كشفت دراسة حديثه حول الأداء
الإعلامي في
اليمن، في ظل الحرب القائمة منذ أكثر من عامين ونصف، عن وجود ضعف واضح لدى وسائل الإعلام اليمنية في الحديث عن
السلام، لحساب هيمنة اللغة التحريضية، ما يزيد من إطالة أمد الصراع المسلح فترات أطول، وفق الدراسة.
وأوضحت الدراسة، الصادرة عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني، أن 70 في المئة من البرامج والأخبار تتحدث عن المعارك العسكرية فقط مع إغفال الحديث عن السلام أو مبادرات السلام.
وقال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي؛ الذي أجرى الدراسة، مصطفى نصر، إن الدراسة التي نفذت في إطار مشروع رصد الحريات الإعلامية في اليمن واستهدفت عشر قنوات يمنية، "هدفت بدرجة رئيسية إلى تقييم تعامل وسائل الإعلام في اليمن (القنوات التلفزيونية) مع الحرب الدائرة في اليمن منذ آذار/ مارس 2015".
وأضاف لـ"
عربي21": "سعت الدراسة إلى تحقيق عدد من الأهداف، على رأسها معرفة مدى تقديم وسائل الإعلام لمعلومات أساسية حول طبيعة النزاع ومراحل تطوره، ومدى مراعاتها لحساسية الصراع، ودورها في الوصول إلى السلام والحل الشامل للحرب في اليمن، إضافة إلى تناولاتها للقضايا الإنسانية التي أنتجتها الحرب".
هيمنة اللغة التحريضية
وتوصلت الدراسة إلى أن 63.9 في المئة من البرامج المرصودة "هيمنت عليها لغة تحريضية ونبرة مثيرة لإضفاء صفة عاطفية على موضوع القصة دون الحاجة إلى ذلك، وذلك بهدف تأجيج حدة الصراع واستمالة مشاعر الجماهير تجاه الطرف الآخر".
وأشارت إلى أن القصص الإنسانية التي تحكي معاناة المواطنين اليمنيين جراء تردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية؛ يطويها النسيان والتجاهل، إذ تطغى أخبار المواجهات العسكرية والعنف على وسائل الإعلام، ويرحل الفقراء دون أن يلتفت إليهم أحد، حيث مثلت تناولات القصص الإنسانية ما نسبته 7.5 في المئة فقط من إجمالي البرامج المرصودة.
وفيما يتعلق بدور وسائل الإعلام في توضيح طبيعة الصراع، ذكرت الدراسة أن نصف البرامج والأخبار التي تم رصدها عملت على جعل الصراع "مبهما وغير واضح"، من خلال وضع المشاهد أمام عدد من مشاهد النزاع القائم دون تبيين حقيقته وإبراز الأسباب التي أدت إليه والأطراف الفاعلة والمؤثرة التي تعمل على استمراره.
ورأت أن ذلك يأتي في إطار محاولة وسائل الإعلام "في عدم تمكين الجمهور من فهم أهمية التطورات والأحداث الجديدة التي تم ذكرها في البرنامج أو الخبر".
ورصدت الدراسة 481 برنامجا لعشر قنوات شملتها الدراسة، وخلصت النتائج إلى أن أكثر من نصف البرامج والأخبار المرصودة يتم تقديمها بشكل متحيز وغير محايد، حيث أظهرت النتائج أن "54.9 في المئة منها تقوم بتغطية أخبار طرف واحد من أطراف النزاع في اليمن، ومحاولة تغطية أخبار الطرف الآخر؛ ولكن بطريقة مناوئة بهدف التشويه ورسم صورة سلبية عنه"، وفق الدراسة.
"الاستقطاب" أحد أهم الأسباب
وعزا نصر أسباب هيمنة اللغة التحريضية على أداء وسائل الإعلام؛ إلى ما أطلق عليها "ظاهرة الاستقطاب" التي يؤكد أنها اتسعت في وسائل الإعلام اليمنية منذ بدء الحرب، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة قسمت الإعلام إلى فريقين: "أحدهما مؤيد للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، والآخر يتبع جماعة الحوثي والرئيس السابق علي صالح".
وأضاف: "سعت هذه الأطراف المنخرطة في الصراع إلى توظيف إعلامها لخدمة سياساتها والمساهمة في تشكيل رأي عام يسمح بتمرير خططها وأهدافها، واستقطاب مؤيدين لتوجهاتها العسكرية والسياسية. وفي إطار كل طرف، ظهرت وسائل إعلام بأجندة تعتمد على التمويل المالي الذي تتحصل عليها هذه الوسيلة أو تلك، والبعض منها يتبع أطرافا وجهات محلية، وأخرى تتبع أطراف خارجية".
ولكن نصر أوضح لـ"
عربي21"؛ أن "ذلك لا يعني أنه لا توجد وسائل إعلام تحاول جاهدة أن تكون مهنية في بيئة تتسم بالصراع وصعوبة العمل، لكنها تظل محدودة"، مشيدا ببعض القنوات والمواقع الإلكترونية والإذاعات التي تحاول أن تقدم للجمهور معلومات مبنية على الحقائق.
يذكر أن مليشيات الحوثي والرئيس السابق علي صالح، قامت بمصادرة المؤسسات الإعلامية الحكومية وإغلاق المؤسسات المناوئة لها ومصادرة ممتلكاتها، منذ اللحظة الأولى لاجتياحها العاصمة صنعاء في 21 أيلول/ سبتمبر 2014، ولم تسمح بالعمل إلا لوسائل الإعلام التابعة لها.