بورتريه

"الأخ" برادر.. مفاوض "تصعب قراءته"

الإعلام الأمريكي: لن تنجح "طالبان" في تقديم صورتها الجديدة للعالم بدون برادر- عربي21
الإعلام الأمريكي: لن تنجح "طالبان" في تقديم صورتها الجديدة للعالم بدون برادر- عربي21

ما أن هبطت طائرته في قندهار، ثاني أكبر مدن أفغانستان ومهد حركة طالبان حتى أعلنت "الحركة" بالتزامن، عن انتهاء الحرب التي مزقت البلاد. 

حشد من الرجال الذين يضعون العمامات على رؤوسهم ويلبسون الثوب (قميص) تحت الركبة بقليل، بدؤوا في الظهور إعلاميا بعد سيطرة "طلبان" على أفغانستان من جديد. 

شخصيات محورية ساهمت على مدى 20 عاما، هي مدة غياب "طالبان" عن السلطة، في تمهيد الطريق لوصولها مرة أخرى إلى "قصر الإمارة" بعد انهيار سلطة الرئيس أشرف غني الذي فر بجلده وأمواله إلى دولة الإمارات العربية. 

ورغم أنه رفيق الملا محمد عمر مؤسس "طالبان"، إلا أنه لم يتسلم رئاسة "الحركة"، بعد وفاة عمر، حيث ذهبت أولا إلى الملا أختر محمد منصور (اغتيل بغارة عسكرية) والملا هبة الله آخوند زاده الرئيس الحالي لـ"طالبان". 

ولد الملا عبد الغني برادر عام 1968 بولاية أرزغان جنوب البلاد ونشأ في قندهار، وشارك في شبابه في القتال ضد الاحتلال السوفيتي خلال حقبة الثمانينيات. 

وعندما طرد الروس من البلاد عام 1992، ودخلت في حرب أهلية بين أمراء الحرب المتنافسين، أنشأ مدرسة في قندهار مع زميله وصهره، محمد عمر، ثم أسس الثنائي حركة طالبان (كان أحد الرجال الأربعة الذين أسسوا الحركة). وسمي (الأخ) لعلاقة الصداقة بينه وبين عمر. 

ساعدت وكالة الاستخبارات الباكستانية "طالبان" على الوصول إلى السلطة، وكان ينظر إلى برادر، الذي كان نائبا للملا عمر في ذلك الوقت، باعتباره مهندس هذه الانتصارات. 

وأثناء فترة حكم "الجماعة" بين عامي 1996 و2001، شغل الرجل مجموعة من المناصب، من بينها حاكم هرات ونمروز، وكان نائب وزير الدفاع عندما أطاحت الولايات المتحدة وحلفاؤها بالحركة عام 2001. 

وبعد انهيار الحكم، أصبح الزعيم الفعلي لما عرف باسم "مجلس شورى كويتا"، الذي كان يمثل قيادة "طالبان" في المنفى، قبل أن تعتقله الاستخبارات الباكستانية في مدينة كراتشي عام 2010.  

حاول الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي مع قادة "طالبان" إطلاق سراح الملا برادر من أجل دفع عملية المفاوضات، لكن الباكستانيين كانوا يرفضون الطلب باستمرار. 

لكن باكستان عادت وأطلقت سراحه عام 2018 بضغط من الولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس السابق، دونالد ترامب، بطلب من المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد للحصول على دعمه في المفاوضات بين "طالبان" والحكومة الأفغانية، وتم تعيينه رئيسا لمكتب "الحركة" السياسي في العاصمة القطرية الدوحة. 

ومن منزله في بيشاور الذي أحيط بسرية عالية انطلقت المباحثات "لإرساء السلام". 

وأسفرت جولات التفاوض عن توقيع اتفاق على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان والاتفاق على إجراء محادثات سلام مع الحكومة، لكنه لم ينفذ. 

تولى بعد ذلك برادر رئاسة الوفود التي سافرت إلى عدة دول في العالم، سعيا من "الحركة" للحصول على اعتراف وقبول دولي. 

والملا برادر هو القيادي الوحيد في "طالبان" الذي تحدث إلى الرئيس الأمريكي السابق ترامب لمدة 35 دقيقة بشأن المفاوضات بين الطرفين. 

وقاد المفاوضات مع وزير الخارجية الأمريكي جورج بومبيو التي أدت إلى انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان. 

كما تمكن من بناء علاقات مع عدد من الدول، من بينها روسيا والصين وقطر، لكنه يواجه منافسة من بعض القيادات التي يمكن وصفها بـ"الصقور". 

وتتوقع وسائل إعلام أمريكية متطابقة من بينها "سي أن أن" أن يكون الملا برادر، رئيسا لـ "إمارة أفغانستان الإسلامية"، ويعتقد أنه تم اختيار أخوند زاده فقط ليكون بمثابة "زعيم روحي" أكثر من كونه قائدا عسكريا أو زعيما سياسيا. 

ومن القيادات الأخرى في "طالبان" يأتي سراج الدين حقاني وهو نجل أحد قادة القتال ضد السوفييت، جلال الدين حقاني، وزعيم الشبكة القوية التي تحمل اسم عائلته، والتي تعتبرها واشنطن "إرهابية" وواحدة من أخطر الفصائل التي قاتلت القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي، في العقدين الماضيين في أفغانستان. 

