هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تخيل أنك تشاهد كرة القدم وفريقك حصل على ركلة جزاء يحتمل الفوز بها في الدقيقة 91،
سيضيق قلبك وتترنح معدتك ويداك تتعرق. إنها آثار القلق.
وبحسب ما أفادت صحيفة "الغارديان"، فإنه عند مواجهة تهديد محتمل يبدأ نظام القتال أو الهروب في الجسم بالتسلسل المصمم بشكل جيد، الذي تطور على مدار ملايين السنين.
وأشارت إلى أنه في العالم الحديث، حيث نواجه حالات مهددة للحياة نادرا أصبح القلق بحد ذاته هو الشبح.
وقالت إنه "في العام الماضي في أكبر دراسة استقصائية عن تأثير القلق، أفاد ثلاثة من كل أربعة بريطانيين، أنهم قد شعروا بالقلق حتى أصيبوا بالإرهاق أو عدم القدرة على التعامل مع الموقف مرة واحدة على الأقل خلال العام الماضي. وقد ربطت الدراسات بين القلق الشديد والمزمن بأمراض القلب والسكري ومشاكل الصحة العقلية بما في ذلك الاكتئاب.
فماذا يفعل لأجسادنا؟
1- جريان الأدرينالين
في اللحظة التي تنظر فيها إلى التهديد، يصدر نظام إنذار الدماغ سلسلة من الأوامر المصممة لإعدادنا للقتال أو الهروب. أول من يتلقى الإشارات هي الغدد الكظرية التي تبدأ في ضخ الأدرينالين في غضون ثوانٍ، مما يتسبب في تسارع القلب والتنفس وإطلاق كميات كبيرة من الجولكوز من الكبد.
وينتقل الدم نحو أذرعنا وأرجلنا والعضلات حول الأمعاء الدقيقة، مما يخلق شعورا بعقده أو ارتعاد في معدتنا؛ حيث إن الأدرينالين يخفف من عضلات الأمعاء، مما يعني أن القلق الحاد يمكن أن يجعلنا نتسابق مع الزمن للدخول إلى الحمام.
بالإضافة إلى أن هناك أثرا جانبيا آخر وهو التعرق، الذي يتكون بشكل مفاجئ وتكون رائحته أسوأ من النوع الذي ينتج في أثناء ممارسة الرياضة أو في الطقس الحار، حيث إن الأدرينالين ينشط الغدد المفرزة للعرق في الإبطين، التي تطلق مادة تحتوي على دهون وبروتينات مما يغذي البكتيريا.
اقرأ أيضا: تمرين رياضي إذا قمت به تحمي قلبك.. ما هو؟
وبينما يفيض الأدرينالين في الجسم بغضون ثوانٍ، يتسلل الهرمون الثاني للقلق المسمى بالكورتيزول إلى مجرى الدم بشكل تدريجي ويبلغ ذروته بعد 20 إلى 30 دقيقة، حيث يغير التمثيل الغذائي للخلايا، وكيف تعمل وتغير نشاط الحمض النووي، ويغير عمليات التفكير بما في ذلك الطريقة التي نسجل فيها الأحدث المقلقة في ذاكرتنا.
يعتقد علماء الأعصاب، أن تأثير الكورتيزول يمكن أن يفسر لماذا الذكريات من الأحداث المؤلمة أو العاطفية تكون قوية بشكل استثنائي.
2- هل التوتر دائما سيئ؟
تشير الأبحاث إلى أن التعرض لبعض القلق أمر بالغ الأهمية لتطوير القدرة على التكيف، التي تسمح لنا بالتعامل مع المواقف غير المتوقعة والصعبة في المستقبل.
وخلص بحث في عام 2013 إلى أن " التحصين من القلق هو شكل من أشكال المناعة ضد القلق المتأخر، بالطريقة نفسها التي تحفز بها لقاحات المناعة ضد المرض".
يقول أدريان ويلز أستاذ علم النفس في جامعة مانشستر، " إن السعي وراء حياة خالية من القلق ليس سليما، القلق هو مثل التمرين، إنه أمر غير مريح في ذلك الوقت، لكنك تبني من خلاله مقاومة وقوة".
3- هل يمكن للقلق أن يصيبك بالمرض؟
هناك أدلة متزايدة على أن القلق المتطرف الذي لا هوادة فيه، يمكن أن يكون له عواقب صحية كبيرة، حيث إن القلق يزيد من ضغط الدم ويجعل الدم ملتصقا بشكل مؤقت مما يرجح بالإصابة بالتجلطات، وهذا يعني أنه على مدى فترات طويلة يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
ويعتقد إد بولمور، أستاذ الطب النفسي بجامعة كامبريدج، أن القلق يترك بصمة على الجهاز المناعي وهو ما يسميه "الذاكرة الملتهبة للقلق"، حيث يربط أن الالتهاب في الجسم يمكن أن يكون له آثار سلبية على الصحة العقلية، ويقول بولمور، "إن أكبر عامل خطر وحيد للاكتئاب هو القلق".
4- المسألة شخصية
اكتشف العلماء أنه لا يستجيب كل شخص للقلق بالطريقة نفسها، تتفاعل الهرمونات الجنسية مع هرمونات التوتر، التي يمكن أن تفسر لماذا يظهر القلق نفسه بشكل مختلف في الرجال والنساء.
القلق أمر لا مفر منه، ووفقا للعلماء، من المرجح أن يكون البحث عن وجود خالٍ من القلق عديم الجدوى. ومع ذلك، فإن الفهم العلمي الناشئ للقلق يمكن أن يساعدنا في المستقبل في حمايتنا من الجانب الأكثر ظلمة.