مقالات مختارة

بعد تركيا وإيران وإسرائيل... هل حان دور إثيوبيا؟

عريب الرنتاوي
1300x600
1300x600

المناوشات الحدودية بين السودان وإثيوبيا قديمة ومتكررة، وتعود لعشرات السنين إلى الوراء، وهي ناجمة عن إخفاق البلدين في إنجاز مهمة «ترسيم» الحدود، والتداخلات القبلية والسكانية، والنزوح الموسمي لقاطني تلك المناطق تبعا لتعاقب مواسم الأمطار والجفاف، وعلى الدوام سعى البلدان في منع تطور هذه المناوشات أو أزمة سياسية تهدد علاقاتهما الثنائية، وكانت دائما لديهما انشغالات أكبر، تصرف انتباههما على إشكال محلي هنا، واشتباك قبلي هناك.
هذه المرة، تبدو الصورة مختلفة، إشكال حدودي يتطور بسرعة إلى «أزمة دبلوماسية» بين البلدين، تستوجب استدعاء السفير الإثيوبي في الخرطوم لإبلاغه رسالة احتجاج على قيام الجيش الإثيوبي باختراق الحدود السودانية، ومهاجمة نقاط للجيش السوداني غربي نهر عطبرة في ولاية القضارف السودانية الحدودية. هنا، الحديث يدور عن اشتباك بين قوات نظام نظامية تتبع لكلا البلدين، وليس عن مناوشات بين قوات دفاع شعبي مدعومة من الحكومة السودانية ومليشيا «الشفتا» المدعومة من الجيش الإثيوبي.
وهذه المرة أيضا، يكتسب توقيت «المناوشات» أهمية خاصة، إذ يأتي على خلفية الخلاف بين البلدين حول ملف سد النهضة، سيما بعد أن أحدثت الخرطوم مؤخرا استدارة في مواقفها لصالح الموقف المصري، بعد أن بدا لأشهر عديدة أنها أقرب لأديس أبابا منها إلى القاهرة، وقد بررت مصادر سودانية هذه النقلة، باتهام الحكومة الإثيوبية بخذلان الخرطوم وتخليها عن التزامات سابقة. 
التوتر على الحدود السودانية الإثيوبية، استدعى قيام رئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، بزيارة للمنطقة، وتفقد المواقع الحكومية والعسكرية لبلاده هناك، تبعتها زيارة لرئيس الحكومة السودانية الانتقالية عبد الله حمدوك للمنطقة ذاتها، وللغرض ذاته، ودائما في مسعى لتوجيه رسائل للعاصمة الإثيوبية، بأن السودان يعرف ما يدور في تلك المنطقة، ولن يقبل باستمرار «التمادي» على سيادته و«التعدي» على مصالح مواطنيه وحياتهم في تلك المنطقة.
والحقيقة أن إثيوبيا التي أظهرت استهتارا واستخفافا مؤسفين، بحقوق دولتي الممر والمصب لنهر النيل، ومضت قدما في مشاريع بناء السد، وقررت من جانب واحد، رزنامة ملئه بالماء، لا تبدي قلقا حيال التحركات الميدانية أو الدبلوماسية السودانية، في ملف أقل أهمية بكثير من ملف «مياه النيل». والأرجح أن الجيش الإثيوبي ومليشيا «الشفتا» سيواصلان توفير الحماية لألوف المزارعين و«الرعيان» الإثيوبيين الذين يزرعون أراضي السودانيين، ويرعون مواشيهم فيها، دونما اكتراث باستدعاء السفير أو ببلاغات الاحتجاج الدبلوماسية.
إثيوبيا تستشعر «فائض قوة» وهي تراقب المشهد العربي فائق الضعف، وهي تعتقد أنها بما حققته من إنجازات سياسية واقتصادية في الداخل، ومن توسع في علاقاتها الدولية في الخارج، قادرة على المضي في طريقها لأن تصبح قوة إقليمية وازنة، حتى وإن جاء ذلك على حساب حقوق مائية عربية، أو بانتهاك سيادة جوارها السوادني وحدوده.
إثيوبيا قرأت جيدا تجربة الضعف التفاوضي العربي حول قضية ترقى إلى مستوى «الحياة والموت» بالنسبة لدول حوض النيل، والأرجح أنها قرأت بتمعن دروس الاختراقات الإيرانية والتركية والإسرائيلية للعمق الاستراتيجي العربي، الجغرافي والمائي والأمني، من المشرق والخليج إلى شرق المتوسط وشمال أفريقيا، وهي تتطلع بدورها، لأن تكون لها حصة من «تركة الرجل العربي المريض»، بدءا بمياهه، ولا بأس إن سيّجت نفسها بـ «منطقة آمنة جديدة»، أو حولت ولاية القضارف ذاتها إلى «مزارع شبعا ثانية» أو «غور الأردن الجديد».

 

(الدستور الأردنية)

 

 

4
التعليقات (4)
العمق العربي الاستراتيجي
الإثنين، 01-06-2020 11:39 ص
العمق العربي الاستراتيجي .. أعجبتني هذه النكتة
عقول مسوسة
الإثنين، 01-06-2020 11:34 ص
كالعادة أفكار عروبية عفنة .. فقدتم كل معاني العزة وتريدون الآن تبرير فشلكم وهزيمتكم بحجة أن تركيا اخترقت العمق العربي الاستراتيجي .. العمق العربي الاستراتيجي لا يتحقق إلا بإزاحتكم وأزاحة أفكاركم العفنة والمسوسة من العمق العربي .. صدعتم رؤوسنا بالخبث والعفن الذي يخرج منكم .. باختصار : حلّوا عنّا ، ما كسبنا منكم إلا الهزيمة والخزي بعد الهزيمة والخزي .. اتركوا الشعوب العربية وشأنها .. هي التي تقرر ما هو مصيرها .. ولقد قررت واصطفت مع الأتراك .. والواقع يشهد بذلك
الخبث الرنتاوي
الإثنين، 01-06-2020 08:35 ص
يا رنتاوي... تركيا أعادت لمصر حقوقها التي فرطت فيها وتساعد في حماية الشعب السوري والأراضي السورية من التقسيم والاستعمار واستنزاف خيرات البلد وتأوي لاجئين سوريين عجز العالم عن ايوائهم ..كما تساعد الشعب الليبي في الدفاع عن وجوده وحقوقه من القتل العمد والاستعمار ونهب خيراته وعبر اتفاقيات قانونية وتدافع عن الشعب الفلسطيني والقدس وعن الروهينغيا وعن الايغور وغيرهم ومن يدخل تركيا هو آمن ومكرم ومرحب به . عندما نحاول أن نكون موضوعيين لنكن كذلك أما القوادة والفكر الخبيث هو ما يجعلنا في مؤخرة+الحقيقية+ الأمم . مقالك هذا بوضعك لاسم تركيا في غير موضعه ومحله وتشبيهها بايران والصهاينة المحتلين لا يساوي شيئا بقدر ما يظهر أنك لا تتكلم من محض قناعتك
محمد
الإثنين، 01-06-2020 02:34 ص
احذف تركيا من العنوان ....