت حصته إلى أكثر من 20 بالمئة من عدد المستشفيات، وأكثر من ربع الأسرة بنحو 36 ألف سرير تقريبا، بنمو قدره 70% تقريبا مقارنة بعام 2009، في مؤشر على تنامي دور القطاع الخاص على حساب القطاع الحكومي.

وقررت الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية، رفع رسوم الخدمات الصحية في جميع المستشفيات، بدعوى الارتقاء بمستوى الخدمة، رغم الانتقادات المتكررة لتقاعس الدولة في توفيرها، واستمرار معاناة المواطنين بين أروقة وردهات المستشفيات الخالية من الأطباء.

هيئة الإسعاف المصرية دخلت بدورها على الخط، حيث تصل تكاليف نقل المريض إلى 5 آلاف جنيه، (320 دولارا)، وشملت قائمة الأسعار (125 جنيهاً خدمة النقل داخل المحافظة ، 100 جنيه لكل ساعة انتظار، 5 جنيهات لكل كيلومتر للنقل بين المحافظات بحد أقصى 5000 جنيه)، مع الإشارة إلى أن إسعافات الحالات المرضية الطارئة والإصابات تقدم مجاناً.

وفي سياق تبريرها، ذكرت الهيئة أن تفعيل تلك الخدمات بهدف "تعويض الهالك من سيارات الإسعاف التي تم استبعادها من العمل نهائياً وإحلال سيارات جديدة محلها -تكلفة المستلزمات والأجهزة الطبية التي يتم تقديمها للمريض أثناء النقل للحفاظ على حياته، ارتفاع أسعار المحروقات عالمياً، وإنشاء بنية تحتية تكنولوجية فريدة ومتطورة تشمل تتبع ورصد سيارات الإسعاف وقياس معدلات أدائها بالتعاون مع كبرى شركات الاتصالات المصرية والعالمية العاملة في ذلك".

تسليع الخدمات الطبية وبيعها

في سياق تعليقه، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية سابقا، الدكتور يحيى موسى، إن "سياسات النظام الصحية ليست بمعزل عن فلسفته العامة المبنية على منطق البقاء للأقوى، فهذا نظام جاء بقوة السلاح ويعتبر نفسه جديراً بالحكم بناء على فارق القوة بينه وبين الشعب وهو يعتبر أن الضعفاء والفقراء من عموم المصريين عبء يجب التخلص منه ولا ينبغي الإنفاق عليهم، نظرة دارونية مادية تجافي الفطرة السليمة وتتعارض مع هوية ومعتقدات الشعب المصري".

وأضاف لـ"عربي21": "لذا فقد لجأ إلى تسليع الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم بخطوات متسارعة بدأت بمنظومة التأمين الصحي على حساب تقليص العلاج على نفقة الدولة تمهيدًا لإلغائه وكانت الحجة محاربة الفساد وإهدار الأموال وبدلاً من ضبط القوانين واللوائح وإنفاذها قرر النظام استبدالها بأخرى تمنع فساد صغار الموظفين لصالح فساد أكبر تديره شركات الخدمات الصحية الإماراتية وغيرها والتي استحوذت على ما يقارب الـ30% من السوق الصحي في مصر".

وكشف المتحدث السابق أن هناك "خطوات مماثلة تتم في مجال صناعة الدواء لتصل الآن إلى منظومة الإسعاف وهي التي تمثل طوق نجاة للحالات العاجلة والفقيرة التي لا تستطيع الوصول للخدمة الطبية وخاصة في الأماكن النائية حيث لدينا في مصر 1500 قرية بدون طبيب من الأساس".

ورأى موسى أنه "بشكل عام فالنظام يعالج أزمته الاقتصادية بمد يديه في جيوب المواطنين بقوانين وضرائب كل حين وآخر لتزداد معاناة الناس في الوقت الذي يحرمهم فيه من مجرد التعبير عن غضبهم ورفضهم لهذه القوانين الجائرة".

أسعار مرتفعة وخدمات متأخرة

أكد الوكيل السابق بوزارة الصحة، الدكتور مصطفى جاويش، أن زيادة رسوم خدمة سيارات الإسعاف في زيادة مستمرة، وقال: "منذ وضع اللائحة الجديدة لهيئة الإسعاف هام 2019، والأسعار ارتفعت بشكل كبير في أكثر من مرة، وهي في الحقيقة تثقل كاهل المرضى، خاصة الفقراء منهم".

وانتقد في حديثه لـ"عربي21": "المغالطة التي ترددها هيئة الإسعاف المصرية بقولها إن الخدمة مجانية في حالة الطوارئ والإصابات، لكن ما يحدث أنه عند نقل المرضى فإنهم يكتشفون أنه لا توجد أماكن لهم في العناية المركزة فيضطرون للتوجه إلى مستشفيات خاصة، وبالتالي تتحصل الهيئة على أجر".

واعتبر الخبير الصحي أن "تكلفة النقل بين المحافظات مكلفة، خاصة في الدلتا والصعيد اللذين يفتقران للمستشفيات الحكومية الكبيرة، ما يكلف المريض آلاف الجنيهات لنقله إلى العاصمة أو إلى أقرب محافظة فيها مستشفى متخصص.. من ناحية أخرى فإن تحميل المواطنين تكاليف الصيانة والإحلال والتجديد والتطوير هو واجب من واجبات الدولة، ولدينا أصلا قصور في عدد سيارات الإسعاف".

وفند جاويش جودة خدمة الإسعاف، التي رهنها بسرعة الوصول إلى المريض ونقله، قائلا إن "زمن الوصول إلى المريض يفترض ألا يتجاوز الدقائق المعدودة، لكنه في مصر يتجاوز الساعة والساعتين، فمثلا لا يوجد قي المدينة سوى نقطة إسعاف واحدة تتبعها عشرات القرى، ما يعني أن الوصول من المدينة إلى أبعد قرية قد يستغرق ساعات".
التعليقات (0)