هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
هاجم المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة القوى السياسية في ليبيا خلال إحاطة قدمها إلى مجلس الأمن، وسط ردود فعل غاضبة تجاه الاتهامات واللغة التي استخدمها "سلامة"، وما إذا كان الأخير يريد التنصل مع أي فشل يخص حلول الأزمة الليبية.
وشن "سلامة" هجوما لاذعا تجاه كل من الحكومة في طرابلس وخاصة مع تردي الأوضاع في الجنوب الليبي، وكذلك المجموعات المسلحة في العاصمة وخرقها للهدنة وتجدد الاشتباكات، مهددا بعقوبات دولية لكل من يخترق القانون الدولي مهما كانت مهمته ومكانته.
مهاجمة "حفتر"
وانتقد المبعوث الأممي في إحاطته التي وصلت "عربي21" نسخة كاملة منها، ما تفعله قوات "حفتر" في مدينة درنة (شرق ليبيا) من سرقة للمتلكات وتهجير وقتل مدنيين ومنع إدخال مساعدات إلى المدينة، مضيفا: في درنة، الاقتتال لم ينته بعد، والمساعدات ممنوعة، وقد تعرض المدنيون بمن فيهم النساء والأطفال للاعتقال في مراكز الإحتجاز، دون توجيه تهم إليهم.
وأضاف: "أينما يحل القتال، على الأطراف اتخاذ جميع التدابير الكفيلة بحماية أرواح المدنيين والمرافق المدنية والالتزام بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وفي حال عدم التزامهم، سوف نحرص على أنه مع الوقت سوف يواجهون العواقب"، حسب كلامه .
غضب ومطالبة بالرحيل
ولاقى خطاب "سلامة" الهجومي ردود فعل غاضبة من قبل بعض الكتل في الداخل الليبي، والتي طالب بعضها برحيل المبعوث اللبناني كونه تجاوز صلاحية مهمته وتصرف كرئيس لليبيا.
وهاجمت كتلة "نواب برقة" بالبرلمان الليبي إحاطة "سلامة"، متهمة إياه بتجاهل عدة أمور ومنها نجاح "الجيش" (قوات حفتر) في الجنوب الليبي وكذلك التقارب بين البرلمان ومجلس الدولة، وأنه بهذا التجاهل يؤكد على تشجيعه لفكرة الانفراد بالقرار ورفض تشكيل مجلس رئاسي جديد"، وفق بيان لها.
في حين، نددت الحكومة الموازية في الشرق الليبي بما جائ في الإحاطة، مشيرة إلى أن "سلامة" تعمد تضليل المجتمع الدولي بتصويره "الجيش" بأنه يمارس جريمة بحق مدينة درنة، واصفة الاتهامات بأنها مجرد "خزعبلات وهمية" وأنه يتوجب عليه إبراز أدلته عن هذه المزاعم أو أن يعتذر أمام العالم"، كما قالت.
ماذا يريد "سلامة"؟
وأثار الخطاب الهجومي العديد من التساؤلات حول: ماذا يريد "سلامة" تحديدا من سياسة الكيل بمكيالين في تعاطيه مع الأزمة الليبية؟ وهل يريد رفع الحرج عن إخفاقات بعثته في ليبيا أم يريد تخويف الجميع هناك؟
ورأى عضو حزب "العدالة والبناء" الليبي، إبراهيم الأصيفر أن "سلامة كان واضحا إلى حد كبير فيما يخص الإصلاحات الاقتصادية والتهديدات الأمنية خاصة في طرابلس، لكن ما يقلق المبعوث الأممي ويهدد خطته هو حالة الانسداد السياسي الذي تشهده الأزمة الليبية".
اقرأ أيضا: سلامة لمجلس الأمن: الجمود السياسي في ليبيا مرتبط بالمصالح
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": " كما أن المؤتمر الجامع الذي يحشد له "سلامة" حاليا لا يزال غير واضح الملامح وهذا ما يقلق الكثيرين داخليا وخارجيا، لذا لا حل يلوح في الأفق مع استمرار حالة الانسداد السياسي وتخبط المبعوث الدولي في تصريحاته".
ورأى الناشط السياسي الليبي، محمد خليل أنه "لا يمكن تحميل الفشل الذريع في ليبيا لـ"موظف" في الأمم المتحدة، كون الأطراف المتصارعة على السلطة والمال والتي تستقوي بالخارج في صراعها هي سبب هذه الإخفاقات"، حسب وصفه.
وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن "السيئ في إحاطة سلامة هو عدم التنديد بالدول الإقليمية وتداخلاتها "العبثية" في الشأن الليبي، فكان عليه أن يذكر ذلك بكل وضوح بدل مهاجمة الأطراف الليبيية التي بعضها يستمد وجوده من الخارج في الأساس"، كما قال.
إحاطة موضوعية
لكن الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد راى من جانبه، أن "إحاطة "سلامة" كانت توصيفية وليست هجومية، فالمبعوث الأممي داعم ومراقب للوضع في ليبيا ولا يملك آليات التنفيذ المباشرة، لذا فالنجاح والإخفاق مسؤولية الليبيين وحدهم".
وأوضح في تصريح لـ"عربي21" أن "محاولة توريط البعثة في الفشل السياسي هو خطاب تسعى إليه الأطراف المتضايقة من ضغطها، وأن "سلامة" كان متزنا حينما أثنى على المجلس الرئاسي في ملفات وهاجمه في أخرى، وهذا ما يصدقه الواقع، وهو دائما ما يلقي الكرة في ملعب الليبيين"، حسب رأيه.
دعم المؤتمر الجامع
وقال الناشط الليبي، أحمد التواتي إن "حالة الفشل في الحالة الليبية تركة لا يتحمل عبئها "سلامة" فهي سابقة لتوليه وظيفته، ولا أرى أنه "يكيل بمكيالين" كون وظيفته لا تتطلب ان يقول هذا جيد وهذا سيء في الداخل الليبي حتى لايفقد حياديته"، حسب كلامه.
اقرأ أيضا: المبعوث الأممي يهدد بمعاقبة معرقلي الحوار الليبي.. من يقصد؟
وتابع: "أما خارجيا فهو يطلب من المجتمع الدولي الدعم والوقوف بجدية في وجه كل من يعرقل المؤتمر الجامع الذي يدعو له "سلامة" وبعثته منذ فترة، ويؤكد أن نجاح الأمر من عدمه يقع على عاتق الدول العظمى في مجلس الأمن وهذا صحيح"، كما قال لـ"عربي21".