مقالات مختارة

فريدمان .. سفير وقح فوق العادة

باسم برهوم
1300x600
1300x600

من المعروف أن أي سفير هو ممثل لبلاده كلها، وليس لشخص رئيس أو حزب دون آخر، وحتى لو كان مناصرا لحزب أو مرشح، فإنه ما دام يشغل هذه المهمة الدبلوماسية، فليس من العرف أن يظهر علنا مواقفه أو انحيازه.

 

السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان خرج عن هذا العرف بشكل سافر ووقح، فهو لم يعلن انحيازه للرئيس ترامب وحسب، بل هو يحرض على المرشح الرئاسي الديمقراطي جون بايدن. فريدمان الذي يقود هو وكوشنير عملية تصفية القضية الفلسطينية وحملة محاصرة الشعب الفلسطيني، يحرض الإسرائيليين والدول العربية من أن فوز بايدن هو سيئ لهم، لأن السياسة الأمريكية ستتغير تجاه إيران.


منذ البداية، كنا نقول إن فريدمان هو سفير ترامب وليس سفير كل الولايات المتحدة، لقد تم تعيينه ليشرف وينفذ إعلان الرئيس ترامب ضم القدس ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها. وتم تعيينه لينفذ صفقة القرن وممارسة كل أشكال الضغط على الشعب الفلسطيني وقيادته  ومحاصرتها اقتصاديا وماليا. والضغط عليه عبر أشقائه العرب من خلال التطبيع.

 

ولم يكتف فريدمان بهذه المهمة، بل كان شريكا لنتنياهو علنا في مخطط الضم وكل مشاريع الاستيطان والتهويد، وكان في كل ذلك لا يخفي عداءه للشعب الفلسطيني واندفاعه حتى أكثر من أي إسرائيلي في نهب الأرض والاستيطان، إضافة إلى وقاحته في انتهاك القانون الدولي بيديه عندما كان يضع حجر الأساس لمشاريع التهويد في القدس، والاستيطان في عموم الضفة الغربية.

هذا السفير، الذي يملك منزلا خاصا له في مستوطنة بيت إيل قرب رام الله يحرض العرب على بايدن بحجة إيران، ولكن خوف هذا المستوطن من أن يعود الموقف الأمريكي مؤيدا لحل الدولتين وبدل أن تصفى القضية الفلسطينية تجري تصفية صفقة ترامب. المشكلة في العرب الذين يصدقون هذا المستوطن الذي يحرضهم لدفع مزيد من الأموال لحملة ترامب الانتخابية.

الشعب الفلسطيني لا يمكن إلا أن يكون إلى جانب أشقائه العرب في مواجهة أي تهديد خارجي  من أي جهة كانت. فنحن جزء من أمتنا العربية، بل نحن الجزء الأكثر حماسا لقوميته العربية،  ولا نقبل المس بها بأي شكل. ولكن لا نقبل بأن يستخف المستوطن فريدمان بعقل الأمة ويقنعها بأن ترامب هو صلاح الدين الذي سينقذها من "العدو الفارسي" وأنه الوحيد وليس الولايات المتحدة هي المنقذ. المشكلة أن ترامب وإدارته لا يخفون أنهم  يحضرون صفقة شاملة مع إيران في حال فاز بفترة رئاسية ثانية، وبالتأكيد ستكون الصفقة لمصلحته ومصلحة إسرائيل ومن جيب العرب وأنه سلفا عمل على تصفية القضية الفلسطينية، وتصفية قضية القدس.

أي متابع لكل تصريحات وممارسات فريدمان سيلاحظ أنه المندوب السامي الجديد لاستكمال وعد بلفور. وليس هذا وحسب، وإنما لاستكمال المشروع الصهيوني الاستعماري؛ للسيطرة التامة على المنطقة العربية، وضمان استسلامها لأهداف هذا المشروع. إنه ليس سفيرا عاديا.. إنه أحد قادة مخطط الضم.

 

(عن صحيفة الحياة الجديدة)

0
التعليقات (0)