ملفات وتقارير

مخاوف من "التحول الرقمي" للقضاء السوداني بأيد أمريكية

عبد الباري أعلن عن اتفاق مع شركة أمريكية للتحول الرقمي لوزارته- تويتر
عبد الباري أعلن عن اتفاق مع شركة أمريكية للتحول الرقمي لوزارته- تويتر

أثارت تصريحات وزير العدل السوداني، نصر الدين عبد الباري، مساء السبت، ،عن ترتيبات تجريها وزارته، مع شركة أمريكية، بهدف التحول الرقمي في كافة خدماته وزارته، تساؤلات بشأن تداعيات هذه الخطوة على مرفق سيادي، في ظل تنفيذه على يد شركة أمريكية.

وقال عبد الباري، خلال لقاء مع التلفزيون السوداني، إنه وقبل نهاية السنة الثانية، ستكون كافة خدمات الوزارة "إلكترونية"، موضحا، أن شركة أمريكية وأخرى سودانية، تقومان حاليا بعمل دراسة وترتيبات، حول التحول الرقمي الكامل للوزارة.

ولم يكشف الوزير السوداني، عن اسم الشركة أو الطريقة التي تم اختيارها بها. وهو ما حذر من خطورته محللون، على مرفق حساس مثل جهاز القضاء.

 

تفكيك منظومة

الكاتب والصحفي خالد الأعيسر، قال إن خط الحكومة الانتقالية، يتضح كل يوم أنه مبني على عقيدة وثقافة، من "جاؤوا للحكم من خلف البحار".

وأوضح الأعيسر لـ"عربي21"، أن أغلب المشاركين في الحكومة الانتقالية، خريجو جامعات أمريكية وأوروبية، وحتى وزير العدل الحالي جاء من جامعة جورج تاون الأمريكية، وهم امتداد للثقافة الأمريكية، ويلبون ما يتوافق مع سياساتها ومصالحها، وهو ما تريده واشنطن من أجل تفكيك المنظومة التي حكمت السودان لزمن وهو أمر غير معلن للسودانيين".

ورأى أن الخطورة في الاتفاق مع شركة أمريكية، لـ"رقمنة" عمل وزارة العدل، هو "في إمكانية اختراق جهاز سيادي، ومعرفة ما يدور في السودان، وكشف كافة أوراقنا لأجهزة المخابرات العالمية، وخاصة الأمريكية".

ووجه الأعيسر انتقادات لسلسلة قرارات اتخذتها الحكومة السودانية المؤقتة، و"توجهها نحو الغرب" على حساب علاقاتها السابقة وقال، "تجاهل السيرة التاريخية للسودان، ليس مفيدا".

 

وتابع: "بالنظر إلى أحدث المشاريع الحيوية في العقود الأخيرة والتي كانت شرقية مع الهند وروسيا والصين، الآن بات التعامل مع أمريكا من أجل رفع العقوبات وشطب البلاد من قائمة الراعين للإرهاب رغم أن خطب ود أمريكا كان حتى عند السابقين لكن بتنازلات أقل".

وشدد على أن "سقف الولايات المتحدة، في تركيع الشعوب، غير محدود، وهناك اشتراطات لتغيير المناهج، وهناك شروط غير معلنة يجب أن تلبى خلال الفترة الانتقالية" مضيفا، "هناك من اختطف الثورة لتمرير أجندات وهناك قرارات مصيرية مررت قبل أن ينتخب السودان برلمانا وحكومة".

 

اقرأ أيضا: تعديلات حمدوك.. استجابة للشارع أم اتفاق مع حركات مسلحة؟

 

دول موثوقة

 

من جانبه حذر المحلل السياسي السوداني، أحمد علي عثمان، من "خطورة، وضع أسرار القضاء السوداني، بأيد أجنبية، وخاصة الأمريكية".

وقال عثمان لـ"عربي21" إن "قرار الحكومة مرتهن للخارج، واطلاع شركة أمريكية على التحريات والسجلات والبيانات العدلية السيادية في السودان، أمر بالغ الخطورة".

وأشار إلى أن مكمن الخطورة أيضا، في "توقيع حكومة انتقالية على عقود، طويلة الأجل، وهو ما سيلقي بظلاله على اللاحقين خاصة إن كانت حكومة منتخبة ديمقراطيا".

وأضاف: "هذه الشركات ربما تحصل على حق إدارة الملفات السيادية لأكثر من 10 أو 20 عاما، وبالتالي جميع أسرارك لهذه الفترة وحتى في العهد السابق، ستكون بأيديهم، ولن يكون حتى للمهندسين السودانيين القدرة على الحصول على أسرار التحول الرقمي لأن من يملكه ليس في السودان".

وأشار إلى أن هذه الاتفاقية، "ستلقي بظلالها بلا شك، على الأمن القومي، كونها وزارة سيادية، وكل صغيرة وكبيرة، داخل الجهاز سيكون الخارج على اطلاع به، رغم ما يمكن أن يقال عن توقيع بنود سرية وغيرها من الحجج، خاصة أن الأمن السبراني في العالم، لإسرائيل نصيب كبير منه".

ورأى أن إسراع الحكومة الانتقالية، في اتخاذ هكذا قرارات وتوقيع هذه الاتفاقيات، "محاولة لاستباق وجود حكومة منتخبة، لا يمكنها الاقدام على مثل هكذا خطوات".

وتابع: "ملفات السودان في الفترات السابقة، ربما تتسرب إلى الخارج، ويضع السودان أمام محاكم دولية، إذا وجدت ذرائع وكشفت أسرار خاصة بسبب ما تقوم به الحكومة الانتقالية".

وعلى صعيد حاجة السودان، لخبرات خارجية في التحول الرقمي، قال عثمان: "لو كنا نفتقر لهذه القدرات، فكثير من الدول الصديقة والشقيقة، لديها خبرة واسعة في هذا المجال مثل تركيا ودول عربية أيضا".

وشدد على أن السودان بحاجة إلى "دول موثوقة، من أجل التعاون معها في هذا المجال أكثر من الولايات المتحدة" مضيفا، "الهند بلد صديق، وله خبرة كبيرة في القطاع الرقمي، فضلا عن الطاقات السودانية التي يمكن أن تدرب في الخارج، لتبقى أسرارنا بأيدينا".

ولفت إلى أن "إعلان الوزير عبد الباري، عن الشركة الأمريكية، دون طرح مناقصة أو كيفية اختيارها أو حتى اسمها، يلقي بظلال من الشك، وتم بالظلام".

التعليقات (1)
خالد بكري
الإثنين، 13-07-2020 09:37 ص
الأعيسر والإنتقاد من أجل الإنتقاد، العالم كله حوكمته مرقمنة، صباح الخير يا بابا