قضايا وآراء

حراك المصريين في سبتمبر.. دلالات وإلهاءات

عصام تليمة
1300x600
1300x600

فاجأ الشعب المصري الناس بخروجه، الذي بدا صغيرا، ومتقطعا، ولكنه يتزايد يوما بعد الآخر، فقد بدأ الناس بالنزول بعد دعوة الفنان والمقاول محمد علي للناس بالنزول يوم 20 أيلول (سبتمبر)، وكان الكثيرون قد ظنوا أنه لن يكون هناك أي درجة من التجاوب مع دعوته، ولكن نزل الناس، وبدأت رقعة التظاهر تزداد شيئا فشيئا، وإن كانت قليلة العدد، إلا أنها حوت عدة دلالات.

 

فقد أعطت الناس دفعة قوية من التفاؤل المعنوي، خاصة بعد مواجهة المتظاهرين لبعض سيارات الشرطة، وتعاملهم معها، وهو ما كان يحتاجه المؤمنون بالثورة، بعد أن دب اليأس في قلوب الكثيرين منهم، وهذا ما جعل بعضهم يرفض دعوات النزول للتظاهر، متحدثين عن أنه لا ينبغي لمن هو خارج مصر أن يدعو من بالداخل للنزول، وهي حجة مقبولة في إطار الخوف على الناس، لكنها ليست مقبولة دائما، فإن من بالداخل لا يقوى على الدعوة، فضلا عن نزوله للمظاهرات!

ومن الدلالات الجديدة في هذا الحراك: أنه كان على خلاف حراك ثورة يناير، الذي بدأ من مراكز المدن الكبرى، ثم انتقل إلى الأطراف؛ المدن والقرى، لكنه هذه المرة على العكس، فقد بدأ من القرى والأطراف، ومن الحواري الضيقة، ونأمل أن ينتقل إلى المدن الكبرى، والشوارع العامة الكبيرة. 

ومن دلالاته اللافتة للنظر: مشاركة الأطفال، وأحداث السن، بشكل كبير، فما من فيديو لمسيرة إلا وتجد فيها أطفالا بعدد كبير، تتراوح الأعمار بين الثامنة وما فوق بقليل، وهذا ما أعطى الحراك سرعة في الكر والفر، وكذلك في غل يد الأمن ـ نوعا ما ـ فلا شك أن استخدام العنف مع الأطفال سيكون مثار حديث الإعلام العالمي. وبخاصة في ظل اقتراب انتخابات رئاسية في أمريكا، وهو عامل يراعى في هذه الآونة. 

وزادت الدعوات لتظاهر جديد، يكون يوم الجمعة بتاريخ 25 سبتمبر، وما قبله، ونعتقد وما بعده، ولا نستطيع أن نجزم بأن هذا الحراك فيه الخلاص، أم لا؟ لكن علامات الخوف والقلق والتوتر التي تبدو من النظام، تخبر بأهميته، وبجدواه، مما جعلهم يحاولون إلهاء الناس بأخبار تشغلهم عن الحراك.

ويكفي أن نقف على أخبار يوم الأربعاء 23 أيلول (سبتمبر) وحده، فبدأ اليوم بخبر عن زواج الداعية معز مسعود بالفنانة حلا شيحا، وكأن الشعب المصري قد حُلّت كل مشاكله ولم يبق إلا أن يهتم بأخبار معز وحلا! ولم يهتم الناس! فلم يعد معز ولا أمثاله موضع اهتمام من الشعب، بعد مواقفهم المخزية من قضاياهم.

 

لا نستطيع أن نجزم بأن هذا الحراك فيه الخلاص، أم لا.. لكن علامات الخوف والقلق والتوتر التي تبدو من النظام، تخبر بأهميته، وبجدواه، مما جعلهم يحاولون إلهاء الناس بأخبار تشغلهم عن الحراك.

