هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف تعامل السلطات المصرية مع ملف حقوق الإنسان، الذي يشهد انتهاكات واسعة، تخبطا واضحا، ورسائل متناقضة عن استعداد مصر لمعالجة هذا الملف، خاصة بعد فوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن، في انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وقبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية مطلع الشهر الجاري، أفرجت السلطات المصرية، في خطوة مفاجئة، عن 461 متهما في قضايا رأي، كانت ألقت القبض عليهم بين عامي 2014 و2019، بعضهم شاركوا في مظاهرات أيلول/ سبتمبر الماضي.
ووصف مراقبون وحقوقيون آنذاك، في تصريحات لـ"عربي21"، أن عملية الإفراج تأتي في سياق التحسب لفوز بايدن المتوقع، الذي وجه انتقادات صريحة وحادة لرأس النظام الانقلابي، عبد الفتاح السيسي، أثناء حملته الانتخابية، في حزيران/ يونيو الماضي، ما شكل صدمة لنظام السيسي.
وقال بايدن في تغريدة عبر تويتر: "محمد عماشة رجع إلى بيته أخيرا بعد 486 يوما قضاها في سجن مصري بسبب حمله لافتة احتجاج. إن اعتقال وتعذيب ونفي ناشطين مثل سارة حجازي ومحمد سلطان وتهديد عائلاتهم هو أمر غير مقبول. لا مزيد من إعطاء شيكات على بياض لدكتاتور ترامب المفضل".
— Joe Biden (@JoeBiden) July 12, 2020
خطوة للخلف
لكن في خطوة معاكسة، واستمرارا للحملة اﻷمنية، اعتقلت السلطات المصرية محمد بشير وكريم عنارة وجاسر عبد الرازق، المسؤولين في منظمة "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، (غير حكومية مستقلة)، في أيام متفرقة الأسبوع الماضي.
وتأتي الحملة الأمنية على "المبادرة" بعد زيارة قام بها 15 سفيرا أجنبيا للقاهرة في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، لمناقشة "أوضاع حقوق الإنسان بمصر".
اقرأ أيضا: السلطات المصرية تعتقل المدير التنفيذي لمنظمة حقوقية بارزة
وقبل اعتقاله مساء الخميس، وتعليقا على اعتقال زميليه "بشير" و"عنارة"، صرح المدير التنفيذي للمبادرة، جاسر عبد الرازق قائلا: إن الحساسية المفرطة التي ظهرت في التعامل مع هذه الزيارة، هي الاعتراف الأكبر بمدى سوء أوضاع حقوق الإنسان في مصر".
وأضاف في تصريحات صحفية أن "حقوق الإنسان جزء من اتفاقية الشراكة الأوروبية المصرية، وموضوع للتقييم السنوي كجزء من العلاقات الدولية عموما بين مصر هذه الدول".
انتقادات دولية
وأثارت تلك الحملة الأمنية انتقادات دولية واسعة، حيث أكدت منظمة العفو الدولية على أن السلطات المصرية أظهرت، من خلال اعتقال بشير، عدم تسامحها مع أي تحقق من سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، ما أرسل رسالة حادة إلى مجتمع حقوق الإنسان المحاصر".
من جانبها، أعربت الخارجية الفرنسية عن قلقها العميق من اعتقال المدير الإداري للمبادرة، التي قالت إنها منظمة تعمل على تعزيز حقوق الإنسان"، حسب بيان نشرته عبر حسابها بـ"تويتر".
بدورها، اعتبرت الخارجية المصرية البيان الفرنسي "تدخلا في شؤونها"، وأكدت في بيان لها "رفض ما تضمنه البيان الفرنسي من تدخل في شأن داخلي مصري، ومحاولة التأثير على التحقيقات التي تجريها النيابة العامة".
ووصفت الخارجية الكيان الحقوقي بأنه "كيان يعمل بشكل غير شرعي في مجال العمل الأهلي"، وذلك رغم تأسيس "المبادرة "عام 2002، ومقرها الرسمي بالعاصمة القاهرة، وفق موقع المبادرة على شبكة الإنترنت.
اهتزاز وارتباك
وصف رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، إسلام الغمري، موقف نظام السيسي بعد إزاحة حليفه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من البيت الأبيض "بالمرتبك والمتخبط جراء ذهاب ترامب الحليف القوي".
اقرأ أيضا: "العفو الدولية" تطالب مصر بإطلاق سراح اثنين من الحقوقيين
وأكد السياسي المصري، في تصريحات لـ"عربي21"، أنه لا شك أن نظام السيسي مهزوز ومرتبك فيما يتعلق بالملف الحقوقي الذي يزداد سوءا، بسبب اعتماده على القبضة الأمنية والبطش، ليس بالمعارضين فقط، بل والشعب".
وأشار رئيس الدائرة المصرية في مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى أن "القمع في نظام السيسي أسلوب حكم وأسلوب حياة، ظنا منه أن ذلك كفيل بإخضاع وتركيع الشعب المصري طوال الوقت، ولكنه وهم وسراب".
الخوف من مصير مبارك
السياسي والحقوقي المصري، عمرو عبد الهادي، أكد بدوره أن "تخبط السيسي واضح جدا في ملف حقوق الإنسان، وبدأت ملامحه منذ بدء حملة الانتخابات الأمريكية، ثم نجاح بايدن، لكن هذا التناقض له تفسير واحد".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "السيسي يحاول عمل توازن بين إرضاء بايدن وبين المحافظة على أسلوبه في القمع الذي اعتاد عليه منذ سبع سنوات".
لكن الرسائل المتناقضة، وفقا عبد الهادي، "تضر أكثر مما تفيد"، مضيفا أن "السيسي يعلم في قرار نفسه أن تخفيف قبضته الأمنية يعني خروج المصريين عليه وعلى نظامه، ثم سقوطه الحتمي".