يترقب الليبيون ما ستؤول إليه الأحداث عقب المظاهرات التي دعا إليها رجل الأعمال والناشط
عبدالباسط اقطيط في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس في يوم 25 أيلول/سبتمبر الجاري؛ احتجاجا على الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ عدة سنوات.
وكان الناشط والمرشح السابق لرئاسة الوزراء عبد الباسط اقطيط، قد دعا الليبيين في أواخر تموز/ يوليو الماضي، إلى الخروج في ميدان الشهداء بطرابلس في الـ25 من أيلول/سبتمبر الجاري، للوقوف إلى جانبه احتجاجا على الأوضاع الراهنة في البلاد، مشيرا إلى عزمه على الحصول على اعترافات بـ"إرادة الشعب الليبي"، كما تحصل عليها المجلس الوطني الانتقالي إبان ثورة فبراير، حسب تعبيره.
وأثارت دعوات اقطيط جدلا وردود أفعال متفاوتة لدى بعض الأطراف المتصارعة في
ليبيا، فمنهم من أيدها ودعمها، ومنهم من رفضها بشدة، وآخرون تحفظوا عليها بصمت وترقب.
الإعلان والاستعداد للحراك
وأكد اقطيط في بيانه الصادر في يوم 14 من الشهر الجاري، أن
حراك 25 أيلول/ سبتمبر حراك شعبي مدني سلمي، يعمل على إعلان صوت المواطن ورفع معاناته والسعي لتغيير حقيقي يصحح الأوضاع ويحقق الرفاهية والتنمية، وأنه بعيد عن كل التجاذبات السياسية والصراعات الحزبية والخلافات القبلية، وهو حراك ليبي وطني يهدف لإيصال صوت المواطن في ليبيا لشعوب العالم وصناع القرار العربي والإقليمي والدولي.
وبخصوص تأمين المظاهرة، أوضح اقطيط أنه إلى ذاك اليوم لا يوجد هناك أي جهة جرى الاتفاق معها على تأمين التظاهرة أو ميدان الشهداء، إلا الجهات المسؤولة المعتمدة في طرابلس وعلى رأسها مديرية أمن طرابلس والأمن المركزي فرع طرابلس، وأنهم في سياق الدعوة إلى دولة المؤسسات نتوصل لها بالطرق المشروعة والقوانين المعمول بها، بعيدا عن الفوضى وبث الشائعات وزعزعة الأمن والنظام العام، على حد قوله.
مؤيدون للحراك
وظهرت أصوات عدة في العديد من المدن الليبية من بينها شخصيات بارزة، مؤيدة وداعمة لحراك 25 أيلول/سبتمبر، ومنها ما أعلنت هذا التأييد في العلن، ومنها ما أخفت هذا التأييد خوفا على نفسها من تعرضها لأذى.
ولم يعترض مفتي ليبيا الصادق الغرياني على حراك اقطيط، مبديا رضاه عنه بشرط أن تنصر هذه التظاهرة الحق والدين وإقامة العدل.
وقال الغرياني، إن كل من يأتي بمشروع في ليبيا يجب أن يحكم عليه من خلال العمل، وليس من خلال الكلام والشعارات، مبينا بأنه لو رأى عملا ونصرة للحق فإنه سيقف معه.
من جهة أخرى، باركت كتيبة "الشهيد نوري فريوان" من مصراتة في بيان، مشروع اقطيط وجميع حلوله لإخراج ليبيا من الأزمة التي عانت منها أشهر طوال، مشيرة إلى أنها لمست في كلماته ومشروعاته تطلعا لتحقيق الأهداف التي جاءت بها ثورة 17 فبراير، مؤكدة وقوفها مع اقطيط وما يطرحه خلال أحاديثه عن الوضع العام في الفترة الأخيرة.
وظهر شباب من مصراتة على صفحة "حراك 9/25" على "فيسبوك" الداعمة لاقطيط، يرفعون لوحات وشعارات مؤيدة لهذا الحراك.
ونشرت صفحة "حراك 9/25" على "فيسبوك"، صورا لكتابات على الحائط قالت إنها في مدينة زليتن شرق العاصمة طرابلس، وأخرى في مدينة سبها جنوب البلاد، تدعم مشروع اقطيط للخروج بليبيا إلى بر الأمان وإنهاء الانقسام السياسي الحاصل في البلاد.
