كشفت ستة مصادر عن أن الدول الأوروبية لا تزال تريد تسليم الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، الأسبوع المقبل، خطة لإنقاذ
الاتفاق النووي مع إيران، لكنها بدأت أيضا العمل على حماية العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والجمهورية الإسلامية إذا نفذ ترامب تهديده وانسحب من الاتفاق.
ويقول مسؤولون إن ترامب قرر أن ينسحب في 12 مايو/ أيار من الاتفاق المبرم عام 2015، الذي يصفه بأنه "كارثة"، ويستعد لرفض جهود يبذلها الأوروبيون منذ أربعة أشهر لتبديد مخاوفه.
لكن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تسعى لأن تقدم للبيت الأبيض اتفاقا سياسيا منفصلا يحمل التزاما باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إيران إذا تمكنوا من التوصل في الوقت المناسب إلى اتفاق مع وزارة الخارجية الأمريكية، شريكهم الأمريكي في المحادثات.
وعبرت عدة مصادر عن تشككها في أن الجهود ستكلل بالنجاح، وقالت جميعها إن الأوروبيين يعملون أيضا على سيناريوهات للحد من الأضرار إذا فشلت.
وقال دبلوماسي أمريكي كبير: "لدينا أسبوع لنواصل الحديث إلى الأمريكيين، ونرى ما إذا كان بإمكاننا التوصل إلى توافق بشأن الاتفاق... لكني لا أعتقد أن هناك أي سبب يدعو للإفراط في التفاؤل".
ولا يشمل الاتفاق السياسي، الذي يتوج جهودا دبلوماسية عبر الأطلسي، أطراف الاتفاق الأخرى؛ إيران أو روسيا والصين.
ويسعى لأن يوضح لترامب أن
أوروبا ستحاول احتواء برنامج طهران للصواريخ الباليستية، ونفوذها في سوريا واليمن، والشروط التي يزور بموجبها المفتشون المواقع الإيرانية المشتبه بها، والبنود التي تحدد أجلا لبعض شروط الاتفاق.
وفي حين أن الأوروبيين والأمريكيين ضيقوا خلافاتهم، لكنهم ما زالوا يجدون صعوبة في الاتفاق على كيفية تلبية طلب واشنطن في تمديد بعض القيود على برنامج إيران النووي، دون إعادة التفاوض على الاتفاق الموقع في يوليو/ تموز 2015.
وقال دبلوماسي أمريكي كبير ثان: "نحن نحاول إيجاد الصيغ المناسبة التي تفي بتوقعات الأمريكيين، دون أن تتعارض مع الاتفاق".
وأضاف: "ثمة فرصة في التوصل إلى اتفاق، لكن حتى إذا نجحنا في ذلك، فإنني لست على قناعة بأن ذلك سيكون كافيا لمنع الانسحاب الأمريكي".
وفي حزمة عروضهم لترامب، يتعامل الأوروبيون مع رغبة أمريكية في توضيح أنه يتعين على إيران إتاحة وصول المفتشين الدوليين للمواقع العسكرية. ويقول الأوروبيون إن هذا وارد ضمنا بالفعل في الاتفاق الأصلي.
وقال دبلوماسي ثالث شارك في المناقشات: "هناك رأي أمريكي بأن بنود التفتيش ليست قوية بما يكفي، رغم أن الأوروبيين لا يرون ذلك".
* شراء الوقت وإجراءات الطوارئ
يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الضغط على ترامب، لكن مع كون احتمال أن يغير رأيه احتمالا بعيدا، فقد تحول التركيز إلى التعامل مع التداعيات وتجنب حدوث فراغ خطير.
وكان ماكرون اقترح خلال وجوده في واشنطن، الأسبوع الماضي، أنه بغض النظر عن قرار ترامب يجب أن يكون هناك نقاش أوسع بين إيران والقوى التي تساند الاتفاق، الذي استغرق التفاوض بشأنه 12 عاما، للعمل بشأن صفقة كبرى.
وستشمل تلك الصفقة الاتفاق النووي الحالي وقضايا محل نقاش حاليا بين الأوروبيين والأمريكيين. لكن من الصعب رؤية كيف يمكن إعادة إيران إلى الطاولة. وتقول طهران إنها ملتزمة بشروط اتفاق 2015، ولا نية لديها للتفاوض بشأنه مرة أخرى.
ورفض وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أي شكل من أشكال التفاوض مجددا.
وتقول فرنسا وبريطانيا وألمانيا إنها ستظل ملتزمة بالاتفاق حتى إذا انسحبت الولايات المتحدة منه. وستحاول حماية وتعزيز التجارة مع إيران، التي زاد حجمها منذ رفع الاتحاد الأوروبي معظم عقوباته الاقتصادية على طهران.
فقد قفزت صادرات إيران للاتحاد الأوروبي، وهي بالأساس الوقود ومنتجات الطاقة الأخرى، عام 2016 بنسبة 344 في المئة إلى 5.5 مليار يورو (6.58 مليار دولار) مقارنة مع العام السابق، في حين ارتفعت الاستثمارات في الجمهورية الإسلامية إلى أكثر من 20 مليار يورو.
وقال مسؤول فرنسي إنه إذا لم يتسن إقناع ترامب بعدم الانسحاب، فإن "ثاني أفضل الحلول هو تشجيع الأمريكيين على الحفاظ على الظروف التي تمكن شركاتنا في القطاعات غير النفطية من مواصلة العمل".
وذكرت وزارة الاقتصاد الألمانية أنها تنتظر قرارا أمريكيا رسميا بشأن اتفاق إيران، قبل أن تقرر ما إذا كانت ستوقف تقديم ضمانات تصدير للشركات الألمانية للدخول في صفقات تجارية مع طهران. وتوفر ضمانات من هذا القبيل حماية للشركات في التعامل في الخارج عندما يتقاعس المدينون الأجانب عن السداد.
ويمكن أن تمثل إمكانيات التجارة مع أوروبا أداة للأوروبيين؛ لتهدئة الإيرانيين، وإثنائهم عن اتخاذ قرارات متسرعة، مثل ترك الاتفاق أو إحياء الأنشطة النووية التي وافقوا على التخلي عنها.
وقد تشمل الإجراءات المضادة قانونا وضعه الاتحاد الأوروبي في التسعينات، لكنه لم ينفذ بشكل كامل، وذلك لحماية الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران من التحركات القضائية الأمريكية إذا أعادت واشنطن فرض العقوبات.
لكن خطط الاتحاد الأوروبي لمواصلة تدفق الأموال إلى إيران تتطلب موافقة الولايات المتحدة على تسهيلات ائتمانية للصادرات غير مقومة بالدولار وغيرها من أشكال الدعم المالي؛ لمساعدة الشركات على دخول إيران، دون الخوف من التداعيات القانونية الأمريكية.
وذكر مسؤولان أوروبيان أن إحياء قوانين حماية الشركات لن يعدو أن يكون مجرد خطوة رمزية، لتظهر للإيرانيين أن أوروبا ملتزمة بالاتفاق. وفي الواقع العملي، ستخشى الشركات من أن يضر الاستثمار في إيران بمصالحها التجارية مع الولايات المتحدة.
ووافق مسؤول إيراني كبير على ذلك الطرح. وقال: "هناك أفكار جيدة لتظهر أن الأوروبيين ملتزمون بالاتفاق، لكننا نعتقد أنه إذا كان عليهم الاختيار بين إيران والولايات المتحدة، فسيختارون أمريكا.