هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عاد الهدوء إلى الأحياء الجنوبية في مدينة تعز (جنوب غرب اليمن)، بعد يومين من اشتباكات دامية بين قوات الشرطة ومسلحي كتائب "أبو العباس" السلفية المدعومة من الإمارات.
وتوقفت الاشتباكات في وقت متأخر من مساء الجمعة، بعد التوصل إلى اتفاق يقضي بخروج مقاتلي الكتيبة الخامسة التي يقودها "أبو العباس" من أحياء المدينة القديمة ووادي المدام والسواني، إلى منطقة الكدحة في الريف الجنوبي لمدينة تعز، حيث مسرح عمليات اللواء 35 التابعة له.
وبدأت قوات الشرطة بالانتشار داخل تلك الأحياء، بعد مغادرة مسلحي أبي العباس باتجاه الريف الجنوبي من مدينة تعز، على متن ما لا يقل عن 30 مركبة. وفقا لمصادر محلية.
انتشار أمني
وقال الصحفي والناشط اليمني، مازن فارس، إن الأجواء تبدو مستقرة في أحياء وادي المدام والسواني والمدينة القديمة، يصاحبها انتشار دوريات تابعة لقوات الأمن.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن هناك ارتياحا شعبيا بعودة الدولة وفرض سيطرتها على تلك المناطق التي شهدت اشتباكات عنيفة خلال الأيام القليلة الماضية بين الحملة الأمنية وعناصر تصفها السلطات الرسمية في المدينة بـ"العناصر الخارجة عن القانون"، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من الطرفين، بالإضافة إلى سقوط ضحايا من المدنيين.
وبحسب الصحفي المتواجد في تعز، فإن السلطات في المدينة وعدت أيضا بتفعيل أقسام الشرطة في تلك المناطق، وحماية المدنيين، أسوة ببقية مناطق واحياء المحافظة.
فرحة وشعور بالأمان
من جانبه، قال المصور الصحفي، محمد التويجي الذي زار أحياء المدينة القديمة، السبت، إن المشهد فيها يبعث بالروح والأمل بأن الدولة تخطو خطوات ناجحة نحو استعادة ثقة الأهالي.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن الأجواء عادية، حيث الشوارع والأسواق المكتظة بالناس، في الوقت الذي توافد كثير من المواطنين إلى المدينة القديمة (حي قديم)، بقصد السياحة والتقاط الصور، بعدما حرموا من زيارة الأماكن الأثرية والتاريخية الموجودة فيها.
وبحسب التويجي، فإن كتائب "أبوالعباس" التي كانت تسيطر على هذه الأحياء، كانت تمنع التصوير فيها، وكانت تعيش تحت قبضة أمنية شديده من مسلحيها. مشيرا إلى أن أي زائر يدخل إلى المدينة القديمة حاملا كاميرا أو قاصدا للتنزه، يتعرض للإيقاف والتحقيق عن أسباب ودوافع قدومه.
وذكر أن سكان تلك الأحياء عاشوا تحت جهاز أمني قوي خارج عن إطار الدولة، لكنهم تنفسوا الصعداء بعد خروج أولئك المسلحين منها.
وأوضح الصحفي التويجي أن المزاج العام لدى سكان تلك الأحياء كان يغلب عليه الفرح والاطمئنان، حيث شاهدنا ذلك، حيث كانوا يلوحون بأيديهم بالتحية والسلام، استقبالا لقوات الشرطة التي انتشرت في تلك الأحياء لتأمينها.
ونقل المصور الصحفي "التويجي" ما دار بينه وبين عدد من الأهالي، الذين عبروا أنهم كانوا يفتقدون للأمان في ظل سيطرة الكتائب، وأنهم يشعرون بالأمان مع هذا الحضور للدولة.
وأفرزت الاشتباكات بين قوات الشرطة والمقاتلين التابعين لأبي العباس، انقساما في الأوساط السياسية، وذلك، بعد إطلاق القوات الحكومية حملة أمنية لملاحقة عناصر تصفها بـ"الخارجة عن القانون" فرت إلى تلك الأحياء، وسط رفض من قيادة الكتائب السماح لتلك القوات بالقبض عليهم.
اقرأ أيضا: حملة أمنية وصخب سياسي مضاد لها في تعز اليمنية.. لماذا؟
الدولة من هاجمت أبو العباس
وفي هذا السياق، قال وكيل محافظة تعز، رئيس لجنة التهدئة (حكومية)، الشيخ عارف جامل إن خروج كتائب أبو العباس إلى الكدحة لا علاقة له بأي تهجير وإنما انتشار في مسرح عملياتها.
