هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تفاعلت أسعار النفط بشكل سريع مع تغريدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، هاجم فيها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، وانتقد ارتفاع أسعار النفط.
وتراجعت أسعار النفط بعد دقائق من نشر التغريدة، وسجلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 73.26 دولار للبرميل، بانخفاض قدره 52 سنتا عن الإغلاق السابق، وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 48 سنتا إلى 67.81 دولار للبرميل.
ونشر ترامب تغريدة قال فيها: "يبدو أن أوبك تعيد الكرّة من جديد. في ظل الكميات القياسية من النفط في كل مكان، بما في ذلك السفن المحملة عن آخرها في البحر، أسعار النفط مرتفعة جدا على نحو مصطنع وهذا ليس جيدا ولن يكون مقبولا".
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) April 20, 2018
وكانت أسعار النفط قد سجلت أمس أعلى مستوياتها منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014 يوم عند 74.75 دولار لخام برنت و69.56 دولار للبرميل لخام غرب تكساس.
اقرأ أيضا: النفط يصعد مع توقعات بتراجع المخزونات الأمريكية
ردود وزراء النفط
ونفى وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي أن تكون أسعار النفط مصطنعة، قائلا: "لن أعلق على ما قاله الرئيس الأمريكي، لكن بالتأكيد نحن نضطلع بدورنا لتصحيح السوق، والسوق كما قلنا ليست متوازنة بعد وأعتقد أن هذه المجموعة عليها واجب ينبغي أن تقوم به ونحن مستمرون في القيام بواجبنا".
وعلق وزير النفط العراقي جبار اللعيبي قائلا: "أسعار النفط ليست مرتفعة جدا، وجميع الأمور جيدة حاليا والسوق تستقر".
بدوره، قال أمين عام أوبك محمد باركيندو إن أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول أصدقاء للولايات المتحدة ولديهم اهتمام قوي بنموها وازدهارها.
وأضاف باركيندو "إعلان التعاون الذي أبرمته 24 دولة منتجة في ديسمبر/كانون الأول 2016 وتم تنفيذه بإخلاص لم يمنع التراجع فحسب، بل أنقذ أيضا صناعة النفط من انهيار وشيك".
وفي روسيا امتنع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك التعقيب على تغريدة ترامب، وقال وفقا لكالة الإعلام الروسية إنه لا يعتقد أن الأسعار مرتفعة على هذا النحو، متوقعا أن تصل خلال الشهر الجاري إلى 80 دولارا للبرميل.
وكانت ثلاثة مصادر بقطاع النفط قالت هذا الأسبوع إن السعودية سيسرها أن ترى أسعار النفط ترتفع إلى 80 دولارا أو حتى 100 دولار للبرميل، بما يشير إلى أن الرياض ستسعى على الأرجح إلى عدم إجراء تعديلات على اتفاق تخفيض الإنتاج في يونيو حزيران المقبل.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن مستوى التزام أوبك والمستقلين باتفاق الإنتاج بلغ 149 بالمئة في مارس آذار. ودعم نجاح الاتفاق العلاقات بين روسيا والسعودية. وقام العاهل السعودي الملك سلمان بزيارة رسمية إلى موسكو العام الماضي.
اقرأ أيضا: توقعات بتمديد اتفاق خفض الإنتاج ترفع أسعار النفط
دوافع انتخابية
وفي تصريحات لـ "عربي21"، أكد الخبير في شؤون النفط والطاقة نهاد إسماعيل، أن تفاعل أسعار النفط مع تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت ضئيلة، وأن توجه الأسعار لا يزال في الاتجاه الأعلى، وما زالت باتجاه تحقيق مكسب أسبوعي، مطالبا بعدم التعويل على تغريدات ترامب "لأنه قد يغير رأيه خلال فترة قصيرة"- حسب تعبيره-.
وحول غضب ترامب تجاه ارتفاع أسعار النفط على الرغم من أن ذلك سيدعم خزينة شركات إنتاج النفط الأمريكية، أوضح إسماعيل أنه يعود لأسباب انتخابية، مشيرا إلى أن الشعب الأمريكي شديد الحساسية من ناحية ارتفاع أسعار النفط، وأن الأسواق الأمريكية تتأثر كثيرا نتيجة لارتفاع أسعار البنزين بمحطات الوقود.
وتابع: "أسعار النفط المرتفعة تؤثر على القاعدة الشعبية لترامب انتخابيا، والشعب الأمريكي سيعاقب الحزب الجمهوري في الانتخابات الأمريكية إذا ارتفعت أسعار البنزين هذا الصيف".
وقال إسماعيل إن الأسعار خلال الأسبوع المقبل سيحددها بيانات المخزونات الأمريكية مضيفا: "إذا استمرت معدلات الإنتاج الأمريكي في التراجع ستواصل أسعار النفط تحركاتها الصاعدة، والعكس صحيح".
