هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال محللون وخبراء اقتصاد لـ "عربي21"، إن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في سلب واستنزاف ثروات دول الخليج، ليست جديدة، وإنما الجديد هو الأسلوب الصريح والجريء الذي يتعامل به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأوضحوا أن ترامب تفوق على أسلافه من الرؤساء الأمريكيين في سلب واستنزاف ثروات الشرق الأوسط وخاصة الخليج تحت شعار "الأموال مقابل الحماية".
وقال ترامب خلال حملته الانتخابية في آب/ أغسطس 2016: "ندافع عن السعودية ولا يدفعون، نحن دولة لديها ديون تبلغ 20 ترليون دولار، وعليهم مساعدتنا، لولا الولايات المتحدة لما كانت دول الخليج موجودة أصلا".
وجدد ترامب حديثه عن أموال السعودية أثناء لقائه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالبيت الأبيض، الأربعاء الماضي، قائلا: "السعودية دولة ثرية جدا، وسوف تعطي الولايات المتحدة بعضا من هذه الثروة كما نأمل، في شكل وظائف، وفي شكل شراء معدات عسكرية".
وعلق الرئيس الأمريكي على إحدى صفقات السلاح التي عقدتها الولايات المتحدة الأمريكية مع السعودية بقيمة 525 مليون دولار أمريكي، قائلا لولي العهد السعودي: "هي مجرد حبات فول سوداني بالنسبة لكم"، فضحك بن سلمان، وهو ما اعتبره مراقبون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لغة مسيئة لولي العهد السعودي.
وعقدت شركات سلاح أمريكية سلسلة صفقات بمليارات الدولارات مع الرياض، بجانب صفقات سلاح مليارية مع دول الخليج الأخرى كالإمارات والكويت والبحرين وقطر. وخلال شهر مارس/آذار الجاري عقدت وزارة الدفاع الأمريكية، صفقتي سلاح جديدتين لقطر والإمارات بما يزيد على 400 مليون دولار.
وأكد الباحث الاقتصادي أحمد مصبح أن استنزاف الولايات المتحدة لثروات دول الخليج ليس بالمسألة الجديدة ، ولكن الجديد في الأمر هو الطرق المبتكرة والصريحة التي يتفاخر فيها الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب حول أحقية الولايات المتحدة الأمريكية في أخد جزء من هذه الثروات كحق مشروع لها.
اقرأ أيضا: ترامب يصف مال السعودية بالفستق وابن سلمان يبتسم (فيديو)
وقال مصبح لـ "عربي21"، إن ترامب ينتهج سياسة اختلاق الأزمات وابتزاز أطراف الأزمة تحت شعار "الأموال مقابل الحماية".
وأوضح مصبح أن صفقات السلاح التجارية بين دول الخليج وخاصة السعودية شكلت أحد أهم أشكال استنزاف الولايات المتحدة لثروات الخليج خاصة ودول الشرق الأوسط عامة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تؤمن أن أزمات الشرق الأوسط دون افتعال مواجهات العسكرية الحقيقية لن تكون مربحه لها.
وتابع: "لذلك ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في تطور الأزمة اليمنية والسورية من خلال سياستها المتقلبة، فمنذ تولي ترامب الحكم رفع القيود المفروضة على تجارة السلاح، وعقد صفقة سلاح مع السعودية بلغت قيمتها 200 مليار( كمرحلة أولي) لشراء معدات عسكرية وأسلحة.
وأضاف مصبح أن الاستثمارات الخليجية في سوق السندات الأمريكي فقط بلغت وفق بيانات الخزينة الأمريكية قرابة 370 مليار دولار مع نهاية 2017 ، ( السعودية والإمارات فقط 210 مليار دولار)، في حين تشير بعض التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة تصل حاجز التريليون دولار.
وأضاف: "تستطيع الولايات المتحدة التحفظ على تلك الأموال إذا ما أرادت تفعيل قانون جاستا (المعتمد من الكونغرس، وجمد العمل به الرئيس السابق باراك أوباما)، والذي يسمح لضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة المسؤولين الأجانب أمام المحاكم الأمريكية بتهمة دعم الإرهاب. وفي حال إثبات التهمة يمكن مطالبتهم بتعويضات قد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات".
وأشار المحلل الاقتصادي، عمرو السيد، إلى أن ترامب سلب أكثر من نصف تريليون دولار من السعودية في أكبر صفقة سلاح تمت خلال السنوات الماضية، وذلك خلال زيارته للسعودية في أيار/ مايو الماضي، ولم يكتفى بذلك بل أبرم بعدها صفقات أخرى وإن كانت بمبالغ أقل.
اقرأ أيضا: الغارديان: هذا ما أظهره تقرير سويدي حول تجارة الأسلحة
وقال السيد لـ "عربي21"، إن استنزاف ترامب لأموال السعودية لم يقتصر فقط على صفقات السلاح بل امتدت أيضا لاستثمارات وصفقات تجارية أخرى، لافتا إلى تصريحات ولي العهد السعودي خلال لقائه بترامب التي أكد فيها أن يخطط لاستثمار 200 مليار دولار في الولايات المتحدة، وتنفيذ المشروعات الذي تم الاتفاق عليها سابقا، وقيمتها 400 مليار دولار".
وأضاف السيد: "هذه صفقات ابتزاز وليست استثمار، خاصة وأنها تأتي في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد السعودي من ضغوط كبيرة وعجز بالموازنة العامة للدولة للعام الخامس على التوالي نتيجة تراجع أسعار النفط، والحروب التي تخوضها المملكة في سوريا واليمن، وهو ما دفع الحكومة السعودية لفرض ضرائب لأول مرة وزيادة أسعار الوقود بنسب تجاوزت الـ 50%".
وتابع: "ترامب يلعب على استمرار الحرب في المنطقة والتصعيد بين الخليج وإيران لدعم اقتصاد بلاده وتجارة السلاح، واستخدامه ملف الإرهاب لصناعة فزاعة لدى شعبه ودول العالم والسيطرة على المنطقة العربية".