أثار حضور رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح للقمة الأفريقية المنعقدة في الكونغو، رغم اعتذار قائد القوات التابعة للبرلمان خليفة
حفتر عن الحضور، مزيدا من التساؤلات حول وجود أزمة بين الطرفين بدأت تظهر إلى العلن.
وأكد مصدر من الشرق الليبي، مقرب من قوات حفتر، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"
عربي21"، وجود أزمة معروفة في بعض الأوساط بين حفتر وعقيلة صالح، بعد قيام الأول بتهميش الأخير وتكوين كتلة في البرلمان تسيطر عليه، حسب المصدر.
أزمة قديمة
ولم تكن قمة الكونغو فقط هي الدليل على وجود أزمة وخلافات بين الطرفين، لكن غياب عقيلة صالح عن حفل نُظم في أيار/ مايو الماضي، بمناسبة الذكرى الثالثة لما تسمى "عملية الكرامة" التي يقودها حفتر، أكد عمق هذه الخلافات.
وذكر مصدر مقرب من رئيس البرلمان وقتئذ أن "المستشار عقيلة وصل إلى منطقة توكرة (شرق بنغازي)، إلا أنه لم يحضر الحفل لأنه آثر عدم التسبب في احتكاك بين حرسه وحرس حفتر المشرفين على الحفل".
ومؤخرا وجه حفتر عدة انتقادات حادة لمجلس النواب، واتهمه بالضعف، مما أزعج صالح وعشيرته في الشرق الليبي، وهو ما جعل صالح دائما يصرح بصفته "القائد الأعلى للجيش"، في إشارة منه إلى أنه من عطى الشرعية لحفتر ووجوده.
والسؤال: "إلى أي مدى ستصل الأزمة بين الطرفين؟ وهل سيستقوي عقيلة بقبيلة العبيدات التي تنتشر في الشرق الليبي كله لمواجهة حفتر علانية؟".
مواجهة مؤجلة
من جهته، أكد الكاتب الصحفي الليبي، عبد الله الكبير، أن "هناك عدة دلائل تؤكد وجود أزمة حقيقية بين عقيلة وحفتر، فخلال جولته في مناطق الجبل الأخضر لم يقم حفتر بزيارة عقيلة في مقر إقامته، ولما أراد عقيلة مقابلة حفتر في الرجمة رفض إجراءات التفتيش وسحب الهاتف ولم يقابل حفتر"، مضيفا: "إذن هي أزمة صامتة".
وأضاف لـ"
عربي21": "مواجهة عقيلة مع حفتر مؤجلة ولكنها قادمة، فتطلعات حفتر للسلطة سيفهم منها أنه اتخذ محاربة الإرهاب في بنغازي وتأسيس الجيش كذريعة لتحقيق هذا الهدف، ما سيثير ردود فعل لا يمكن التكهن بمداها"، وفق تقديره.
لكن الباحث الليبي، علي زيد، أشار إلى أن "التوتر الأخير الحاصل بين بعض أفراد قبيلة العبيدات (قبيلة عقيلة) وقوات حفتر؛ عكست بعض السلبيات على العلاقة بين حفتر وصالح".
وأوضح في حديثه لـ"
عربي21"؛ أن "حفتر الآن يمر بمرحلة انتقالية تمثل جسرا بين العمل العسكري والسياسي، وبانتقاله لممارسة السياسة؛ يحتاج لوجوه جديدة وإعادة تصنيف لأدواته السياسية، والتي من بينها البرلمان مما يؤشر بوجود هذا التوتر، لكن حفتر لن يصادم عقيلة قبل تقديم ترضية لقبيلة العبيدات ذات الثقل الكبير والمهم في الشرق" حسب قوله.
حفتر الأقوى
ورأى الناشط السياسي الليبي، مختار كعبار، أن حفتر هو الأقوى الآن والمسيطر في الشرق، وهناك عدة قبائل تؤيده، وكذلك لديه اعتماد على الدعم العسكري المصري والإماراتي والفرنسي إضافة لفلول النظام السابق، والدعم السعودي عبر مليشيات المداخلة، وفق تعبيره.
وأضاف: "حفتر لا يريد من عقيلة أو السراج أو الثني أن يمثلوا أنهم في موقع يمثل رئيس دولة، فهذا موقع حفتر كما يراه".
وقال: "صحيح أن عقيلة قد يعتمد على قبيلته العبيدات، لكن القوة العسكرية بيد حفتر، ولا يستطيع هؤلاء إلا الخضوع له، مثلما حصل مع قبيلة العواقير التي الآن صارت في خنوع كامل"، على حد وصفه.
لكن الناشط من الجنوب الليبي، علي سعيد نصر، استبعد "وقوع مواجهة بين الطرفين؛ لأن الترابط القبلي متين في منطقة برقة، كما أن عقيلة صالح ينتمي إلى أكبر قبائل المنطقة، وأظن أن حفتر لن يدخل في تصادم مباشر معها"، كما قال لـ"
عربي21".
"القبيلة" كلمة السر
وقال الإعلامي الليبي محمد علي، إن "أساس التأييد الشعبي لحفتر هي القبيلة، على اعتبار أن تركيبة المجتمع في الشرق تحتم أن ينساق الرأي والموقف خلف ما يقوله زعماء القبائل؛ على اعتبارها الجهة صاحبة الكلمة الحاسمة هناك".
وتابع لـ"
عربي21": "المواجهة بين الطرفين لن تحدث، فلو أراد حفتر إسقاط عقيلة صالح سيتمكن بشكل غير مباشر من خلال تحركات أعضاء من البرلمان، لكن يبدو أنه لا يريد ذلك؛ لأنه لن يراهن بخسارة أي أوراق ونقاط تحصل عليها"، وفق قوله.