وأرجع الخبير في شؤون النفط والطاقة ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوياتها منذ أواسط 2014، إلى عدة أسباب مجتمعة أبرزها التزام أعضاء "أوبك" وروسيا باتفاق خفض الإنتاج منذ بداية 2017، وتراجع معدلات المخزونات في الدول الصناعية وكذلك ارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية في العالم لا سيما منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب استمرار أزمات إمداد وتصدير النفط في ليبيا وفنزويلا، مستطردا: "ناهيك عن الحرب التجارية والتهديدات المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة المعروفة بحرب التعرفة الجمركية".
اقرأ أيضا: النفط يصعد والأسواق تترقب الخلاف التجاري بين أمريكا والصين
عواقب سلبية
وتعليقا على تصريحات مصادر بقطاع النفط حول سعادة السعودية أن ترى أسعار النفط ترتفع إلى 80 دولارا أو حتى 100 دولار للبرميل، قال إسماعيل إن السعودية لديها التزامات وانفاق ضخم في حرب اليمن وكذلك بحاجة لسد الثغرة في الميزانية والأهم من ذلك أنها تريد أعلى سعر ممكن عندما يتم طرح أسهم أرامكو في البورصات العالمية هذا العام أو العام المقبل.
وأضاف أن رغبة السعودية في وصول أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل سيشجع المضاربين في الأسواق العالمية باتخاذ موقف التفاؤل بشأن مواصل أسعار النفط ارتفاعاتها، لافتا إلى أن السعودية تشعر بالثقة الآن بعد أن تجاوز السعر 74 دولارا للبرميل.
وأشار الخبير في شؤون النفط والطاقة إلى أن ارتفاع الأسعار له عواقب سلبية لا يمكن تجاهلها وهي أن "السعر المرتفع سيشجع صناعة الزيت الصخري على الاستثمار في الإنتاج وكذلك سيعاقب الدول المستوردة للنفط مما قد يؤدي إلى تراجع في النمو الاقتصادي العالمي وكذلك عودة التخمة للسوق مرة أخرى".
وتوقع إسماعيل أن تصل أسعار النفط على المدى القصير إلى 80 دولارا للبرميل أو أعلى من ذلك، مضيفا: "لكن المجهول إلى متى ستستمر الأسعار في الارتفاع دون عواقب سلبية".
اقرأ أيضا: الكويت: أوضاع السوق تحدد مصير اتفاق خفض إنتاج النفط
توازن السوق
وأوضح خلال حديثه لـ "عربي21" أن العامل الرئيسي الذي سيساعد على استمرار ارتفاع الأسعار هو ارتفاع الطلب العالمي وبقاء التوترات الجيوسياسية، لافتا إلى أن السوق يعود لحالة توازن تدريجي ما أعطى الأمل للمنتجين أن الوقت قد نضج لاستمرار الانتعاش في الأسعار.
وفي سياق متصل، تصدر ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوى لها منذ 2014، اهتمامات الصحف العالمية الصادرة اليوم الجمعة، وشغلت حيزا كبيرا من أحاديث المسؤولين والمحللين في الأوساط الاقتصادية على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية.
وقالت صحيفة "الفايننشال تايمز"، إن ارتفاع أسعار النفط الخام إلى أكثر من 74 دولارا للبرميل دفع شركات الطاقة إلى مقدمة قوائم مؤشرات الأسهم العالمية.
وعزت الصحيفة هذا الارتفاع إلى تخفيض الإنتاج النفطي لدى الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وروسيا خلال الـ 16 شهرا الماضية، فضلا عن تصاعد المخاوف من آثار الأزمة الاقتصادية في فنزويلا والتهديد بفرض عقوبات أمريكية جديدة على إيران.
اقرأ أيضا: هذه مخاوف السعودية من ارتفاع أسعار النفط.. وإيران تعلق
تحالف طاقة جديد
وقال الصحفي البريطاني المختص بالشؤون الاقتصادية أندرو كريتشلو، في تحليل له بصحيفة "الديلي تلغراف"، إن رغبة المملكة العربية السعودية في أن تصل أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل تثير خطر حدوث مضاربة في الأسواق العالمية.
وأرجع كريتشلو، أسباب الارتفاع في الأسعار إلى التعاون غير المسبوق بين السعودية وروسيا، فضلا عن مجموعة الدول الأخرى المنتجة للنفط، الذي خفض إمدادات النفط الخام عالميا إلى 1.8 مليون برميل يوميا منذ يناير/كانون الثاني الماضي.
وأشار إلى أن روسيا أيضا ترى أن وصول سعر النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل الواحد أمر ضروري لمواجهة توعكها الاقتصادي ولتجنب اختناق اقتصادي بطيء ومؤلم من جراء العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب عليها.
وقال الصحفي البريطاني إن تطابق المصالح بين العملاقين النفطيين السعودية وروسيا، ينذر بتحالف طاقة جديد "غير محدد بزمن" يسيطر على نصف الإمداد النفطي في العالم تقريبا، الأمر الذي سيعيد سعر النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل وهو ما سيخدم مصالح كلا الجانبين فيه.