هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يهتم إعلام المعارضة المصرية بالخارج، وصفحات المعارضين بمواقع التواصل الاجتماعي، والمدافعون عن حقوق الإنسان، بكبار المعتقلين وذويهم ورصد ما يعانونه من أزمات صحية وأحكام قضائية؛ إلا أنه ونظرا لعدد المعتقلين الذي يفوق 60 ألفا نسي الجميع معاناة صغار المعتقلين وأهليهم.
ورصدت "عربي21"، مأساة 5 أسر مصرية ذاق عائلها وابنها وزوجها مرارة الأسر بقضايا سياسية وصفها حقوقيون بالملفقة، وسقطوا ببئر النسيان مع توالي الأحداث السياسية والأمنية القاسية بمصر منذ انقلاب 2013، والذي تلاه فض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة"، واعتقال آلاف رافضي الانقلاب.
وبتقريرها عن حقوق الإنسان بمصر في 2017 و2018، أكدت "منظمة العفو الدولة" استمرار القبض على أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" وأنصارها من بيوتهم وأماكن عملهم، فيما رصد تقرير "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" وصول المعتقلين السياسيين لـ60 ألفا.
مأساة أم
"أشعر أحيانا بالفخر والسعادة وأخرى يغلبني الحزن والألم"، كانت تلك كلمات "أم عادل"، مضيفة لـ"عربي21": "أسعد عندما أحمل ابنة ولدي الشهيد، (وجيه محمد) أحد ضحايا فض اعتصام رابعة، التي رُزق بها بعد 20 عاما من الزواج وتركها طفلة 3 سنوات".
وتابعت: "ويغلبني الحزن عندما أرى أبناء ابني المعتقل الصيدلي (وليد)، وعندما أتذكر أحفادي الثلاثة المعتقلين "محمد وأحمد عادل"، و"محمد عصام"، طلاب الجامعة الذين حرمهم الانقلاب من شهاداتهم وحرمنا الفرحة بهم".
وتؤكد "أم عادل": "كل ذلك الألم أعيش أضعافه لفراق ابني المهندس (عصام) أحد قيادات الإخوان المطارد منذ 5 سنوات ويعيش وحيدا رغم مرض الكبد والسكر، وفارق بيته وزوجته وعمله وسيارته ولا أعرف مكانه، ولا يمكنه هو الآخر رؤية ابنه المعتقل (محمد) ولا ابنه الأكبر (مازن)".
وتقول: "من يتذكرني أو يشعر بي فقد مات زوجي الحاج محمد -تاجر- حزنا على ابنه الشهيد وجيه وعلى أسرة تشتت بين السجون"، موضحة: "أشد المواقف التي مرت بحياتي وتؤكد أنه لا يشعر أحد بمصابي؛ عندما تعارك أخي المؤيد للانقلاب، مع أبنائي بعد جنازة ابني الشهيد واتهمهم بأنهم إرهابيون، ومازال يقاطعني بعد اعتقالهم ولم يعزني بوفاة زوجي".
مصير أسماء
ومن أم مكلومة إلى أخت طالتها يد الغدر من أسرة زوجها، وبدلا من مواساتها بمصابها كان مصيرها الطلاق؛ هي "أسماء"، فتاة عشرينية أخت الشهيد "عبدالمنعم"، والمعتقلين "ناصر"، و"عبدالعزيز"، والأستاذ بجامعة الأزهر بالخارج والذي لا يستطيع العودة لوطنه.
تقول أسماء، لـ"عربي21": "بعد (فض رابعة) واستشهاد أخي الأصغر (عبدالمنعم) بمذبحة الحرس الجمهوري –8 يوليو/تموز 2013- واعتقال 2 من إخوتي، وبدلا من مواساتي رأيت الشماتة بعين زوجي وحماتي وإخوته المؤيدين للانقلاب بشدة، وحاولت تحمل ما يقولون حول إخوتي ومعاناة أبي وأمي فلم أستطع ولأني رددت غيبة الشهيد والمعتقلين كان جزائي الضرب والطرد والطلاق".
