نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها في طهران سعيد كمالي دهقان، يقول فيه إن نظام الرعاية الصحية، الذي بدأه حسن
روحاني في ولايته الرئاسية الأولى، أمن 11 مليون
إيراني ممن لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية المطلوبة، خاصة الفقراء والعاطلين عن العمل.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن نظام "بيمه سلامات" (العناية الصحية) يقوم على دفع 380 ألف ريال في الشهر، ويؤهل المشترك فيه للحصول على العناية ودفع جزء بسيط من تكاليفها.
ويبدأ دهقان تقريره بالحديث عن علي وصهره البالغ من العمر 67 عاما، الذي نقل للمستشفى على جناح السرعة، بعد إصابته بجلطة دماغية إلى مستشفى نمازي في شيراز، وتلقى العلاج لمدة 20 يوما في قسم العناية المركزة، مشيرا إلى أن أول ما تبادر لذهنه وعائلته عندما تعافى صهره من المرض، هو كيفية دفع فاتورة العناية الطبية، واقترض مالا ليدفع 100 مليون ريال "ألفي جنيه إسترليني"، لكن عندما جاءت الفاتورة لم تزد على 5.8 مليون ريال (116 جنيها إسترلينيا".
وتنقل الصحيفة عن علي، قوله: "ظننا أنهم نسوا إضافة صفر"، ويضيف: "نظرت إلى شقيق زوجتي وضحكنا، وكان مبلغا قليلا، لا شيء"، لافتة إلى أن والد زوجته انضم قبل مرضه لمشروع عناية صحية بداه الرئيس روحاني في ولايته الرئاسية الأولى، وأعلن عنه عام 2014، وأطلق عليه برنامج "
روحاني كير"، في استعادة لبرنامج الرئيس باراك أوباما "أوباما كير"، ما كان يعني أن عائلة علي مطلوب منها دفع جزء صغير من فاتورة العلاج، وهي 128 مليون ريال.
ويلفت التقرير إلى أن برنامج العناية غطى خلال السنوات الثلاث الماضية حوالي 11 مليون شخص، ما يعني أن من لم يتلقوا علاجا، مثل الفقراء ومن لا عمل لهم أصبحوا مشمولين بالعناية، حيث يقول علي إن برنامج العناية الصحية هو الإنجاز الأكبر للرئيس داخل إيران، وساعد على فوزه الساحق في انتخابات أيار/ مايو، حيث زادت نسبة الناخبين له إلى 5 ملايين صوت، مشيرا إلى أن قول موقع "روحاني ميتر"، وهو موقع مستقل، إن برنامج العناية الصحية يعد من الوعود التي أوفى فيها.
ويورد الكاتب نقلا عن روحاني، قوله في حفل تنصيبه: "لقد اتخذنا خطوات كبرى لحماية الرفاه الاجتماعي وأصحاب الأجور المتدنية، والعناية الصحية على مستوى البلاد وتطبيقها يعني أن الإيرانيين كلهم أصبحوا يتمتعون بالتأمين الصحي".
وتذكر الصحيفة أنه بحسب تقديرات أولية، فإنه من المتوقع أن يتقدم 5 ملايين إيراني للانضمام للبرنامج، وتضاعف العدد، ومنهم الكثيرون ممن لم تكن لديهم الجرأة على الذهاب إلى الطبيب؛ لعدم توفر المال، لافتة إلى أن والدة شهرام شهباز كانت مدربة إيروباتيك في طهرن، قبل أن تصاب بعمودها الفقري بعد سنوات عدة، ما أقعدها في بيتها، حيث يقول شهباز (27 عاما): "جاءت العناية الصحية لإنقاذنا، ودونها لم يكن بإمكاننا توفير خمسة آلاف جنيه إسترليني للعمليات الجراحية".
ويضيف شهباز للصحيفة: "ما يعني أنه لو لم يكن لديها
تأمين صحي لظلت والدتي تعاني من الألم، وكان علينا التوقف عن العلاج بعد العملية الأولى، وبموجب التأمين فإن هذا يعني إجراء عملية كبرى كل عام، حيث خضعت والدتي لعمليتين، إلا أن تكاليفهما كانت مغطاة".
ويستدرك التقرير بأنه رغم شعبية البرنامج ونجاحه، إلا أنه لم يخل من المشكلات، فهو مكلف، حيث يكلف برنامج رعاية روحاني الميزانية 770 مليون جنيه إسترليني في العام، في الوقت الذي تكلف فيه برامج أخرى، مثل إدخال نظام التحويلات وطبيب العائلة، الميزانية السنوية للصحة ثلاثة أضعاف هذا الرقم، مشيرا إلى أن النظام يحصل على تمويل 1% من 9% قيمة الضريبة المضافة و10% من الإيداعات، التي يتم الحصول عليها من خلال خفض النفقات.
