بورتريه

صاحب "الصفوة" يرحل بعيدا عن "حلب".. 9 عقود من العطاء

الشيخ الصابوني- الأناضول
الشيخ الصابوني- الأناضول

ولد الشيخ علي الصابوني، في مدينة حلب بسوريا، عام 1930، في عائلة علمية، فقد كان والده الشيخ جميل الصابوني أحد كبار علماء المدينة.

 

حفظ القرآن وهو في المرحلة الثانوية، وحاز علوم اللغة العربية وعلوم الدين على يد جملة من علماء سوريا، مثل الشيخ محمد نجيب سراج والشيخ أحمد الشماغ والشيخ محمد سعيد الإدلبي والشيخ محمد راغب الطباخ.

 

رحلة للأزهر

واتجه الصابوني إلى الدراسات الدينية في الثانوية الشرعية بحلب، بعد قضائه وقتا في المدرسة التجارية، لكنه لم يستمر، ودخل المدرسة الخسروية وتخرج في العام 1949، ليذهب في بعثة على حساب وزارة الأوقاف السورية آنذاك للدراسة في الأزهر الشريف بالقاهرة، والتي تخرج من كلية الشريعة فيها عام 1952، ويحصل بعد ذلك على شهادة القضاء الشرعي عام 1954.

وبعد إنهاء الدراسات في الأزهر عاد الصابوني إلى حلب لتدريس مادة الثقافة الإسلامية، واستمر حتى العام 1962، لينتدب بعدها للعمل أستاذا معارا من قبل وزارة التعليم السورية إلى السعودية، في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة لمدة قاربت الثلاثين عاما، فضلا عن عمله بجامعة أم القرى باحثا في مركز البحث العلمي وإحياء التراث. ورغم المدة التي قضاها بالسعودية مدرسا وعالما، إلا أنه لم يحصل على جنسيتها.

وجاور الشيخ الراحل المسجد الحرام في مكة المكرمة، وكان له درس يومي فيه، فضلا عن دروس تفسير في مسجد بجدة لمدة قاربت الثماني سنوات، حتى منع من التدريس هناك بقرار من السلطات وفقا لما ذكره مصدر لـ"عربي21" مفضلا عدم ذكر اسمه.

 

مصاعب مع النظام

وكان للصابوني علاقات متينة مع كبار علماء تركيا، وكان كثير الزيارة لها خلال فترة مكوثه في السعودية، وفي بدايات الثورة السورية واجه مصاعب في أوراقه الثبوتية وجواز سفره، بسبب اشتراطات النظام السوري عليه بضرورة الحضور إلى سوريا، وفق المصدر الذي تحدث لـ"عربي21"، وهو ما رفضه الراحل.

وقال المصدر، إن المقربين منه أوصلوا للرئيس التركي، أن النظام السوري يرفض تجديد جواز سفر الشيخ، فطلب منه تقديم أوراقه ومنحه الجنسية التركية على الفور.

 

إقرأ أيضا: جنازة ضخمة في تشييع الشيخ الصابوني بإسطنبول (شاهد)

 

تكريم تركي

وتوفي الشيخ في منزله بمنطقة يالوا، القريبة من إسطنبول، مساء الجمعة ونعته شخصيات وحركات وعلماء على امتداد العالم الإسلامي. تاركا خلفه عشرات المؤلفات في العلوم الشرعية، أبزرها تفسيره "صفوة التفاسير" الذي اشتهر بتفسير الصابوني.

وعلى المستوى الرسمي نعى رئيس البرلمان التركي مصطفى شنتوب، رئيس رابطة العلماء السوريين الشيخ الصابوني، وقال في تغريدة عبر تويتر: "توفي العالم الكبير ومؤلف صفوة التفاسير محمد علي الصابوني الذي كرس حياته كلها للعلوم الدينية والفهم الصحيح للإسلام".

ونعت رئاسة الشؤون الدينية التركية ورئيسها علي أرباش، الشيخ الراحل، ونشر صورة على صفحته في تويتر مع الشيخ الصابوني، مقدما تعازيه لأسرته وكافة علماء الأمة، سائلا له "الجنة والمقام العالي".

وقال رئيس الشؤون الدينية: "استفدت دائما من علمه، رهن حياته للعلم وتنشئة الإنسان، العالم السوري محمد علي الصابوني انتقل إلى رحمة الرحمن".

وجرت مراسم جنازته من منزله في منطقة "يالوا"، إلى مسجد الفاتح بإسطنبول، بتنسيق من الرئاسة التركية، ووقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذنا بدفن الشيخ في مقبرة "مركز أفندي"، والتي تضم قبور الكثير من العلماء المسلمين في حقبة الدولة العثمانية، فضلا عن قبر رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان.

وكان للشيخ مواقف مؤيدة للثورة السورية من بدايتها، ورفض القمع الذي واجه النظام السوري به المحتجين، ووصف رئيس النظام بشار الأسد بـ"مسيلمة الكذاب" وقال إن "الحاكم الذي يظلم الناس، وجب عليهم مقاومته ودفعه".

 


التعليقات (1)
أحمد أحمد
الأحد، 21-03-2021 09:29 م
الصفوة فقط هم من يرحلون بعد أن يغرسوا لتأكل الأجيال من بعدهم و ترتوي من معين كتبهم التي و كأنها آبار وقف لا تجف فكلما شرب منها أحدهم دعى لهم و ذكرهم بخير فهم ليسوا كمن سيذكرون بسوء مادامت كتبهم تقرأ و أفكارهم تتداول و تناقش في مؤتمرات الحرية الزائفة و الجنس، رحم الله الشيخ و أسكنه فسيح جناته و تقبل منه كلمة الحق التي صدح بها لدى سلطان جائر لما خرست الألسن و تطايرت عمائم النفاق لأول رصاصة تطلق و عند أول سجين يصفد ظلما.