سيطر النظام السوري يوم الاثنين 19 حزيران/ يونيو الجاري، بشكل كامل على مدينة الرصافة الاستراتيجية في ريف
الرقة الجنوبي بعد انسحاب
تنظيم الدولة منها، والتي تعتبر نقطة انطلاق مركزية باتجاه مدينة الرقة من المحور الجنوبي.
وتأتي هذه السيطرة بعد معارك عنيفة خاضتها قوات النظام السوري مع قوات
سوريا الديمقراطية (قسد)، في قرية جعدين شمال الرصافة التي كانت تسيطر عليها هذه الأخيرة، واستطاع النظام السيطرة عليها، فيما يبدو أن قوات سوريا الديمقراطية كانت تسعى جاهدة لمنع سيطرة النظام على مدينة الرصافة لعرقلة تقدمه باتجاه مدينة الرقة.
وكانت قوات النظام السوري قد دفعت بكامل قوتها للمشاركة في معركة الرقة، منذ 10 حزيران/ يونيو الجاري، حينما سيطرت على قرية دبسي عفنان، وهي أول قرية داخل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة من الجهة الغربية، حيث عاد النظام للمرة الأولى للمنطقة منذ أن خرجت عن سيطرته قبل ثلاث سنوات.
موقف واشنطن وقسد
وكان التحالف الدولي قد أسقط يوم الأحد 18 حزيران/ يونيو طائرة "سوخوي-22" تابعة للنظام السوري، بالقرب من مدينة الطبقة بريف الرقة، فيما أعلن النظام أن الطائرة سقطت في منطقة الرصافة.
ويبدو أن الطائرة أسقطت خلال المعارك بين قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية في بلدة جعدين، وهو ما أكدته وزارة الدفاع الأمريكية بالقول إن إسقاط المقاتلة جاء بسبب قصفها مسلحي قوات سوريا الديمقراطية جنوبي مدينة الطبقة، التابعة لمحافظة الرقة.
وكان خبات خليل، المسؤول العسكري لقوات سوريا الديمقراطية في جبهة الطبقة، قد صرح بعد دخول قوات النظام السوري الحدود الإدارية لمحافظة الرقة يوم 10 حزيران/ يونيو؛ إنهم لن يتركوا النظام السوري ومليشياته يتقدمون في الريف الغربي لمحافظة الرقة، وأن قسد من المحتمل أن تشن عملية عسكرية ضد النظام في غرب الرقة وشرق حلب، بحسب ما نقلته حينها وكالة "قاسيون" المحلية.
وقال خليل أيضا إن واشنطن أكدت لهم أنها ستقصف مواقع النظام في مسكنة وريف حلب الشرقي، حتى لو تدخل الروس إلى جانب النظام ضد قوات سوريا الديمقراطية وفي محافظة الرقة.
الهدف هو دير الزور
وتحاول قوات النظام السوري السيطرة على كامل الريف الجنوبي لمحافظة الرقة، وإن بسطت سيطرتها على مدينة الرصافة سيسهل عليها هذه المهمة، لكن بالرغم من ذلك يستبعد الخبير العسكري العقيد حاتم الراوي، وهو أحد أبناء المنطقة الشرقية في سوريا، أن يكون هدف مليشيات النظام، ومن ورائها روسيا وإيران، هو الدخول في معركة السيطرة على مدينة الرقة والمشاركة فيها، لعدم قدرتها على تغطيتها، كما أن مثل هذا الأمر سيكون على حساب معركة دير الزور الاستراتجية لروسيا وإيران.
وحتى لو سمح الأمريكيون للنظام السوري بالمشاركة في معركة الرقة، إلا أن هذه المشاركة ستكون محدودة، حيث لا يُسمح له بالوصول إلى الحدود العراقية من جهة الجزيرة، بحسب الراوي.
وبين الراوي، في حديث لـ"
عربي21"، أن قوات النظام السوري تحاول التقدم من حلب شرقاً ومن الرقة جنوباً باتجاه مدينة السخنة، لفتح محور جديد لمعركة السيطرة على دير الزور، وهو محور حلب- السخنة- دير الزور.
ولم تعد مدينة الرقة ذات أهمية أمام معركة دير الزور والسيطرة على معبر البوكمال الحدودي مع العراق، والتي ستحدد مصير المنطقة بالكامل، حسب اعتقاد الراوي، مضيفا: "عند فهم هذه النقطة يمكن لنا فهم قيام واشنطن باستهداف إحدى طائرات النظام في الجو في تطور جديد، أي أنها جادة في عدم السماح له بتأمين هذا المحور".
ويرى الراوي أن "واشنطن بصدد السيطرة على كامل الشريط الحدودي بين سوريا والعراق، وبذلك تكون قد حاصرت روسيا في سوريا المفيدة، بحيث لا يكون لها أي منفذ بري باتجاه العراق والأردن، أي أن الجزء الذي تسيطر عليه روسيا لم يعد بوابة لها باتجاه الخليج، وهذا ما تحلم به ودخلت سوريا لأجله، وبنفس الوقت تكون واشنطن قد قطعت كامل الخطوط البرية بين إيران الحالمة بإتمام الهلال الشيعي"، وفق الراوي.
ويقول الراوي: "نلاحظ أن تركيز روسيا وإيران والنظام بات باتجاه دير الزور، فقد أصبحت الأمل الوحيد لتحقيق المعبر إلى العراق الذي هو أهم من النفط وما إلى ذلك".
ويضيف: "عدا عن محور حلب الرقة السخنة، فهناك محوران آخران ستعمل عليهما موسكو الفترة المقبلة، وظهرا في صور لخرائط بثتها وزارة الدفاع الروسية، وهما محور تدمر- السخنة- دير الزور، ومحور ينطلق من إحدى النقاط جنوب منطقة الحميمة، وسط البادية، ويحاذي الحدود العراقية وهذا ما يفسر تقدم ميليشيا النظام شمال معبر التنف".
ويستبعد الراوي أن يتحول التطور الأخير الذي حصل بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا، إلى حد التماس المباشر بينهما، "لعدم التكافؤ، ولأن موسكو أضعف بكثير من خوض مثل هذه المغامرة"، بحسب وصفه.