نشرت صحيفة "
لوموند" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على مزاعم السلطات الأردنية إحباط محاولة قادها الأمير حمزة بن الحسين لزعزعة استقرار المملكة الأردنية بالتعاون مع شخصيات مقربة من الحكومة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الشارع الأردني ما زال في حالة ذهول بعد اعتقال شخصيات مقربة من الملك عبد الله الثاني ووضع الأمير حمزة بن حسين رهن الإقامة الجبرية والحديث عن محاولة انقلاب.
وأكدت الصحيفة أن الاتهامات التي أعلن عنها وزير الخارجية أيمن الصفدي ضد الأمير حمزة أثارت العديد من الأسئلة التي ما زال الأردنيون يبحثون عن إجابات واضحة لها.
وقد اتهم الصفدي الأمير حمزة بن حسين، والمستشار السابق للملك
باسم عوض الله، والمبعوث الخاص السابق لدى المملكة العربية السعودية الشريف حسن بن زيد، بالتورط في محاولة لزعزعة استقرار المملكة دون التطرق إلى أي تفاصيل.
وقد أكد الصفدي بأن تصريحاته تستند إلى ما توصلت إليه تحقيقات الأجهزة الأمنية خلال فترة طويلة من المراقبة، والتي كشفت عن اتصالات مع جهات خارجية بهدف زعزعة استقرار أمن الأردن.
كبش فداء
وقالت الصحيفة إن عدة دول باركت الإجراءات التي اتخذها الملك عبد الله الثاني من أجل الحفاظ على استقرار البلاد، لكن الكثير من المراقبين وجزءا كبيرا من الرأي العام الأردني يشككون في الرواية الرسمية.
وقد علّق شخص مقرب من العائلة المالكة في هذا السياق قائلا: "لا أعتقد أن الأمر يتعلق بصراع على العرش داخل العائلة. السبب المباشر لما حدث حسب رأيي هو الاضطرابات الاجتماعية والسخط الشعبي. أعتقد أن الأمير حمزة كبش فداء، وأن الحكومة بالغت في الحديث عن التهديدات من أجل إسكات الأصوات المطالبة بالإصلاح ومقاومة
الفساد".
وحسب الصحيفة، فإن الأمير حمزة البالغ من العمر 41 عامًا، يمثل شوكة في خاصرة الملك عبد الله الثاني، الذي يكبره بثمانية عشر عامًا. ومن أجل ضمان البقاء على العرش، نزع الملك عبد الله ولاية العهد من أخيه غير الشقيق عام 2004 وأسندها إلى ابنه الحسين، وهو ما يتعارض مع رغبة والدهما الراحل الملك حسين وزوجته الرابعة الملكة نور، والدة حمزة.
ورغم ابتعاده عن دوائر السلطة، استطاع الأمير حمزة أن يقيم شبكة علاقات قوية مع القبائل الأردنية، وفقا للصحيفة.
ويرى الصحفي الأردني أسامة الشريف، أن الأمير حمزة "يتمتع بشعبية كبيرة داخل المجتمع وبين القبائل، لأنه قريب من الناس وينتقد سياسات الدولة والفساد الذي ينخر مفاصل البلاد".
من جانبه، يقول المحلل السياسي الأردني عامر السبايلة: "في السنوات الأخيرة، استخدم الأمير حمزة أسلوبًا جديدًا في التواصل، يتمثل في نشر تغريدات على صفحته الرسمية على تويتر ينتقد من خلالها السلطات. وقد كثّف في الأشهر الأخيرة من لقاءاته مع القبائل، مدفوعا برغبته في استغلال الموقف السياسي الذي تمر به البلاد".
ويتابع السبايلة: "تواجه المملكة الأردنية العديد من التحديات في أعقاب جائحة كوفيد-19، وقد تأثرت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تأثرا شديدا بالحجر الصحي".
هجوم حادّ على نظام الحكم
عن طريق إرسال شريط فيديو إلى قناة "بي بي سي" عبر محاميه، كشف الأمير عن وجوده رهن الإقامة الجبرية بسبب مشاركته في اجتماعات انتقد فيها الملك، نافيا مشاركته في أي مؤامرة مدعومة خارجيا.
وقد وجّه الأمير حمزة خلال اجتماعاته انتقادات لاذعة للنظام الحاكم ورأى أنه يقوم على المصالح الشخصية والفساد ولا يهتم لمستقبل ملايين الأردنيين. وفي غياب أدلة مثبتة على الصلة المزعومة بين الأمير حمزة وباسم عوض الله، وهو شخصية مثيرة للجدل في الأردن، فإن الرواية التي قدمتها السلطات لا تبدو كافية حسب الصحيفة لتبرير ما تم اتخاذه من قرارات.
ويقول الشخص المقرب من العائلة المالكة إنه لا يوجد أي وجه للشبه بين الأمير حمزة وباسم عوض الله، حيث جنى عوض الله الكثير من الأموال الخليجية خلال فترة عمله في القصر الملكي، وهو متورط في قضايا فساد.
واعتبرت الصحيفة أن ما حدث مؤخرا من شأنه أن يقسم المجتمع الأردني بين أنصار الملك عبد الله الثاني وأنصار الأمير حمزة، قبل أيام قليلة من الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس المملكة الهاشمية في 11 نيسان/ أبريل.
وفي تسجيل صوتي حديث، أعلن الأمير حمزة رفضه الانصياع لأوامر البقاء داخل المنزل وعدم التواصل مع العالم الخارجي. ويرى السبايلة أن على الأسرة أن تتعامل مع الأحداث الراهنة بمنتهى الحكمة لأن أي قرارات غير مدروسة قد تؤدي إلى مزيد من الانقسام في الشارع الأردني.