بدعوى عدم وجود تصريح أمني؛ قامت قوات أمن القليوبية (شمال القاهرة) بتوقيف صحفيين مصريين أثناء تصويرهما، الجمعة، تقريرا صحفيا بأحد الأسواق حول أسعار أضاحي عيد الأضحى، قبل أن تفرج عنهما لاحقا.
الصحفي عمر بدر مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، أكد تواصله مع قيادات أمنية مصرية حتى يتم الإفراج عن الصحفيين خالد وربي، والمصور هاني شمشون، بموقع "التحرير"، وكشف عن أن احتجازهما جاء لعدم وجود "تصريح أمني"، مبينا أنه أمر غير قانوني، ومتوقعا أنها أزمة جديدة ستواجه الصحفيين المصريين.
بدر، كتب عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن أحد القيادات الأمنية عندما تحدث معه عن زميل تم احتجازه بقسم الشرطة وقت قيامه بعمل تقرير صحفي في الأسواق عن "أضحية العيد"، رد عليه بالقول: "لازم تأخدوا تصريح".
وقال بدر: "لا صحافة إلا بتصريح من الداخلية"، واصفا الأمر بأنه "كارثة دفع تمنها زملاء كثر تم احتجازهم بالساعات أثناء عملهم في الشارع حتى لو صوروا المحلات أو إشارات المرور"، مشيرا إلى أنه "في بعض الحالات يتم إحالة الزملاء للنيابة".
وفي السياق ذاته، أكد الكاتب الصحفي محمد منير، الاثنين، أنه قام بتكليف عدد من الصحفيين بتغطية واقعة انفجار وحريق معهد الأورام بالقاهرة ليلة أمس، إلا أنهم جميعا أعلنوا مخاوفهم من القبض عليهم.
سوابق توقيف
توقيف الصحفيين بالقليوبية ليس الأول، حيث أكد الصحفي سليمان العروسي، في تعليقه عبر "فيسبوك"، أن الأمن صادر مايك وكاميرا التصوير منه ومن فريقه أثناء حديثهم مع جماهير الكرة خلال بطولة الأمم الأفريقية الشهر الماضي.
كما تعرض صحفيون غير نقابيين للتوقيف أثناء تغطية امتحانات الثانوية العامة أيضا الشهر الماضي.
إلى جانب استمرار حبس الصحفية آية حامد، منذ آذار/ مارس 2019، لتغطيتها تظاهرات طالبات المدينة الجامعة بأسيوط.
وكذلك توقيف بعض الصحفيين أثناء تغطية حريق محطة مصر في شباط/ فبراير 2019.
وفي آذار/ مارس 2018، تم حبس الصحفية مي الصباغ، والمصور أحمد مصطفى؛ لتصويرهما تقريرا عن ترام الإسكندرية، ليتم إخلاء سبيلهما لاحقا.
وبينما توجد مصر بقائمة الدولة الأسوأ بالتعامل مع الصحفيين، وبالمرتبة الـ163 عالميا بمؤشر "حرية الصحافة"، صنفتها "لجنة حماية الصحفيين الدولية"، في 13كانون الأول/ ديسمبر 2018، بين أربع دول هي أكبر سجون للصحفيين بالعالم، بحبس 25 صحفيا.
وتقدر منظمات حقوقية عدد الصحفيين المحبوسين مصر بنحو 90 صحفيا بقضايا تتعلق بالمهنة أو تعبريهم عن آرائهم.
هكذا ردت النقابة
والسبت، طالبت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين مجلس النقابة بوقفة ضد ما أثير حول "تصاريح التغطية الصحافية"، و"الطعن أمام القضاء الإداري على قرار وزارة الداخلية بإلزام الصحافيين بالحصول على تصريح أمني قبل التغطية الصحافية".
ودعت اللجنة النقابة لـ"الطعن بعدم دستورية المادة 12 من القانون 180 لسنة 2018 الخاصة بالتصريح، باعتبارها تخالف نصوص الدستور التي تكفل حرية الصحافة والنشر".
وأكدت على أن الأصل في القانون هو "إباحة تغطية المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة، وإجراء اللقاءات مع المواطنين، وتصوير الأماكن غير المحظور تصويرها".
وأباح القانون (180 لسنة 2018) للصحفيين تغطية المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة، كما أباح إجراء اللقاءات مع المواطنين، والتصوير في الأماكن غير المحظور تصويرها، واقتصر طلب التصريح حسب نص القانون على الحالات التي تتطلب ذلك.
"توسيع رقعة التفسير"
وحول ما أثير عن ضرورة الحصول على إذن أمني للصحفيين، وهل هذا إجراء جديد أم معمول به منذ فترة، أكد الكاتب الصحفي والنقابي السابق، محمد منير، أن الحصول على التصريح الأمني "كان موجودا في أضيق الحدود وشرطا لتغطية الموضوعات العسكرية، والتي تخص الأمن القومي المصري"، مضيفا لـ"
عربي21": "ولكنهم توسعوا فيها الآن".
وبشأن صدور بيان من وزارة الداخلية المصرية بهذا الأمر، أو صدور قرار رسمي بذلك، قال منير: "لا؛ ولكن الاعتماد هنا على توسيع رقعة التفسير"، موضحا أنه عندما يتم الحديث عن ضرورة التصريح الأمني بشأن الأمور التي تتعلق بالأمن القومي، فإنه زمان كانت الأمور العسكرية هي المعنية بذلك، أما اليوم ممكن أن يتم تفسير الحديث عن ارتفاع سعر الأغنام أمرا يتعلق بالأمن القومي".
وفي رده على التساؤل: هل هذا إجراء دون سند قانوني ومخالف للقانون 180 عن حرية الصحفي في تغطية أحداث الشارع والمؤتمرات، أجاب بأن "مصر بها ترسانة من القوانين التي يتم تكييفها حسب إرادة السلطة التنفيذية"، مضيفا أنه لهذا لا يوجد في مصر أمر يدعى بأنه مخالف للقانون، وما يسري هو حسب التفسير والهوى".
"المادة 12" سبب الأزمة
وبحديثه لـ"
عربي21"، أوضح الكاتب الصحفي حازم حسني، أن "المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام الذي صدر في 2018، تنص على شرط الحصول على التصريح للتصوير، كجزء من حزمة بنود تغتال المهنة".
وأكد أن "المادة 12 بها كلمات مطاطة؛ كأن تصف الأماكن المباح تصويرها بـ(غير المحظور تصويرها)، والتصاريح (اللازمة)، دون تحديد الأماكن المحظورة مثل المنشآت العسكرية مثلا أو الجهات المنوط بها إصدار التصاريح".
وقال إنه "ولذلك يجب مواجهة هذا القانون الذي يكبل الصحافة والصحفيين وليس مواجهة تنفيذ القانون".
وأشار إلى أن "مجلس النقابة السابق والجمعية العمومية للنقابة تقاعستا عن القيام بدورهما في الدفاع عن حرية المهنة وحقها في أداء واجبها، عندما اكتفت برفض القانون بإطلاق البيانات والكتابة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي".