هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكك أطباء مصريون ومسؤولون سابقون بوزارة الصحة المصرية، في جدوى الحملة التي أطلقتها الحكومة المصرية، اليوم الاثنين، للكشف المبكر عن مرض "فيروس سي"، والأمراض غير المعدية كارتفاع ضغط الدم، والسكري، والسمنة.
وتساءلوا عن مصير الحملة القومية الكبرى، التي أطلقها رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، في عام 2014 للقضاء على فيروس "سي"، والتي شملت استيراد عقاقير حديثة، وتطبيق منظومة علاجية جديدة، واليوم وبعد أربع سنوات يطلق حملة أخرى للكشف عن المرض.
وبحسب وزارة الصحة؛ تستهدف الحملة القومية الوصول إلى أكثر من 50 مليون مواطن في جميع المحافظات (27 محافظة) على 3 مراحل، تنطلق اليوم مطلع أكتوبر/ تشرين أول وتنتهي في أبريل/ نيسان 2019، بدعم من منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي ومؤؤسات محلية.
وكشف ممثل البنك الدولي في مصر، أن البنك دعم هذه الحملة وقدم 429 مليون دولار (7.5 مليار جنيه) منها 300 مليون دولار لمسح مواجهة الأمراض غير المعدية، و129 مليون دولار لمواجهة فيروس سي".
وطوال السنوات الماضية، احتلت مصر المرتبة الأولى فى أعداد المرضى المصابين بفيروس "سى" على مستوى العالم، ويوجد بها نحو خمسة ملايين مصاب، ويصل عدد المرضى الجدد سنويا 150 ألف مريض، وفق إحصاءات صحية.
تناقضات وتضاربات
يقول المسؤول السابق في وزارة الصحة، الدكتور مصطفى جاويش، إنه "فى بداية عام 2014 وفى مؤتمر إعلامي عالمي بالقوات المسلحة اعتلى المنصة رجل عسكري برتبة لواء (إبراهيم عبدالعاطي)، وأعلن اكتشاف علاج لفيروس سي الكبدي، وسيبدأ علاج المرضى في يونيو/ حزيران 2014، وقتها تم الإعلان عن انتشاره بنسبة 20% بين المصريين (15 مليونا)، ومضت الشهور ولم يتحقق أي شيء فيما اشتهر الموضوع فيما بعد "بجهاز الكفتة".
وأضاف جاويش لـ"عربي21": "في نهاية عام 2016 قامت وزارة الصحة بالإعلان عن القضاء على قوائم انتظار مرضى فيروس سي، وفي نهاية 2017 أعلنت الوزارة عن تهنئة منظمة الصحة العالمية لعلاج 1.5 مليون مريض كبدي، وأنه توجد خطة للقضاء على المرض بحلول عام 2020".
وتابع: "وهنا وقفة هامة وهي أن هذا الرقم 1.5 مليون مريض لو تم قياسه على عدد المرضى الذين تم الإعلان عنهم عام 2014 لكانت النسبة هي علاج 10% فقط من المرضى خلال أربعة سنوات، وبالتالي من غير المنطقي الإعلان عن خطة الانتهاء من باقي النسبة 90% خلال عامين فقط" ..
وأكد المسؤول السابق، أن الإعلان عن أكبر حملة مسح طبي في "التاريخ" يأتي بالتزامن مع "كارثة وفاة مرضى الغسيل الكلوي"، لافتا إلى أن "المبادرة التي تم الإعلان عنها فى بداية العام الحالي، يعاد اليوم التسويق لها إعلاميا بطريقة جديدة، ومن هنا يتضح جليا أن سياسة (اللقطة) الإعلامية هي الأسلوب الذي يلجأ إليه السيسى دائما للتغطية على الفشل فى إدارة البلاد".
وحذر جاويش من أن "السيسي يتحدث عن مبادرة حصر المصابين، فى حين أن المشكلة الأكثر خطورة هي زيادة عدد المصابين سنويا، 150 ألف سنويا، وتلك النسبة فى زيادة مستمرة؛ لأن أسباب العدوى منتشرة ومن أهمها نقص مستلزمات التحكم فى العدوى فى المستشفيات، بالإضافة إلى انتشار التلوث فى البيئة بصورة عامة".
التلاعب بصحة المصريين
وعن أسباب انتشار مرض فيروس "سي" في مصر، يقول أستاذ مناعة الأمراض المتوطنة واستشاري الحميات وأمراض الكبد بجامعة الإسكندرية، سابقا، الدكتور جمال حشمت، إن "مرض فيروس "سي" مرض يصيب الكبد، وخطورته في انتشاره دون معرفة أسباب ذلك على وجه اليقين؛ ما يجعل معدلات انتشاره في ارتفاع".
وأضاف لـ"عربي21" أن "انتشار المرض والفشل في علاجه ترتب عليه فزع اجتماعي، وعبء اقتصادي؛ لأنه أصبح من ضمن شروط العمل في الخارج والداخل الخلو من هذا المرض؛ ما يحرم مئات الآلاف من فرص العمل؛ وبالتالي صار مصدر إزعاج سياسي لتدخل الجهات الأمنية السيادية في محاولة السيطرة عليه، وتوظيفه لأغراض سياسية، وذلك بالسيطرة على طرق علاجه وفي ذلك قصص كثيرة ستكشف يوما ما".
وأوضح أن "المرض أصبح علاجه ميسورا، وقد عرضت شركات عالمية توفير الدواء في مصر بشرط توريده لا تصنيعه وهذا يقلل من استثمارات البعض من أصحاب النفوذ، وتم تصنيع دواء يفتقد الكفاءة، وتقل نسبة الشفاء باستعماله".
وأردف حشمت: "سيبقى المتلاعبون بصحة المصريين هم نفس المتلاعبين بثرواتهم وحقوقهم، ولن تنصلح منظومة العلاج قبل أن تنصلح منظومة الحكم للقضاء على الفساد والنهب، وحتى تسود منظومة العدل والشفافية والحفاظ على الكرامة والحريّة لكل مصري".