نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن التداعيات الجيوسياسية للوضع في
الخليج والشرق الأوسط على موسم
الحج هذه السنة، وخصوصا أن هذا الموسم اتسم بغياب شبه تام للحجاج
القطريين وعودة ملحوظة لنظرائهم
الإيرانيين.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن التوتر السياسي القائم بين المملكة العربية
السعودية وقطر قد ألقى بظلاله على الحج، أحد أبرز أركان الإسلام وينبغي لكل مسلم قادر أن يؤديه ولو لمرة واحدة في حياته.
ونقلت الصحيفة على لسان اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، المقربة من الحكومة، أن عدد الرعايا القطريين الذين توجهوا للبيت العتيق يتراوح بين 60 و70 شخصا خلال الأسبوع الماضي.
في المقابل، يقول الجانب السعودي إن عدد الحجاج القطريين قد تجاوز تلك الأرقام بقليل، في حين أشارت بعض وسائل الإعلام إلى أن عدد الحجاج من قطر قد وصل إلى 1200 حاج. ومن هذا المنطلق، يمكن الجزم بأن نسبة الإقبال على الحج من قبل سكان هذه الإمارة الصغيرة قد تراجع هذه السنة بنسبة 90 في المئة على الأقل.
وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية أعلنت عن فتح حدودها في وجه الحجاج القطريين القادمين عبر منفذ سلوى، حتى لا تُتهم المملكة بغلق أبوابها أمام زائري البيت الحرام. وفي الأثناء، كما أعلنت المملكة عن نقل الحجاج القطريين بطائرات سعودية على نفقة المملكة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التصريحات والإجراءات من قبل الملك السعودي لم تأت أكلها المنتظرة. فقد أوردت قناة الجزيرة أن عدد الحجاج المقبلين على منفذ سلوى يعد محدودا للغاية مقارنة بالأعداد الطبيعية التي كانت تتوافد سابقا على هذا المنفذ خلال موسم الحج.
وتحدثت السلطات السعودية، في 20 من آب/ أغسطس الماضي، عن أن قطر قد منعت هبوط طائراتها المعدة لنقل الحجاج القطريين، في مطار الدوحة. من جانبها، ردت قطر بأن السعودية لم تقم بالتنسيق مع الحكومة القطرية للقيام بمثل هذه الرحلات، علما أن الدوحة، وفي خضم هذا الوضع المعقد، أعربت عن مخاوفها بشأن أمن رعاياها في موسم الحج.
وفي المقابل، ذكرت الصحيفة أن موسم الحج لهذه السنة شهد عودة واضحة لوفود الحجاج الإيرانيين، الذين غابوا عن الموسم الماضي. وفي الأثناء، أكد صحفيو إذاعة جمهورية إيران الإسلامية أن هذا الموسم اتسم بالجودة على مستوى التنظيم.
وأفادت الصحيفة أن غياب الحجيج الإيرانيين خلال الموسم الماضي، جاء على خلفية الموقف السعودي المعادي لإيران وقرارها قطع العلاقات مع دولة ولاية الفقيه، بعد أعمال العنف التي استهدفت سفارتها في طهران، في شهر كانون الثاني/ يناير سنة 2016، وذلك عقب إعدام الرياض للشيخ الشيعي المعروف، نمر النمر.
وتطرقت الصحيفة إلى أن الجارتين تخوضان حربا كلامية، وأخرى مسلحة، بشكل مباشر وغير مباشر، في الدول المجاورة، على غرار اليمن وسوريا والعراق ولبنان. لكن رغم ذلك استعد الطرفان، السعودي والإيراني، بشكل جيد لإنجاح موسم الحج لهذه السنة، بعد مفاوضات ثنائية دامت عدة أشهر، في مرحلة تشهد فيها العلاقة بين البلدين تراجعا في حدة التوتر الذي كان السمة البارزة على الدوام بين الجانبين. وقد تزامن ذلك مع الإعلان عن تنظيم زيارات متبادلة من قبل دبلوماسيي البلدين للاطلاع على وضع السفارات والقنصليات التي أغلقت منذ سنة ونصف.
وأوردت الصحيفة أن هذا التطور في العلاقة بين البلدين، يعد نتاج جهود السعودية لتحسين علاقتها بنظرائها الشيعة في بغداد، أبرز حلفاء إيران. وبالتالي، يبقى السؤال المطروح: هل العلاقات السعودية الإيرانية في طريقها نحو الاستقرار في القريب العاجل؟