هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت
صحيفة نيويورك تايمز تقريراً جديدا ومطولاً
حول لجوء السلطات في المملكة العربية السعودية إلى القهر وألوان من التعذيب
لانتزاع مليارات من أصحابها.
ويتضمن
التقرير الجديد للصحيفة -والذي ترجمته "عربي21" وتنشره
كاملا في وقت لاحق- تفاصيل لم تنشر من قبل في وسائل إعلام عالمية حول
ما جرى مع المحتجزين داخل فندق الريتز كارلتون في الرياض بما في ذلك مقتل أحد
السجناء تحت وطأة التعذيب الشديد.
ومما
جاء في التقرير: "خلال الأيام الأولى من عمليات الاحتجاز التي جرت داخل فندق
الريتز احتاج ما لا يقل عن سبعة عشر من الموقوفين فيه إلى علاج طبي بسبب ما لحق
بهم من أذى على أيدي سجانيهم، وذلك بحسب معلومات وردت من أحد الأطباء ومن مسؤول
أمريكي".
كما أن أقرباء بعض المعتقلين صرحوا بأن أقاربهم
حرموا من النوم، وكانت رؤوسهم مغطاة حينما تعرضوا للضرب والاستجواب في محاولة من
الحكومة لإلزامهم بالتنازل عن كميات ضخمة من أموالهم وممتلكاتهم.
وتلاحظ
الصحيفة أنه رغم أن الأدلة على وقوع الانتهاكات بحق المعتقلين كانت تتسرب ببطء
شديد، إلا أنه ما لبث مسؤولون من حكومتين غربيتين أن أكدا صدقية التقارير التي
وردت بهذا الشأن.
ويتطرق
التقرير لقصة علي القحطاني، ضابط الجيش السعودي الذي قضى نحبه أثناء الاعتقال،
وينقل عن أحد الأشخاص الذين شاهدوا جثة الضابط علي القحطاني أن "رقبته كانت
ملتوية بشكل غير طبيعي كما لو أنها كسرت وكانت الكدمات والجروح منتشرة في أنحاء
جسده، بينما غطت جلده آثار التعذيب".
وطبقاً
لشهادة أحد الأطباء وشهادة شخصين آخرين اطلعا على حالة الجثة فقد كانت على جسده
آثار حروق يبدو أنها نجمت عن الصعق بالكهرباء.
وتقول
الصحيفة إنها وجهت أسئلة حول قضية الجنرال القحطاني إلى السفارة السعودية في
واشنطن فما كان من أحد موظفي السفارة إلا أن أجاب الصحيفة على استفساراتها بما
يلي: "كل الادعاءات بأن أولئك الذين جرى التحقيق معهم أثناء إجراءات مكافحة
الفساد تعرضوا لمعاملة سيئة وللتعذيب هي ادعاءات عارية تماماً عن الصحة".
وزعم
ذلك المسؤول أن المعتقلين أتيحت لهم الحرية في التواصل مع محاميهم ووُفرت لهم
الرعاية الطبية.
وعن
الجنرال القحطاني تقول نيويورك تايمز في تقريرها إنه ضابط في الحرس الوطني السعودي
يعتقد أنه في الستين من العمر، وتشير إلى أنه لم يكن هو بذاته ثرياً، ما يثير
الشكوك حول السبب في استهدافه ضمن الحملة على الفساد، إلا أن يكون السبب وراء ذلك أنه
كان من كبار مساعدي الأمير تركي بن عبد الله، نجل الملك الراحل عبد الله والحاكم
السابق لمنطقة الرياض. وتقول الصحيفة إن استهداف القحطاني ربما كان الغرض منه
الضغط عليه للإفصاح عن معلومات تتعلق برئيسه الأمير تركي، مذكرة بأن أفراد عائلة
الملك عبد الله بات يُنظر إليهم على أنهم خصوم لولي العهد محمد بن سلمان ولوالده
الملك سلمان.
وتكشف
الصحيفة النقاب عن أن الجنرال القحطاني نقل في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني إلى أحد
المستشفيات الخاصة قريباً من الفندق لإجراء تصوير إشعاعي وعلاجات أخرى، وحينها تم
اكتشاف آثار الضرب والتعذيب الذي تعرض له بحسب ما صرح به أحد الأطباء الذين اطلعوا
على حالته.
