بعد أن سيطرت قيادة الجيش في مصر على مفاصل السلطة منذ انقلاب يوليو 2013، استطاعت أن تفرض هيمنتها على كل شيء. كان لا بد لذلك أن يحدث، فالانقلابات العسكرية مثلها مثل الثورات المسلحة تجب ما قبلها، وتصنع نخبها الخاصة..
من ناحية الشكل، وفي الأوضاع الطبيعية، فإن إعلان الانتخابات عند استحقاقها يعتبر أمرا جيدا ومحمودا. ولكن هل هو كذلك في الحالة الفلسطينية؟ أم أنه مجرد استمرار للعبث بالشعب الفلسطيني وقضيته؟
منذ انطلاق الثورة التونسية المجيدة قبل عشر سنوات وحتى اليوم، يتهم البعض الثورات الشعبية العربية بأنها "مؤامرة صهيونية"، أو أمريكية، بهدف إدانة هذه الثورات، واتهام من قاموا بها ودفعوا أثمانا باهظة لها بأنهم عملوا بوعي أو بدون وعي..
ينقسم دعاة ومبررو الهرولة نحو التطبيع مع الاستعمار الصهيوني في فلسطين إلى طرفين، أولهما من يدعي أن هذا التطبيع يهدف لمصلحة الفلسطينيين! بينما يمتلك الآخر "شجاعة" أكبر ووقاحة أقل، ليقول إن فتح علاقات مع الاحتلال يهدف لتحقيق "المصالح الوطنية" للدول المطبعة..
صحيح أن الثورات فشلت في تحقيق هدفها الرئيس وهو تغيير الأنظمة، وضمان العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية وحكم القانون للشعوب العربية، ولكنها نجحت في تحقيق أهداف أخرى لا تقل أهمية عن الهدف الرئيس والمباشر
مع بدء زيارة رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي لفرنسا، بدأت موجة من التقارير الحقوقية والمناشدات للرئيس الفرنسي ماكرون، للضغط على السيسي لوقف انتهاكات نظامه ضد حقوق الإنسان..
ومع أن سلوك السلطة كان متوقعا، إلا أن قرارها غير المفاجئ جاء متعجلا، وينم عن فقدان لحاسة "الشم" السياسية، ويمثل سبع خطايا بحق فلسطين وشعبها ومشروعها الوطني..
كتب الكثير حول الظهور "الذي تم ترتيبه" للسفير السعودي السابق في الولايات المتحدة بندر بن سلطان، وبات معروفا للجميع أن الرسالة الأهم من هذا الظهور هي الجملة الأخيرة التي قالها ابن سلطان في نهاية حلقاته الثلاثة، وهي أن السعودية لها مصالحها ومخاوفها الخاصة وأنها لن تضع مصالح أحد كأولوية على مصالحها..
لا يمكن النظر إلى أي نقاش عربي في زمن الاستقطاب الشديد الذي تشهده المنطقة بدون استدعاء دور الأنظمة وأجهزتها وجيوشها الإلكترونية في تأجيج وتسميم هذا النقاش..
إذا كانت الإمارات وقعت اتفاق التطبيع مع الاحتلال لمواجهة إيران، فقد أخطأت لأن واشنطن وتل أبيب لن تخوضا حربا لأجلها، وإذا كانت تريد مكانا ضمن وكلاء الغرب في الشرق الأوسط فقد ارتكبت وهما كبيرا، فالغرب لن يقبل سوى الوكيل الحصري ممثلا بالاحتلال، أما غيره من الدول فهي مجرد لاعبين صغار
بدأت الروح الشعبية في الأعوام 2011 و2012 و2013 تستكشف نفسها، فاكتشفت أن فلسطين حاضرة في خيالها وفي شعاراتها وفي أحلامها، جنبا إلى جنب مع أحلام التحرر من الاستبداد والنهوض الاقتصادي والعلمي والاجتماعي