رافضون
من جانب آخر رفضت أطراف أخرى في طرابلس وخارجها، حراك اقطيط، وقال بعضهم، "إن هذا الحراك وراءه دعم أجنبي وأجندة مشبوهة"، وآخرون هددوا ولوحوا باستخدام القوة ضد هذا الحراك.
وحذرت كتيبة ثوار طرابلس التي تسيطر على كامل العاصمة بإمرة هيثم التاجوري، من الخروج على النظام العام وإرباك المشهد الأمني في طرابلس.
وقال آمر الكتيبة هيثم التاجوري بحسب ما نشر على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، إنهم لن يسمحوا بأن يكون أمن العاصمة رهينة لمن وصفهم بـ "أدعياء الوطنية"، مشيرا إلى أن المؤسسات النظامية والأجهزة الأمنية تعمل على حفظ الأمن والنظام بالعاصمة.
وسرعان ما تغير موقف هيثم التاجوري آمر كتيبة ثوار طرابلس الذي أصدر يوم الثلاثاء الماضي بيانا تعهد فيه بحماية وتأمين أي حراك سلمي في العاصمة، "يكون ضمن إطار يحترم القوانين المعمول بها، ويراعي الظروف الراهنة للبلاد، ويعطي الأولوية لسلامة المواطنين ولا يزج بهم إلى مشاريع مستوردة".
في حين، قال المستشار الأمني لرئيس المجلس الرئاسي هاشم بشر، "إننا نرفض خروج التظاهرات في العاصمة لتحقيق مشاريع فاشلة"، حسب وصفه، موضحا أن هناك فرقا بين حق التظاهر السلمي واستغلال هذا الحق لزعزعة الأمن في طرابلس، بحسب تصريحه لشبكة الرائد الأحد الماضي.
وعن تأمين المظاهرة وحمايتها، أكدت الإدارة العامة للأمن المركزي فرع طرابلس، أن اقطيط لم يقم بمخاطبة رسمية وقانونية بشأن تأمين المظاهرة التي دعا لها، مشيرة إلى أنها ليست ضد أي تظاهر سلمي وفق التشريعات النافدة بالقانون الليبي.
كما طالبت مديرية أمن طرابلس، المواطنين باتباع الإجراءات القانونية والتشريعات النافذة بشأن تنظيم المظاهرات، حتى تحول دون أي تحريض على الجرائم والعبث بممتلكات المؤسسات العامة والخاصة.
وأوضحت المديرية في بيان لها، أنه يجب على كل مظاهرة تشكيل لجنة منظمة تتولى تقديم إخطار لمديرية الأمن بمكان وزمان المظاهرة، وتساهم هذه اللجنة في الحفاظ على النظام العام بمنع وقوع أي مخالفة للآداب العامة أو تحريض على مؤسسات الدولة.
موقف مؤيدي حفتر
ورفضت عدة شخصيات مؤيدة وموالية لعملية الكرامة بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر هذا الحراك، معتبرا أن وراء هذا الحراك التيار الإسلامي، وأن عبدالباسط اقطيط يدعم هذا التيار المتطرف، على حد قولهم، دون أن تفصح القيادات الرسمية لعملية الكرامة عن موقفها من حراك 25 سبتمبر.
وانقسم الشارع في مدينة بنغازي التي تبسط قوات خليفة حفتر سيطرتها عليها، إلى رافض لاقطيط ومشروعه "الإخواني"، وفق قولهم، ومتحفظ بخوف من إبداء رأيه من اقطيط الذي يعتبر أحد الأطراف الرافضة لمشروع حفتر.
اقطيط يردّ
وردّ اقطيط على معارضيه قائلا: "لقد سمعنا أصواتكم المليئة بالتهديد والوعيد، وسوف تسمعوا أصواتنا الصارخة في وجه الظلام في يوم 25 سبتمبر من ميدان الشهداء في طرابلس، وستكون أصواتنا إعصارا على قلوبكم، ولكن أيدينا مفتوحة لكل إنسان يريد أن يساعد على بناء هذا الوطن الجريح"، بحسب ما نشر على صفحته في "فيسبوك".