صحافة دولية

FP: أسباب تدفع بمواجهة باكستانية هندية بعد الهدوء مع الصين

بحسب "فورين بوليسي" فإن فكرة المواجهة مع باكستان ترغب نيودلهي أن تبعث من خلالها تطمينات داخلية بقوة الجيش- جيتي
بحسب "فورين بوليسي" فإن فكرة المواجهة مع باكستان ترغب نيودلهي أن تبعث من خلالها تطمينات داخلية بقوة الجيش- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لفهد هومايون، قال فيه إن أسوأ المناوشات بين الهند والصين في جبال الهمالايا لعقود هدأت الآن، ولكن لا يزال شبح الأزمة يخيم على جنوب آسيا التي تتسلح بالنووي.


وأعلنت الهند الأسبوع الماضي نيتها تخفيض مستوى التمثيل مع جارتها باكستان، وكانت المرة الماضية التي طلبت فيها الهند التخفيض عام 2001 بعد الهجوم على مقر برلمانها.

 

كما أن العلاقات الثنائية بين البلدين أصبحت متوترة، بعد أن ألغت نيودلهي من جانب واحد الوضع الخاص للأراضي المتنازع عليها في جامو وكشمير في 5 آب/ أغسطس 2019، وكثفت من حملتها القمعية في المنطقة.


وتساءل هومايون قائلا: "ما علاقة المناوشات مع الصين بعلاقة باكستان مع الهند؟ مجيبا: باختصار، هناك خمسة أسباب تربط بين ما حدث في الهمالايا، باحتمالية مواجهة هندية باكستانية قادمة.

 

والأسباب الخمسة هي:

أولا

صمت الهند بعد المناوشات في وادي جالوان أثار تساؤلات لوجستية كبيرة تتعلق بسمعة نيودلهي ودورها الذي سوقت له كقوة موازنة للصين في منطقة المحيط الهادي الهندي.

 

ومع أن نيودلهي تبنت موقف عدم انحياز خلال الحرب الباردة، إلا أن موقعها كقوة دبلوماسية وعسكرية إقليمية في وجه الصين اكتسبت أهمية جديدة عندما سعى الرئيس جورج بوش الابن أن يستعين بها كشريك استراتيجي ووافق على بيع تكنولوجيا نووية لها. وحديثا أعلنت نيودلهي وواشنطن عن توسيع شراكتهما الدفاعية بما في ذلك صفقة أسلحة قيمتها 3 مليارات دولار.

 

وإن كانت القدرات العسكرية هي التي تؤثر على الخيارات السياسية فإن المسرح مع باكستان مناسب لنفي ضعف الهند تجاه الصين. 


ثانيا

منذ توليه السلطة عام 2014 أثبت رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي استعداده وقدرته على الوفاء بوعوده القومية في الوطن، وخاصة عندما واجهت حكومته صعوبة في الوفاء بالوعود الاقتصادية. فمع أن الهند شاهدت النمو في إجمالي الناتج العام يتراجع إلى أدنى معدلاته خلال 11 عاما، سعى حزب بهارتيا جاناتا (بي جي بي) بزعامة مودي إلى تعزيز القاعدة السياسية بتوكيد الوعود القومية – من إلغاء للوضع الخاص لجامو وكشمير (والمتنازع عليها مع باكستان منذ عام 1947) إلى بناء معبد هندوسي على موقع مقدس متنازع عليه كان يقوم عليه مسجد بابري.

 

ومنذ الإجراءات الهندية في كشمير العام الماضي قام السياسيون الهنود برفع الوتيرة مع باكستان بإعلان نيتهم "تأمين" المناطق الواقعة تحت الإدارة الباكستانية في أزاد كشمير وغيلغيت بولتستان.

 

وفي وقت سابق من هذا العام قال رئيس الأركان الهندي الجديد إن الجيش الهندي "جاهز للسيطرة" في مناطق كشمير التي تديرها باكستان إن وجهته الحكومة الهندية، وفي نفس الشهر قال مودي إن الهند بحاجة إلى سبعة إلى عشرة أيام لهزيمة باكستان في الحرب. وقبل أسبوعين، كرر وزير الدفاع الهندي بأن احتلال كشمير باكستان "هدف معلن للبرلمان الهندي". 