واتهم الرجل باغتيال بعض المسؤولين الأفغان واحتجاز غربيين رهائن قبل الإفراج عنهم مقابل فدية أو مقابل سجناء، وهو مطلوب أمام "مكتب التحقيقات الفيدرالي" الأمريكي بشأن دوره في عملية تفجير فندق في كابول عام 2008، تسببت بمقتل ستة أشخاص، بينهم أمريكي، وفقا لما نقلته صحيفة "واشنطن بوست".  

ويأتي أيضا الملا محمد يعقوب نجل الملا محمد عمر ورئيس اللجنة العسكرية التي تتمتع بنفوذ كبير في "طالبان" والتي تقرر التوجهات الاستراتيجية للحرب ضد الحكومة الأفغانية. 

ومع ذلك، ما زال الدور الذي يلعبه داخل "الحركة" موضع تكهنات، ويعتقد بعض المحللين أن تعيينه رئيسا لهذه اللجنة العسكرية كان مجرد إجراء رمزي. 

ويقف في القائمة شير محمد عباس ستانيكزاي، الذي كان نائب وزير في حكومة طالبان قبل الإطاحة بها، ويعيش في الدوحة منذ ما يقرب 10 سنوات. وأصبح رئيس المكتب السياسي عام 2015، وشارك في المفاوضات مع الحكومة الأفغانية، ومثل "طالبان" في رحلات دبلوماسية إلى عدة دول. 

وأيضا عبد الحكيم حقاني رئيس فريق "طالبان" المفاوض، ويرأس "مجلس علماء الدين"، ويعتقد على نطاق واسع أنه الشخص الذي يثق به أخوند زاده أكثر من غيره. 

ويقفز اسم الملا عبد القيوم ذاكر من مؤسسي "الحركة" الذي يوصف بأنه وزير الدفاع، وله نفوذ قوي في القبائل في الجنوب، وبالتالي هو يدير جميع الشؤون الأمنية في البلاد. 

أما المولوي غالب فقد تولى مسؤولية عمليات كابول قبل سيطرة "طالبان" عليها، وهو يتولى الآن رئاسة شرطة العاصمة، إلى جانبه يعمل المولوي فتح الله كرئيس للاستخبارات العسكرية، الذي يركز حاليا على مراقبة أعمال عناصر "طالبان". 

وهناك عبد الحق أخوند ويتولى مهمة رئيس اللجنة الصحية في "الحركة"، وأيضا الملا سخاء الله الذي يدير شؤون التعليم والتربية، ويبدو، أن نشاطه ينحصر حتى الآن بدعوته جميع الجامعات الحكومية والخاصة والمدارس الحكومية والخاصة إلى عدم توقيف عملية التعليم. 

ونتوقف عند ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم "الحركة" وهو من القيادات المشهورة في "الحركة"، عرف بدوره في الدفاع عن قرارات الحركة السياسية والعسكرية، لكنه ظهر أخيرا للمرة الأولى أمام وسائل الإعلام. وزار وفد من الحركة مقر وزارة الإعلام، طالبا من المسؤولين والموظفين فيها الاستمرار بعملهم المعتاد. 

ثم أمير خان متقي وهو محرك الملفات، مع وصوله إلى كابول، إذ بحث مع الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، ورئيس المجلس الأعلى الوطني عبد الله عبد الله، وزعيم الحزب الإسلامي قلب الدين حكمتيار، قضية الحكومة الانتقالية وموقف الحركة حولها. وتقول مصادر إن متقي سيتسلم منصب وزير الإعلام والثقافة، بينما يبقى مجاهد متحدثا باسم الحركة. 

لكن يبقى الملا برادر متفردا بخصوصية سمحت له أخيرا بعقد اجتماع سري مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام برنز في مطار كابول، وهذا اللقاء هو الأعلى مستوى بين مسؤول أمريكي وآخر في "طالبان" منذ دخول كابول. 

ولا يزال برادر قيد التوقعات فقد أفادت وكالة "سبوتنيك" الروسية نقلا عن مصدر في "طالبان" بأن هنالك توجها لتعيين الملا عبد الغني برادر وزيرا للخارجية، فيما تم الاتفاق على تعيين يعقوب محمد عمر وزيرا للدفاع. وأضاف المصدر أنه سيتم تعيين مولوي جلال الدين حقاني وزيرا للداخلية. 

لكن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تتوقع أن يتولى برادر مسؤولية الشؤون اليومية كرئيس للحكومة، وتسمية هبة الله أخوند زاده، القائد الديني الرئيسي، باعتباره السلطة العليا في البلاد. 

ورغم ذلك كله فقد ظهر الرجل كما لو كان رئيس أفغانستان الجديد والمتوقع، وللمصادفة سيحمل الرقم 13 في حال صدقت التكهنات. 

وكثيرا ما يوصف برادر بـ"الهادئ المبتسم"، أو الدبلوماسي الصامت، وبأنه بارع في العمل في الظل، وشديد الانضباط. 

وأكثر الأوصاف التي أطلقها عليه الإعلام الأمريكي بأنه "شخص تصعب قراءته". وأيضا شخص لن تنجح "طالبان" في تقديم صورتها الجديدة للعالم بدونه. 

 

التعليقات (0)

خبر عاجل