وأكدت أن زوجها (تاجر حديد) وأخيه (محامي) أبلغوا عن أخويها الأمن واتهموهما بإيواء الإخوان المسلمين الهاربين بمزرعة لأسرتها، ثم اشتكوا أبيها شكايات كيدية حتى تنازلت عن كل حقوقها المالية، مضيفة: "ما يؤلمني أن كل ذلك تم بغياب إخوتي".
وعن أمها وأبيها تقول: "صابران محتسبان، إلا أن عينيهما لا تخفي ما بقلبيهما من ألم رغم ابتسامة يخففان بها آلامي ويخرجان بها أمام الناس".
ابتسامة حسني
وفي حالة شديدة الإيلام، تقول زوجة المعتقل الطبيب البيطري "حسني" (46 عاما) –من ذوي الإعاقة الحركية-: "ليس هناك من يتذكرنا بعدما ضاعت كل الحقوق"، متسائلة: "كيف لطبيب عاش قعيدا لا يتحرك إلا فوق ظهر دراجة بخارية بثلاث عجلات ولم يتمكن من شراء سيارة معوقين أن يعيش بزنزانة بلا مساعد ومعين؟".
وأضافت لـ"عربي21": "معاناتنا أنا وأمه وأبناؤه لا يكفي كتاب لذكرها، ولكن ابتسامة حسني، التي كانت تعلو وجهه ولا تفارقه أبدا وجعلته بين الناس محبوبا لا تفارقني وتهون عني الكثير من الألم رغم الضيق والحاجة ومطالب الأبناء وغلاء الأسعار"، قائلة: "مع هذا الظلم والقهر لنا الله وحقوقنا لديه لن تضيع".
هاتف أم باسل
وفي مأساة خامسة تشهدها جدران إحدى المدارس، حيث رن الهاتف، فتوقفت المعلمة "فاطمة" عن الشرح وردت قائلة: "زرته أمس الحمد لله هو بخير"، ثم أنهت المكالمة وعادت لشرح مادة الحساب ولكن بين مسألة وأخرى تسقط دمعة تكاد تحرق التراب فوق بلاط الفصل حزنا على ابنها المعتقل "باسل".
و"باسل" شاب عشريني اعتقل أثناء دراسته الجامعية، وبعد اعتقال أبيه الداعية الأزهري بعدة أشهر وحكم عليهما بقضايا تظاهر بالسجن ما بين 5 و7 سنوات، ليتركان أما و3 بنات بلا عائل أو معين.
تقول أم باسل لـ"عربي21": "هذا المشهد تكرر أمام الأولاد وأصبحوا يعرفونني بأم المعتقل، وكثير منهم يسأل عنه وعن موعد الزيارة ويرسلون له السلام"، مضيفة: "أزمتي مضاعفة بين ابني وزوجي ومن يشعر بي غير ربي الذي أناجيه ليل نهار أن يكشف غمتي".
أم البنات
وتقول الحاجة "أم محمد": "لست أما لشهيد أو معتقل، بل أنا أم لأربع بنات مطاردات مع أزواجهن لم أرهن ولا أبناؤهن منذ أعوام ولا أعرف لهم سكنا ولا هاتفا".
وأوضحت لـ"عربي21"، أن ابنتها (أمل)، اعتقل زوجها المهندس بالقاهرة، وصودرت سيارته، فغيرت سكنها خوفا على أبنائها ولا أعرف مكانها"، مبينه أن ابنتها (إيمان)، كانت تعيش مع زوجها المدرس –ترك التدريس خوفًا من الملاحقة الأمنية- وتمت مطاردته فغادرت شقتها وانتقلت ثانيا وثالثا ورابعا"، مضيفة أن "ابنتيها الثالثة والرابعة تعيش إحداهن بالخليج والأخرى بإيطاليا، ولا تستطيعان وزوجاهما وأبناؤهما العودة لمصر خوفا من الاعتقال".