على مدار ستة شهور، تهيأ الشارع
السوداني لاستقبال قرار رفع العقوبات
الاقتصادية الأمريكية عن البلاد، ودخوله حيز التنفيذ بعد انقضاء المهلة التي حددها البيت الأبيض في كانون الثاني / يناير الماضي.
غير أن الولايات المتحدة الأمريكية، أصدرت قبل يومين قرارا يقضي بتأجيل رفع العقوبات لمدة ثلاثة أشهر أخرى، تنتهي في الثاني عشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
وقال خبراء اقتصاد إن قرار التأجيل سيؤدي إلى حدوث حالة ارتباك في أوضاع السودان الاقتصادية، وهو ما قد يدخل الاقتصاد في أزمة جديدة تكمن في انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم وتردد المستثمرين الجدد.
أزمة جديدة
وقال مدير التحرير السابق لصحيفة "لوسيل" الاقتصادية، عادل الباز، إن قرار التأجيل يرجع إلى ضغوط من أعضاء الكونغرس الأمريكي، وهو الأمر الذي وصفه بأنه "غير موضوعي".
وأضاف أن "هنالك انقساما واضحا في المؤسسات الأمريكية نتج عنه قرار تأجيل رفع العقوبات".
وتابع: "بعض المستشارين في البيت الأبيض لم يجدوا سببا لعدم رفع العقوبات، فاضطروا إلى التسويف والمماطلة وقرروا تأجيلا محدودا زمنيا، ومضرا بالاقتصاد السوداني".
وأوضح أن قرار التأجيل، سيؤدي إلى حدوث حالة ارتباك في أوضاع السودان الاقتصادية، وهو ما قد يدخل الاقتصاد في أزمة جديدة، تكمن في انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم، وتردد المستثمرين في الولوج إلى استثمارات جديدة.
فرص استثمارية
في السياق ذاته، يرى القطاع الخاص السوداني، أن إرجاء البت في رفع العقوبات عن الخرطوم، يفقد الشركات الأمريكية العديد من الفرص الاستثمارية الاستراتيجية، بحسب بكري يوسف، الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل السوداني.
وقال إن قرار التأجيل أصاب القطاع الخاص السوداني بإحباط كبير، باعتبار أن الجانب السوداني أوفى بما عليه من التزامات في مختلف المحاور والمسارات.
وجاء قرار رفع العقوبات الاقتصادية بناء على مسارات من بينها، تعاون السودان مع واشنطن في مكافحة الإرهاب، والمساهمة في تحقيق السلام بجنوب السودان، إلى جانب الشأن الإنساني المتمثل في إيصال المساعدات للمتضررين من النزاعات المسلحة بالسودان.
والأربعاء الماضي، أصدر الرئيس السوداني عمر البشير، قرارا جمهوريا بتجميد لجنة التفاوض مع الولايات المتحدة، حتى الثاني عشر من تشرين الأول / أكتوبر القادم.
أضرار اقتصادية
في المقابل، لا ترى الحكومة السودانية أن قرار التأجيل سيحمل ضررا للاقتصاد، إذ تؤكد أنها ستستمر على التعامل بإيجابية مع الإدارة الأمريكية إبان التأجيل كما يوضح وزير الدولة بوزارة الاستثمار أسامة فيصل.
وقال فيصل: "سنستمر في دعوة الشركات الأمريكية للاستثمار في السودان فضلا عن البحث عن أسواق جديدة للاستثمار".
وشهدت الشهور الستة الماضية، زيارات من شركات أمريكية ترغب في الاستثمار في مجال النفط والتعدين، إلا أنها لم تبدأ خطوات جادة بانتظار الإعلان النهائي لرفع العقوبات.
ويمتلك السودان مقومات زراعية، هي الأكبر في المنطقة العربية، بواقع 175 مليون فدان صالحة للزراعة، بجانب مساحة غابية بحوالي 52 مليون فدان، كما تمتلك 102 مليون رأس من الماشية، ومعدل أمطار سنوي يزيد عن 400 مليار متر مكعب.
وتساهم الزراعة، التي يعمل فيها ملايين السودانيين، بـ 48 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للسودان، التي تمتلك قدرات تؤهلها لأن تصبح سلة غذاء للعالم أجمع.
ويعود قرار رفع العقوبات عن السودان، عندما قررت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في نهاية عهده في كانون الثاني / يناير الماضي برفع العقوبات الاقتصادية بعد 20 عاما من فرضها على السودان بدعاوى إيوائه للإرهاب.
وسمح القرار بعودة التحويلات المصرفية بين أمريكا والسودان وعودة التبادل التجاري غير أنها لم تتم لتردد المستثمرين وانتظارهم مهلة الست أشهر التي حددتها الإدارة الأمريكية.