 


ثم في منتصف نهار اليوم خرج بيان مفبرك عن جماعة الإخوان المسلمين، زاعمين أنه صادر عن مجلس شورى الإخوان، وأنه بيان رقم واحد لسنة 2020، وأنه قرر بكامل أعضائه، رفض قرارات نائب المرشد الأستاذ إبراهيم منير الأخيرة، والهدف من البيان المفبرك: أن يحدث حالة من النقاش، ويتصل الصحفيون أو إعلام الانقلاب بمن يقدمون للشعب زورا بأنهم خبراء في الجماعات الإسلامية. وقد فوت الإخوان قيادة وأفرادا الفرصة على الإلهاء من النظام العسكري، فقد صدر البيان المفبرك ولم يشعر به أحد، بل أهمله الجميع.

ثم في آخر نهار اليوم، وجدنا خبرا ثالثا، وهو مقتل ضابطين وشرطي، وأربعة محكوما عليهم بالإعدام في سجن طرة، وهو خبر في غاية الغرابة، إذ كيف تمكن أربعة محكوم عليهم بالإعدام، وهم من تنظيم أنصار الشريعة، يعني: إسلاميين، ممن يتهمون بالعنف، فكيف تمكنوا من سلاح يقتلون به ضابطين وشرطي وهم في السجن؟!

والعجيب في الخبر أنهم يقولون: إنهم كانوا في فترة التريض الصباحية، وذلك في وقت يمنع فيه معتقلون سلميون كبار في السن من التريض، وقد سجنوا سجنا فرديا، وهؤلاء شباب ومتهمون في قضايا عنف، وخرجوا للتريض الجماعي؟!! خبر مثير للتفكير، من حيث طريقته، ومن حيث توقيته.

الدلالات والإلهاءات التي يمكن رصدها في هذا الحراك البسيط في شكله، المهم في أثره، يوحي بأن وراءه شيء جديد غير ما كان من أحداث سبتمبر 2019، لا نستطيع الجزم بما سينتج عنه، لكن من الواضح أن سبتمبر الماضي، غير الحالي، سواء في أسباب حراكه، أو نوعية المشاركين فيه، أو تداعياته، وآثاره، وبخاصة أن هناك دعوة لجمعة غضب يوم 25 سبتمبر، فهل تكون جمعة بداية لحراك أقوى؟ نتمنى، وما ذلك على الله بعزيز.

[email protected]