فيما
بعد، حسبما يفيد به تقرير نيويورك تايمز، أعيد القحطاني إلى الفندق لمزيد من
الاستجواب، ثم ما لبث أن أعلن عن وفاته في أحد المستشفيات العسكرية.
وتقول
الصحيفة إن السلطات في المملكة لم يصدر عنها حتى الآن ما يشرح ملابسات وفاة
الجنرال، بينما التزم أفراد عائلته وكذلك أفراد عائلة الملك الراحل عبد الله الصمت
خشية ما يمكن أن يحيق بهم من إجراءات عقابية أو انتقامية إذا ما تحدثوا علانية عن
ظروف وفاته، وهذا ما أكده عدد من الأشخاص الذين تحدثوا إليهم.
وتشير
الصحيفة أيضاً إلى أن الأمير مشعل بن عبد الله، وهو أيضاً من أبناء الملك الراحل،
كان قد عبر عن امتعاضه ضمن صفوة من معارفه عن المعاملة السيئة التي كان يتلقاها
الجنرال القحطاني، ثم ما لبث الأمير مشعل نفسه أن ألقي القبض عليه واحتجز داخل
الريتز مع الآخرين.
ولعل
هذا ما دفع الصحيفة إلى استنتاج أن من أهداف محمد بن سلمان الاستيلاء على ثروة
ذرية الملك عبد الله، لأنه يرى فيهم منافساً محتملاً على عرش مملكة آل سعود، وما
يؤكد ذلك أن الملك سلمان وابنه ولي العهد لم يدخرا وسعاً منذ أن استلما الحكم في
تهميش أولاد عبد الله بل وفي إقصائهم.
وبالعودة
إلى الأمير تركي بن عبد الله، تبين الصحيفة أنه أقيل من منصبه كحاكم للرياض في عام
2015، بينما أقصي شقيقه الأمير متعب من منصبه في رئاسة الحرس الوطني في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني. كلا الرجلين اعتقلا في فندق ريتز كارلتون، وكان ذلك أيضاً مصير
عدد من أشقائهما.
وتنقل
الصحيفة عن ثلاثة من المقربين من عائلة الملك عبد الله أن الملك الراحل ترك وراءه
عشرات المليارات من الدولارات ضمن "مؤسسة عبد الله" والتي كان من
المفترض أن تمول مشاريع تنفذ باسم الملك وتشكل في نفس الوقت بالنسبة لورثته ما
يشبه الحصالة. ولذلك، بمجرد وفاته في عام 2015 دفعت المؤسسة مليارات الدولارات
لأبنائه وبناته الذين يربو عددهم على الثلاثين، بما معدله 340 مليون دولار لكل
واحد من أبنائه الذكور وما يقرب من 200 مليون دولار لكل واحدة من بناته.
يسعى
ولي العهد محمد بن سلمان، حسب ما ينقل تقرير نيويورك تايمز عن أشخاص مطلعين على
عملية المفاوضات، إلى استعادة كل تلك الأموال التي يرى أنها أخذت بغير وجه حق
وبشكل غير قانوني من مؤسسة خيرية. أما أبناء الملك عبد الله فيعتبرون تلك الأموال
جزءاً لا يتجزأ من التركة التي خلفها والدهم.
وتبين
الصحيفة أن مدير المؤسسة هو الأمير تركي بن عبد الله ومساعده هو الجنرال القحطاني
الذي قضى نحبه رهن الاعتقال، وتضيف: "لا يزال الأمير تركي معتقلاً بينما
يُحظر على معظم أشقائه وشقيقاته وأفراد عائلاتهم السفر خارج المملكة. إلا أن بعضهم
يتواجدون الآن في لندن وفي أماكن أخرى، ويخشون العودة إلى المملكة التي كان والدهم
حتى عهد قريب يحكمها".
وبحسب
ما تنقله الصحيفة عن أقارب ومعارف لعائلة الملك الراحل عبد الله، يسمح لأبنائه
بسحب ما يعادل 26 ألف دولار في الأسبوع لكل واحد منهم من حساباتهم الشخصية لتغطية
نفقاتهم.