وافقت لجنة الشؤون الدينية بمجلس نواب الانقلاب بشكل نهائي الخميس، على مشروع قانون "تنظيم
الفتوى العامة" الذي يحدد الجهات المنوط بها إصدار الفتاوى الدينية.
وحصر القانون الجديد الجهات المرخص لها بإصدار الفتاوى بـ"هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية، ومجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، وإدارة الفتوى بوزارة الأوقاف"، وحظر على أي شخص أو جهة غيرها التصدي للفتوى العامة.
وأثار هذا القانون جدلا حول كيفية تطبيقه، واتهامات لنظام عبد الفتاح
السيسي بممارسة المزيد من التضييق على الدعوة الإسلامية، عبر قصر الفتاوى الإسلامية على المؤسسات الرسمية الخاضعة لسيطرة النظام فقط.
سجن وغرامة مالية
ونص القانون على أن "للأئمة والوعاظ ومدرسي
الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر؛ أداء مهام الوعظ والإرشاد الديني العام، بما يبين للمصلين وعامة المسلمين أمور دينهم، ولا يعد ذلك من باب التعرض للفتوى العامة".
وحدد القانون عقوبات على من يخالف أحكامه في ما يتعلق بإصدار الفتاوى بخلاف المصرح لهم من الجهات المذكورة، بـ"الحبس لمدة لا تزيد على ستة أشهر، وغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حالة العود تكون العقوبة هي الحبس وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه".
وشمل القانون إصدار الفتاوى عبر وسائل الإعلام المختلفة، لكنه "استثنى مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن كانت ضمن الوسائل الواردة في القانون".
تحجيم للأزهر
وتعليقا على هذا القانون؛ قال أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، سيف رجب، إن "هذه الخطوة محاولة من النظام لفرض سيطرته على الأزهر الشريف، ولي ذراع
شيخ الأزهر"، مشيرا إلى أنه "بموجب هذا القانون؛ فإن أي عالم أزهري، مهما علا شأنه وزاد علمه، أصبح لا يمكنه أن يرد على سؤال رجل بسيط في الشارع حول رأي الشرع في مسألة دينية، وإذا أجابه فسيتم سجنه أو تغريمه مبلغا كبيرا من المال".
وأضاف رجب لـ"
عربي21": "للأسف؛ هذا القانون سيحجم دور الأزهر الدعوي، ويمنعه من تصحيح كثير من المفاهيم الدينية المتشددة والخاطئة، وسيساهم في نشر الأفكار المتطرفة أكثر؛ لأن هذه الأفكار سيتم تداولها في سرية، بدلا من العلن كما هو الحال الآن".
وتم إقرار القانون في حضور: مفتي الانقلاب شوقي علام، والمفتي الأسبق المعروف بولائه للنظام
علي جمعة، ووزير أوقاف الانقلاب محمد
مختار جمعة، وأمين عام مجمع البحوث الإسلامية محيي الدين عفيفي.
مواجهة الفتاوى المضللة
وقال مختار جمعة في تصريحات صحفية، إن "القانون خرج بهذه الصياغة في غاية التوازن، وقابل للتطبيق على أرض الواقع، في إطار الحد من تدخل غير المتخصصين في أمور الفتوى والحد من الفتاوى المضللة، فهو لم يضيق على الناس في التعبير عن الرأي، بينما حظر إصدار الفتاوى على غير المتخصصين".
ورأى الباحث السياسي محمود السعيد أن "هذا القانون جيد، ويأتي في إطار الإجراءات المتتالية التي يتخذها النظام لتجديد الخطاب الديني"، مشيرا إلى أن "الدولة تبسط ذراعها، متمثلة في وزارة الأوقاف ودار الإفتاء، على المجال الديني بشكل عام، لمحاولة السيطرة على الأفكار والتوجهات المتشددة".
وأكد السعيد لـ"
عربي21" أن القانون الجديد "لا يعد تضييقا على الدعوة" كما يقول بعض المراقبين، لافتا إلى أن "كثيرا من المنابر السلفية تصدر فتاوى تحريضية ليل نهار، وفيها كثير من التشدد، مثل موقع الشيخ ياسر برهامي الذي يصدر فتاوى غريبة، وبهذا القانون تتم مواجهة هذه الفتاوى ومنع صدورها".
غامض وفضفاض
وفي المقابل؛ انتقد الداعية السلفي سامح عبدالحميد حمودة القانون، وقال إنه "غامض وفضفاض، حيث إنه لم يحدد نطاق الفتوى العامة، والفرق بين الرأي الفقهي والفتوى".
وأضاف حمودة في تصريحات صحفية، أن "من الخطأ حصر الفتوى على جهات معينة؛ لأن في ذلك تعنتا شديدا على الشعب؛ فأغلب الناس لا يستطيعون التواصل مع الإدارات المذكورة في القانون لأخذ الفتوى منهم".
وتابع: "الأفضل فتح المجال للمتخصصين والمؤهلين من الأزهر وغير الأزهريين، على أن تتم معاقبة من يُدلي بفتاوى شاذة لتضليل الناس، وتكون العقوبة على المخالفين، سواء من الأزهريين أم من غيرهم".