ثالثا

مع عودة الهدوء إلى الجبهة الهندية الصينية فإن ذاكرة المبارزة الجوية القصيرة والمتوترة بين الهند وباكستان خلال شهر شباط/ فبراير العام الماضي لا تزال حية في كل من إسلام آباد ونيودلهي، فبينما قامت باكستان بإسقاط طائرة ميغ-21 واعتقلت الطيار الذي أعادته للهند في الاشتباك الجوي، ادعت الهند أنها أسقطت طائرة ف-16 باكستانية. وتحول الاشتباك الجوي فوق كشمير إلى حرب سرديات: حيث رفضت باكستان الادعاءات الهندية وقالت إنها لم تخسر أي طائرة مقاتلة.


وفي الأيام التي أعقبت الاشتباك نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا حول تداعيات خسارة الهند طائرة مقاتلة لبلد جيشها نصف جيش الهند ويحظى بربع التمويل. ودعا حزب شيف سينا اليميني منذ ذلك الحين لقيام الهند بضربات دقيقة على باكستان لإحكام قبضة بي جي بي على كشمير.

 

وعندما ادعت الصحف الهندية أن الهند قتلت "300 – 400 إرهابي" في غارة جوية على بالاكوت شهر شباط/ فبراير، العام الماضي، ردت باكستان بقولها إن الأهداف "لم تزد عن كونها صخور وأشجار". ومنذ العام الماضي هاجمت المعارضة الهندية مودي بشأن فصل بالاكوت. وفي الوقت نفسه شككت شركات الاستطلاعات في مدى استفادة حزب بي جي بي الانتخابية حقيقة من ضربات بالاكوت في انتخابات 2019. وصعوبة القرار بالنسبة لمودي هي أن صدام بالاكوت يحتاج إلى فصل نهائي أقل غموضا، وأقل من ذلك سيفهم محليا على أنه تراجع أمام عدو أضعف. 


رابعا

في المواجهة مع الصين كانت الخسائر التي تكبدها الجيش الهندي فرصة لسياسيي المعارضة الذين سارعوا إلى شجب حزب بي جي بي لقلة جاهزيته وفي بعض الأحيان الاستسلام تماما. وقد يكون الصراع مع باكستان مرهم ضروري للإعلام الهندي المحبط والذي يسيطر عليه بشكل كبير الحزب الحاكم.

 

وبحسب تحليل بعد هجوم على قافلة عسكرية في كشمير في شباط/ فبراير العام الماضي، حصل مودي تقريبا على تغطية إعلامية كاملة بالرغم من نشاط المعارضة السياسية في نفس الوقت.

 

خامسا

العامل الأخير الذي يوضح لماذا قد تؤدي المواجهة بين الصين والهند إلى توتر مع باكستان له علاقة بمن يشغل البيت الأبيض حاليا، الرئيس دونالد ترامب. فمؤيدو علاقة هندية أمريكية قوية ضغطوا بقوة لإبراز صورة إيجابية عن العلاقات الثنائية ساعدهم في ذلك بعض المظاهر الرمزية.

 

وعلى الصعيد الاقتصادي قبل جائحة كورونا كان الاقتصاد الهندي والعلاقات الاقتصادية الهندية الأمريكية تسير باتجاه سلبي. وعرض ترامب ثلاث مرات أن يتوسط في الصراع الهندي الباكستاني بشأن كشمير، وهي أكثر مرة تصدر عن مسؤول أمريكي منذ أن عرض الرئيس بيل كلينتون الوساطة بعد حرب قصيرة على كارجيل.

 

وكانت نيودلهي تقليديا ضد فكرة وساطة طرف ثالث، بناء على اتفاقية سيملا لعام 1972 بين الهند وباكستان حيث اتفق الطرفان على حل الخلافات معا. والمفارقة أن نفس اتفاقية سيملا تملي على أن لا يقوم أي من الطرفين بتغيير وضع جامو وكشمير أحاديا – وهو ما فعلته الهند عندما قامت بإلغاء الوضع الخاص لكشمير في آب/ أغسطس الماضي.

 

ومع أن أزمة هندية- باكستانية بعد فترة قريبة جدا من المواجهة مع الصين ليست نتيجة حتمية، إلا أن التوجهات الحالية تشير إلى احتمالية ذلك. وفي الماضي، قام الزعماء الذين يواجهون مشاكل باتباع استراتيجية خطيرة ومتنوعة لبدء صراع آخر للتغطية على الفشل في مناوشات سابقة. ومع توفر الظروف المحلية والإقليمية للقيام بذلك فإن أزمة جنوب آسيا القادمة قد تندلع بأسرع مما نتوقع.

 

للاطلاع على النص الأًصلي (هنا)

التعليقات (0)