هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط مارتن شولوف، تحت عنوان "أين الغضب الذي كان هناك ذات مرة، القضية الفلسطينية تثير اللامبالاة"، يقول فيه إن دول المنطقة لم تعد تنظر للقضية الفلسطينية بصفتها موضوعا مركزيا أو قضية تستحق الدفاع عنها.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن فلسطين ظلت وخلال السبعين عاما الماضية الموضوع الذي يحفز الشارع العربي، فمن اليمن إلى المغرب، في المناطق بينهما كلها أنشدت من أجلها الأناشيد، وألقيت الأغاني التي تتحسر عليها، وتجسدت في الأشعار مع مرور العقود دون دولة فلسطينية، وصعد رجال الحكم في العالم العربي من خلال القضية، ورفعوا شعار الدفاع عن شعب بلا أرض، وشنوا الحروب وخسروا باسمها.
ويجد شولوف أنه بعد غزو العراق عام 2003 بدأ هناك تغيير بطيء، وأصبحت إيران مع مرور الوقت الشغل الشاغل للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وأصبح الفلسطينيون في المرتبة الثانية، مشيرا إلى أنه جاء بعد ذلك دونالد ترامب، وأصبح الموضوع الذي كان حاضرا في المنطقة بلا مقعد في حفلة الأوركسترا ولا حتى ذكر له.
وتقول الصحيفة إنه "لم يتم تلقي خطة ترامب التي طال انتظارها في الشارع العربي بحماس أو غضب، فقط لامبالاة في منطقة لم تعد فيها القضية الفلسطينية مركزية لمصير العرب، فهل غير البندول موقعه عندما حضر سفراء الإمارات العربية المتحدة وعمان والبحرين حفلة الإعلان عن الخطة في البيت الأبيض؟ فلم يعد هناك دعم بالسر أو في الظل، بل أصبح مصادقة علنية".
ويلفت التقرير أنه حتى في الأردن ولبنان، المرتبطين أكثر بالقضية الفلسطينية فإنه كان هناك غضب قليل، ففي الوقت الذي كان يتحدث فيه ترامب زينت شوارع ومباني جنوب بيروت، التي كانت ذات مرة ساحة للمقاومة الفلسطينية، صور القيادي العسكري الإيراني قاسم سليماني، الذي قتل في غارة أمريكية في بغداد هذا الشهر، وقال حزب الله، الوكيل عن إيران في لبنان، إن خطة ترامب لم تكن لتحدث دون تواطؤ وخيانة بعض الدول العربية، مشيرا إلى أن بقية العاصمة اللبنانية شعرت بثقل موضوع أهم، وهو كيفية التغلب على المصاعب الاقتصادية.
وينوه الكاتب إلى أن الرياض، التي بنت نفوذها في المنطقة من خلال دعمها للقضية الفلسطينية، التزمت الصمت، وكذلك أبو ظبي، التي تشترك مع الرياض في القلق من إيران والإخوان المسلمين، وتعرب عن سخطها من علاقة الأخيرة مع حركة حماس الفلسطينية، لافتا إلى أنه في القاهرة، التي كانت في السنوات الأولى للمقاومة الصخرة التي استند عليها الفلسطينيون، لم يكن هناك حديث عن خطة مزقت الاتفاقيات التي وقعت في السابق كلها.
وتبين الصحيفة أن الخطة لم تذكر أي عودة لخطوط عام 1967، ومنحت أجزاء من القدس الشرقية وضم وادي الأردن إلى إسرائيل، بالإضافة إلى أن هناك مقترحات عن ربط بين غزة وما تبقى من الضفة الغربية، مشيرة إلى أنها خطة لا يمكن لأي زعيم فلسطيني أن يتجرأ على دعمها.
وينقل التقرير عن رعد غندور (36 عاما) من مخيم شاتيلا، قوله واصفا الخطة إنها "مثل دعوة لعشاء عيد الميلاد، حيث لم يتبق من الديك الرومي إلا عظامه"، وأضاف: "من العار اقتراح أمر كهذا".
ويستدرك شولوف بأنه رغم التحول مما وضع على طاولة المفاوضات عام 2000 في ظل إدارة بيل كلينتون وما اقترح اليوم، فإنه لا يوجد أي احتجاج من الحلفاء الذين تم إبلاغهم بالخطة قبل الإعلان عنها، مشيرا إلى أن السعودية كانت جزءا أساسيا في الخطة منذ بدايتها، خاصة أن الشخص الذي أشرف عليها، وهو صهر ومستشار الرئيس جارد كوشنر، أقام علاقة قريبة مع ولي العهد السعودي، واشتركا معا في الكثير من الأمور.
وتشير الصحيفة إلى أن وريث العرش السعودي توصل إلى أن الفلسطينيين أصبحوا عبئا ماليا وسياسيا ولا يستحقون الاستثمار فيهم، لافتة إلى أن هناك سمكة أكبر يمكن ملاحقتها، وهي إيران، وهناك إسرائيل الجاهزة لمساعدته.
وبحسب التقرير، فإن العلاقات التي تحسنت خلال الأعوام الثلاثة الماضية كانت تهدف لتغيير نهج المملكة، ففي نهاية الأسبوع سمحت إسرائيل لمواطنيها بالسفر إلى السعودية لأغراض دينية أو تجارية، فيما قامت دول الخليج أيضا بتخفيف قيود السفر إلى إسرائيل، التي طالما نظر إليها على أنها عقبة أمام السلام في المنطقة، لكن ينظر لها اليوم على أنها شريك.
ويتساءل الكاتب قائلا: "أين يترك هذا كله الفلسطينيين الذين أشعلت قضيتهم مشاعر المنطقة ولزمن طويل، ويظل هذا مثارا للقلق طالما لم يتم التصدي للمظالم التي تراكمت بعد إعلان دولة إسرائيل عام 1948".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول إن "هذه الدول، التي وافقت على التحول الجديد في النظر للقضية الفلسطينية، ستشهد مظاهرات شكلية وتؤكد حل الدولتين، إلا أن هذا الإعلان يعد المسار الأخير للصيغة التي تبناها أسلاف ترامب، فقد انتقل النقاش باتجاه واحد، ويبدو أن الذين دعموا القضية الفلسطينية لا يعارضونه".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)