ويفيد دهقان بأن وكالة أنباء "فارس" الموالية للمعسكر المعادي لروحاني، ذكرت في العام الماضي أن نظام روحاني للرعاية الصحية على حافة الانهيار؛ لأنه يفتقد التمويل ولم يتم تطبيقه بطريقة جيدة، وقالت: "تعاني خطة العناية الصحية الوطنية من مشكلات مالية خطيرة، وتقول وكالات التأمين التابعة للدولة إنها ليست قادرة على دفع ديونها للمستشفيات، وبأنها تعاني من ديون منذ 10 أشهر".
وتنوه الصحيفة إلى أن المسؤولين اعترفوا بعدم توفير التمويل في السنوات الأولى، حيث يقول حسين نفيسيمراد، المتخرج من كلية الإدارة في جامعة واريك، الذي قام بأبحاث حول خطة التحول الصحية الإيرانية، إنه يشك في قدرة البرنامج على الاستمرار؛ لأن "سياسة تمولها الدولة" من أجل تجنب الاضطرابات السياسية لا يمكن أن تستمر طويلا بسبب كلفتها، مستدركة بأنه رغم ارتباط اسم روحاني بالخطة، إلا أنها قديمة، وتم التفكير بها قبل عقدين في ظل حكم الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي.
وينقل التقرير عن المتحدث باسم نائب وزير الصحة إيراج هاريشي، قوله إن تأكيد الرئيس روحاني خطة العناية الصحية في خطاب تنصيبه يظهر أن هناك إرادة سياسية لتمويل البرنامج واستمراريته، ويضيف: "نحن فخورون بأن الإيرانيين كلهم يتمتعون بالعناية الصحية"، ويتابع قائلا: "هناك البعض من الذين لا يريدون تطبيقه، أو أن هناك بعض القضايا المتعلقة بالبطاقات التعريفية، وخلافا لهذا فإن أي شخص يسجل اسمه يحصل على العناية".
ويشير الكاتب إلى أنه تم تسجيل نصف الإيرانيين تقريبا في "روحاني كير" أو برامج أخرى، وهناك 38 مليون شخص تقوم الحكومة بدفع التامين الصحي لهم، أما البقية فتم تغطية عنايتهم الصحية عبر تأمين توفره الشركات والمؤسسات التي يعملون فيها، منوها إلى أن معظم الذين يشاركون في برنامج الضمان الصحي "سلامات" يدفعون 6% من كلفة العلاج الإجمالي، ويدفعون ما بين 10-30% من كلفة الأدوية، ومن يتم تقييم وضعهم بأنهم لا يستطيعون الدفع فإنهم لا يدفعون.
ويقول هاريشي للصحيفة: "قبل خطة التحول الصحية كان الناس يدفعون ما معدله 37% من كلفة علاجهم الصحي، أما اليوم فهم يدفعون 6%، وفي حالة تم تحويلهم فإنهم يدفعون 3%"، مضيفا أن الإصلاح الصحي قلل من الفساد والرشوة في القطاع الصحي، حيث تبلغ نسبة من يعيشون في ضواحي المدن حوالي 90%، وقررت الحكومة في الفترة الأخيرة أن من يستطيعون الدفع عليهم تحمل ما بين 15- 100% من كلفة علاجهم الصحي، لكنها لم تقرر الوقت الذي سيتم العمل به.
وبحسب التقرير، فإن هاريشي يعترف بأن تمويل البرنامج لا يزال تحديا، لكنه واثق من قدرة الحكومة على توفير المال، ويقول: "يؤشر الهرم السكاني الإيراني تجاه شعب يتقدم في العمر، وهذا يزيد من كلفة العلاج الصحي، ونحن بحاجة للمال".
وينقل دهقان عن المتعهد المتخصص في مجال البرمجيات في القطاع الصحي في تبريز في شمال غرب إيران وحيد روسوخي، قوله إن برنامج العناية الصحية نفع أصحاب الدخل المتدني، لكنه أضاف أن هناك حاجة لمزيد من المال، وقال: "التحدي الأكبر للرعاية الصحية هو الصورة الأكبر، ومنذ البداية سمعنا انتقادات من الأطباء الذين تحدثوا عن العبء المالي الكبير، وقدرة الحكومة للحصول على المال، ولهذا السبب بدأت الحكومة منذ بداية العام بتخفيف واجباتها الصحية، وتحديدها في المراكز التابعة للدولة".
وتذكر الصحيفة أن الممرضات نظمن تظاهرة أمام البرلمان في شباط/ فبراير، حيث اشتكين من زيادة الضغوط عليهن وقلة الرواتب.
ويلفت التقرير إلى أن هناك من يرى في نظام الرعاية نجاحا خارج المهنة الطبية، حتى لو لم يصوتوا لروحاني، مثل روشناك (39 عاما)، وهي مهندسة حاسوب من طهران، حيث تقول: "لا أعرف لماذا ركز على الاتفاقية النووية أثناء الحملة الانتخابية في الوقت الذي كانت فيه العناية الصحية هي التي تركت أثرا ملموسا على أصحاب الدخل المتدني".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول روشناك: "قبل الخطة كان هناك الكثير من الناس الذين لا يتجرأون على الذهاب للكشف أو العلاج؛ لأنهم كانوا خائفين من الكلفة، لكن انظر الآن، فكل واحد أصبح لديه دفترشي (كتاب تامين صحي)".