نشرت صحيفة "أ بي ثي" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن التغيير الذي تجلى في الفترة الأخيرة على مستوى استراتيجية
تنظيم الدولة. والجدير بالذكر أن القوات التي تقاتل ضمن الجبهة المعارضة لتنظيم الدولة توصلت إلى اتفاق يضمن انسحاب قوات التنظيم من الأراضي التي أحكم قبضته عليها في السابق.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا النوع من الاتفاق، الذي انتهى بانسحاب تنظيم الدولة عبر تراجع أو هروب مقاتليه من أرض المعركة بشكل تلقائي، يعدّ الأول من نوعه في تاريخ تنظيم الدولة منذ بروزه قبل ثلاث سنوات.
وبينت الصحيفة أن تنظيم الدولة عكس من خلال المعارك الأخيرة التي خاضها في
سوريا والعراق أنه تخلى عن استراتيجية القتال حتى الموت. وتبعا لذلك، اختار مقاتلو التنظيم الانسحاب، تماما مثل ما حصل في تلعفر، عندما شن الجيش
العراقي هجوما ضده. علاوة على ذلك، توصل تنظيم الدولة إلى اتفاق مع قوات "العدو"، علما أن الأمر ذاته ينطبق على مختلف المعارك الدائرة على الحدود السورية اللبنانية.
وأوردت الصحيفة أنه بعد أسبوع من القتال على الحدود اللبنانية السورية، توصل عناصر تنظيم الدولة من جهة، والجيش اللبناني والجيش السوري وعناصر حزب الله الشيعي من جهة أخرى، إلى اتفاق وقف نار. ومن خلال هذا الاتفاق، قبل عناصر تنظيم الدولة أن يتم إجلاؤهم إلى محافظة دير الزور، وهي منطقة خاضعة جزئيا إلى سيطرة تنظيم الدولة. مقابل ذلك، تم الاتفاق على أن يسلم تنظيم الدولة الجنود اللبنانيين المختطفين منذ سنة 2014، علما أن البعض منهم لقي حتفه.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاتفاق أثار جدلا حادا في لبنان، خاصة في ظل تعالي أصوات عائلات الجنود اللبنانيين المتوفين، حيث طالبت بتسليم المسؤولين عن قتل ذويهم إلى العدالة.
وأقرت الصحيفة بأنه خلال عملية الإجلاء، قامت حوالي 20 حافلة و10 سيارات إسعاف بنقل حوالي 600 شخص من المقاتلين التابعين لتنظيم الدولة وعائلاتهم، في حين أكدت الصحافة الموالية لحزب الله هذه الأرقام. وفي الوقت نفسه، أعلنت مصادر سورية أن هذه السيارات والحافلات وصلت بالفعل إلى مدينة دير الزور، التي تقع على الحدود مع العراق، علما أنها مقسمة إلى منطقتين: الأولى تحت سيطرة تنظيم الدولة، والثانية خاضعة لسيطرة الجيش السوري.
وأضافت الصحيفة أنه في خضم هذا الاتفاق، لعب عناصر حزب الله دور الوسيط بين السلطات في دمشق وتنظيم الدولة، حتى تتمكن الجماعة المتطرفة من عبور الأراضي الواقعة تحت سيطرة قوات بشار الأسد. ونتيجة لهذا الاتفاق، أصبحت الحدود اللبنانية مع سوريا خالية من عناصر تنظيم الدولة وجبهة فتح الشام، وهي فرع تنظيم القاعدة في سوريا، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في سوريا سنة 2011.
وأفادت الصحيفة بأن هذا الاتفاق لم يلق استحسانا من قبل القوات العراقية، على عكس زعيم حزب الله، حسن نصر الله، الذي وصف هذا الحدث بالانتصار العظيم. وفي هذا السياق، اعتبر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أن هذا الاتفاق يعزز وجود الخطر الإرهابي على الحدود العراقية.
ومن المثير للاهتمام أن هذا النوع من المفاوضات شائع في سوريا. ففي السابق، انتهت معارك مثل معركة حلب عن طريق الاستراتيجية ذاتها. وفي ذلك الوقت، تم ترحيل مسلحين من المعارضة السورية على متن حافلات إلى إدلب، وفقا لما يمليه الاتفاق الذي تم التوصل إليه.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن هذه الواقعة تعدّ سابقة من نوعها، حيث قبل تنظيم الدولة للمرة الأولى شروطا من هذا القبيل. فمنذ معركة الموصل، عمد عناصر تنظيم الدولة إلى القتال حتى الموت. وفي الوقت الذي يفقد فيه عناصر تنظيم الدولة أراضيهم يوميا، ولم يبق العلم الأسود يرفرف إلا في بعض المناطق، اختاروا التجمع في معاقل التنظيم الأخيرة قبل الموت في أرض المعركة.