وأضاف جامل في مقابلة مع فضائية "يمن شباب" (محلية)، أن الاتفاق نص على عدم التعرض لأي فرد من كتائب أبو العباس باستثناء المطلوبين أمنيا.
وحول علاقة حزب الإصلاح كما يجري تداول ذلك من قبل بعض الأطراف بأنه من يخوض المواجهات ضد أبو العباس، نفى جامل المسؤول الحكومي أي علاقة لحزب الإصلاح باشتباكات المدينة القديمة.
وأكد جامل، وهو رئيس الفرع المحلي لحزب المؤتمر الشعبي العام بتعز، أنه لا توجد قوات تابعة لأي حزب في تعز. مشيرا إلى أن الدولة هي من واجهة مسلحي أبو العباس.
على مسافة واحدة
وفي السياق ذاته، باركت قيادة الجيش في تعز بالجهود التي بذلتها لجنة التهدئة لحل المشكلة وإنهاء سيطرة العناصر الخارجة على القانون.
وقال قائد محور تعز (أعلى سلطة عسكرية بالمدينة)، اللواء سمير الصبري، في بيان له، إن قيادة الجيش تثمن دور الشرطة والأجهزة الأمنية وتضحياتهم في سبيل تثبيت الأمن وإعلاء سلطة القانون.
وعبر البيان عن إشادته بالحملة الأمنية ودورها البطولي في القيام بملاحقة وضبط العناصر الخارجة عن القانون، والتي قاومت السلطات، وتورطت باغتيال أكثر من 250 شهيدا من الجيش والامن، واستخدمت السلاح الخفيف والثقيل في مقاومة السلطات وضرب اجزاء كبيرة في مدينة تعز، وأقلقت السكينة العامة.
وأكد أن الجيش يقف على مسافة واحدة من الجميع في تعز، بمختلف الاطياف والتوجهات والانتماءات السياسية والفكرية.
وشدد بيان قائد الجيش بتعز على أن قواته ستضل الأداة الضاربة بيد الدولة لردع كل من تسول له نفس المساس بآمن الوطن والمواطنين، كما تلتزم قيادة المحور حرفيا بتنفيذ توجيهات القيادة السياسية.
وكان قائد كتائب "أبو العباس" المدعومة من أبوظبي، عادل عبده فارع، قد أعلن في بيان في وقت متأخر من مساء الجمعة، أنها غادرت الأحياء الجنوبية من تعز، تحت عسف النيران وطغيان الحرب الظالمة عليه وعلى سكان تلك الأحياء منذ عشرة أيام من قبل ما وصفها بـ"مليشيا الحشد الشعبي" التابعة لحزب الإصلاح.
وقال إن هذا التهجير فرض عليه بقوة السلاح وتحت ما أسماه "الإرهاب" المتواصل والاستهداف المستمر لسكان المدينة القديمة والأحياء المجاورة لها. مؤكدا أن أفراد الكتائب التي يقودها، تم تهجيرهم قسريا، وهم السكان الأصليون لمدينة تعز القديمة ومنذ عشرات ومئات السنين.
وأواخر أذار/ مارس الماضي، نفى حزب الإصلاح، في بيان رسمي، امتلاكه أي مليشيات أو تكوينات عسكرية، كما نفي أيضا بشكل قطعي صلته بهذا المسمى "الحشد الشعبي" المختلق زورا، والذي أوردته فضائية " الحدث" السعودية حينها.
ونفى فارع وجود أي مطلوبين أمنيين يخضعون لمسؤوليته، أو أنه تلقى مذكرات قانونية بأسماء مطلوبين أمنيا.
كما حمل الحكومة الشرعية والسلطة المحلية بتعز، والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، تداعيات ما تعرض له مقاتلوه من حروب ظالمة وتهجير قسري وتشريد. وفق تعبيره.
يشار إلى أن قوات الشرطة بتعز شنت حملة أمنية في وقت سابق من آذار/ مارس الماضي، تمكنت من السيطرة على مقر قيادة كتائب "أبو العباس" في المدينة القديمة، الذي تتهمه السلطات بإيواء العناصر الخارجة عن القانون، إلا أنها انسحبت بتوجيهات من قبل حاكم المحافظة، نبيل شمسان، صاعدت الاتهامات من قبل قوى سياسية بانحراف قوات الحملة الأمنية عن مسارها.
وفي وقت سابق من العام الماضي، عثرت الشرطة المحلية في تعز، على مقابر سرية لجنود حكوميين، في منطقة كانت تسيطر عليها كتائب "أبو العباس" المدعومة إماراتيا شرقي المدينة.
أقرأ أيضا: العثور على 11 جثة لجنود يمنيين في مقبرة سرية شرقي تعز