التعليقات (2)
الكاتب المقدام
الجمعة، 25-09-2020 01:02 ص
2- التسريبات الإعلامية التي تهدف إلى شغل الرأي العام المصري والهائه وتشتيته بإذاعة أخبار مفبركة، هي صنعة قديمة لأجهزة الإعلام والدعاية للحكومات الاستبدادية، وفي لقطات مسجلة لاجتماع للسيسي في ديسمبر 2012 مع مجموعة من ضباطه اذاعته شبكة رصد، قال لهم فيه: "أن التعامل مع الإعلام، يحتاج لوجود "أذرع"، وإيجاد هذه الأذرع يحتاج إلى وقت وجهد طويل"، ورغم أن كلمة الأذرع الإعلامية فيها إهانة شديدة للإعلاميين وحط من شأنهم، ويظهر ازدراء السيسي والعسكر لهم، ويقصر دورهم على نشر الأخبار الملفقة والترويج لأكاذيبهم، فلم يبد أحدهم أي استنكار، فقد تحولوا إلى مجرد أبواق تردد ما يملى عليها، وفي ذات الجلسة تحفظ ضابط على المتحدث العسكري الضابط احمد علي وصورته، (لما عرف عنه من مظهر ناعم وتحدثه بميوعة)… فقال السيسي: "أنا عاوز أقول لك: أحمد علي جاذب جدا للستات"، والواقع أن هذا الإعلام الموجه ورغم المليارات التي تنفق عليه من أموال الشعب قد وصل إلى درجة غير مسبوقة من الهراء والانحطاط، ولولا دعم حكومة الانقلاب ودعم بن زايد وبن سلمان لانهارت تلك المؤسسات الإعلامية بين يوم وليلة، وتظهر قنواتهم ومواقعهم كاليوم السابع والبوابة والبلد وتحيا مصر والنهار وعشرات غيرها بأنها اصبحت نسخ مكررة من بعضها البعض، وتظهر أعداد متابعي فيديوهاتهم على اليوتيوب انفضاض الناس عنها، ولم يعد كثير من المصريين يثقون فيما ينشرونه عن منجزات النظام الانقلابي، بعد أن تدهورت أحوالهم الاقتصادية والمعيشية، ولم يعد يحيط بالانقلاب إلا مجموعة صغيرة لا تزيد عن 1 % من المصريين من المشاركين للعصابة الانقلابية في نهب ثروات الشعب، وبعض العلمانيين والمتغربين وأبناء الطوائف من الكارهين للهوية الدينية الأصيلة لغالبية الشعب المصري، وبعد سبع سنوات من اغتراف السيسي من أموال الديون الداخلية والخارجية وتبديدها في مشروعات مظهرية فاشلة، تنزلق مصر بسرعة إلى شفير الإفلاس، وبتنا قاب قوسين أو أدنى من موجة ثورية جديدة ستكون أوسع نطاقاُ وأكثر عنفاً وأطول نفساُ وأعلى تصميماُ من سابقاتها، وستثأر فيها جماهير الشعب المقهورة لنفسها من العصابة الانقلابية وداعميها وتابعيها، والله أعلم.
الكاتب المقدام
الخميس، 24-09-2020 11:01 م
1- غالبية الشعب المصري امتلأت نفوسهم بالسخط والغضب من عصابة الانقلابيين، وسيرون منهم قريباً ما كانوا يحذرون، وهم أكثر وعياُ وعزماُ وقدرة من كثير من نخبة المنظرين والمتحدثين، وعندما تأتي لحظة الموجة الثورية القادمة سيقومون قومة رجل واحد، وسيبرز من بينهم قيادات ميدانية تقود حراكهم، وسيعلمون كيف يستردون حقوقهم، ويومئذ سيندم الجنرال الانقلابي الدجال، وسيلقى مصيره الذي يستحق في مزبلة التاريخ، وسينفض من حوله الداعمين والمؤيدين، وستنكشف عورات المصفقين والمطبلين، ودون التقليل من محمد علي ودوره، فهو ككثير من المصريين ابن بلد جدع وشجاع، وأقرب لهم من شخصيات كوائل غنيم الذي روجت لمسرحيته الهزلية أبواق دعائية مشبوهة في الداخل والخارج، وقدمته زوراُ باعتباره مفجر ثورة 2011، ورغم تحوله إلى أراجوز، فقد كرمه الغرب الصليبي الصهيوني، فاختارته مجلة التايم الأسم الأول في قائمة أكثر 100 شخصية تأثيراً حول العالم، ومنح جائزة جون كينيدي السنوية في الشجاعة كرمز لثورة يناير، والجائزة السنوية لحرية الصحافة من منظمة مراسلون بلا حدود، أو كأراجوز آخر بذئ اللسان خبيث الطوية كباسم يوسف الذي وضعته التايم ايضاُ ضمن أفضل 100 شخصية مؤثرة في العالم عام 2013، كما اختير برنامجه المروج للأكاذيب والتلفيق والشردحة، من يوتيوب كأفضل برنامج في 2013، كما منح جائزة حرية الصحافة الدولية 2013، من قبل لجنة حماية الصحفيين، يجوز لأنهم علموا بما لم نعلمه بأن الرئيس الشهيد مرسي قد وضعه في غياهب السجون، أمثال تلك المسوخ الهزيلة البذيئة يروج لها الغرب الصليبي الصهيوني باعتبارها ممثلة لنا، والشعب المصري الأصيل برئ منهم ومن أفعالهم، أو كالدعاة الجدد الذين صنعهم الغرب الصليبي الصهيوني على عينه ليصيغوا لنا ديناُ جديداُ (كيوت) لا جهاد فيه، كعمرو خالد وغيره، وهو كأشباهه من الأراجوزات والأقزام وضعته مجلة تايم الأمريكية في 2007 في قائمتها السنوية للمئة شخصية الأكثر تأثيراً في العالم، واختارته مجلة فورين بوليسي الأمريكية ضمن أشهر عشرين شخصية مثقفة ومؤثره عالمياً، واعتبرته مجلة النيوزويك ضمن قائمة الطبقة المتميزة في 2008. (المصدر ويكيبيديا).