قضايا وآراء

وحدة المعارضة المصرية.. تحديات وفرص (2)

محمد عماد صابر
1300x600
1300x600
استكمالا لما سبق في المقال الأول، فتعليق إزاحة الانقلاب العسكري في مصر وإعادة المسار الديمقراطي (الابن الشرعي لثورة يناير) على وحدة الصف المعارض؛ هو إعلان رسمي عام بأن شيئا لن يتم، لا وحدة المعارضة ولا إزاحة الانقلاب، وسيبقى الوضع على ما هو عليه، وعلى المتضرر أن يبحث عن بدائل أكثر جدية وفاعلية.

تاريخ المعارضة المصرية ومنذ عقود؛ هو تاريخ شقاق لا وفاق، صراع لا تفاهم وتنسيق، بل العكس، إن كل ألوان المعارضة المدنية والإسلامية كان تفاهمها مع نظام الحكم المستبد أسهل وأسرع من التفاهم مع بعضها البعض.

ذلك لأن ثقافة التفاهم والقبول والتنسيق والوحدة ليست ثقافة المعارضة ولا الحكم، ولا ثقافة المنطقة، فإن نظم التربية والتعليم والتنشئة والتكوين هي ثقافة اللون الواحد والصوت الواحد، والسائد فيها ثقافة الاستقطاب الفكري والثقافي والأيديولوجي. هكذا هو نتاج وإنتاج مؤسسات دول هذه المنطقة، ومصر ليست بدعا عنها.

الشواهد القريبة تؤكد غياب وحدة الصف المعارض، حتى في ثورة يناير لم تتوحد المعارضة، وحالة الوحدة الوحيدة تمت في 30 حزيران/ يونيو 2013 تحت رعاية الأجهزة المخابراتية للمربع الصهيوخليجي، وكان من تداعياتها إجهاض الثورة وقتل المسار الديمقراطي الوليد وإهدار إرادة الشعب، نكاية في فصيل كان شريكا في مربع المعارضة وأصبح في الحكم.

بل إن حركات التحرر الوطني ضد المحتل الغاصب وليس المستبد الفاسد في غالبية البلدان، ومنها لبنان وفلسطين وأفغانستان وغيرها، لم تتوقف على الإجماع الوطني للصف المعارض بل العكس كان، فجزء من النخبة مع المحتل وفقا للمصالح الشخصية الضيقة، وجزء آخر ضد المحتل بالمقاومة المسلحة وفق معطياته التي فرض بها واقعا مشهودا.

الخلاصة، حتى نتحول من الأقوال إلى الأفعال، أو من ردود الفعال إلى الأفعال، ومن الأفعال العشوائية إلى الأفعال المقصودة المدروسة المخطط لها، يكفي أن يكون لدينا توافق عام على عدة منطلقات هي: إزاحة الحكم العسكري، وتأكيد مدنية الدولة، وتجنب الإقصاء والحذف، وتحرير عشرات الآلاف من السجناء والمعتقلين السياسيين وتعويضهم ورد الاعتبار لهم، واسترداد حقوق الشعب المصري في ما تم التفريط فيه، برا وبحرا وغازا ونفطا.

ووفقا لما سبق، لا داعي مطلقا للوقوف أمام وحدة الصف الوطني والتعامل معها كحتمية عقائدية، بل إنها مطلب وأمل إن لم يحدث اليوم فربما يحدث غدا أو بعد غد، أو لا يحدث مطلقا، وفقا لقاعدة ليست كل الأماني ممكنة.

الأهم من وحدة الصف، هي وحدة الجبهات الداخلية للكيانات المعارضة والتي أصابها ما أصابها، من انشقاق تنظيمي وانحراف فكري واختراق أمني، ولينطلق الكيان الأكثر جاهزية في مشوار إزاحة الانقلاب، يلحق به من يلحق ويتأخر عنه من تأخر، وللحديث نهاية قادمة.
التعليقات (0)