استولت
سلطات الاحتلال
الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية
الفلسطينية عام 1967، والتي تشكل
21 في المائة من الأراضي الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل والاعتراف بها عام 1948.
الضفة
الغربية تضم عدة مدن فلسطينية: الجزء
الشرقي من مدينة القدس، والخليل، ونابلس، وجنين،
وطولكرم، وقلقيلية، ورام الله، وبيت لحم، والشطر الغربي من غور الأردن والذي يبلغ طوله 120 كيلومترا بمساحة
400 كيلومتر مربع.
تم ضم
كل هذه الأراضي تحت الحكم الأردني بموجب مؤتمر أريحا عام 1950، وبقيت الضفة الغربية
تحت الحكم الأردني حتى خسارتها عام 1967 في حرب النكسة والتي خسرت فيها الجيوش العربية
الخمسة المشاركة في الحرب ضد دولة الاحتلال الإسرائيلية؛ أيضا قطاع غزة الذي كان تحت
السيطرة المصرية، وشبه جزيرة سيناء المصرية حتى قناة السويس، ومرتفعات الجولان في سوريا.
حاول الأردن بعد الحرب من خلال علاقاته مع بريطانيا استرداد الضفة الغربية
ومدينة القدس الشرقية، إلا أن تلك المحاولات لم تكلل بالنجاح وبقيت الضفة الغربية تحت
سيطرة الاحتلال الإسرائيلي حتى يومنا الحاضر.
1- تغيرات جغرافية وديمغرافية في الضفة الغربية
وغور الأردن
بعد أن تم احتلال أراضي الضفة الغربية عام 1967 أقامت
دولة الاحتلال الإسرائيلي 167 مستوطنة، وهي تجمّعات سكانية إسرائيلية أُنشئت في مناطق
الحكم العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية بموافقة الحكومة الإسرائيلية، كما أقيمت
186 بؤرة استيطانية وهي تجمعات سكانية إسرائيلية أُنشئت في المناطق المحتلة دون ترخيص
من الحكومة، وقد بُنيت البؤر الاستيطانية بشكل كامل أو جزئي على أرض فلسطينية
خاصة ودون تراخيص بناء.
بلغ عدد المستوطنين الذين يقيمون في المستوطنات والبؤر
الاستيطانية في الضفة الغربية بما فيها شرق القدس 727 ألف مستوطن.
كما صادرت دولة الاحتلال الإسرائيلية قرابة الـ26,500 دونم تحت مسميات
مختلفة، مثل إعلان محميات طبيعية وأوامر استملاك، واعتبارها "أراضي دولة".
أصبحت المستوطنات والبؤر الاستيطانية تشكل ما نسبته
42 في المائة من أراضي الضفة الغربية المحتلة. كما اتخذت قوات الاحتلال الإسرائيلية
مجموعة من القرارات التي توسع الاستيطان في الضفة الغربية، في الوقت الذي يقيم في الضفة
الغربية حاليا حوالي 3.2 مليون فلسطيني.
تعمقت مشكلة المستوطنات مع صعود اليمين الإسرائيلي
المتطرف إلى السلطة، والذي يجعل التوسع الاستيطاني أساس برنامجه الانتخابي وبرنامجه
الحكومي، كما فعل رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو الذي وعد بضم شريط غور الأردن
إلى إسرائيل، إذ تبلغ مساحة غور الأردن حوالي 30 في المائة من أراضي الضفة الغربية
ويقيم عليه حوالي 65 ألف فلسطيني، و11 ألف مستوطن يقيمون في 31 مستوطنة غالبيتها زراعية.
تفتقد المستوطنات الإسرائيلية للشرعية القانونية في
الضفة الغربية وغور الأردن، إذ حث مجلس الأمن في قراره رقم 2334 في كانون الأول/ ديسمبر
2016؛ على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ونص القرار على مطالبة دولة الاحتلال بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء دولة الاحتلال للمستوطنات في الأرض
المحتلة منذ عام 1967. وهو القرار الذي امتنعت فيه الولايات المتحدة عن اتخاذ حق النقض
الفيتو، ما يعكس رفض الإدارة الامريكية الديمقراطية في عهد أوباما للاستيطان.
أقام الأردن معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية 1994 على أساس أن يكون هناك حل للقضية الفلسطينية واعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، إلا أن صعود اليمين الإسرائيلي وخطواته في التغيير الديمغرافي على الأرض في الضفة الغربية، واستحواذه على 42 في المائة من أراضي الضفة الغربية ومساعيه لضم الشريط الغربي للغور الأردني وجعله الحدود الطبيعية لدولة الاحتلال الإسرائيلية مع الأردن؛ جعل إقامة مثل هذه الدولة الفلسطينية أمرا متعسرا على أرض الواقع
2- الدولة الفلسطينية الموعودة
لا يدخر النظام الأردني أي فرصة أو مناسبة أو علاقة
داخلية أو خارجية إلا ويؤكد على حق إقامة الدولة الفلسطينية التي تعيش جنبا إلى جنب
مع دولة الاحتلال الإسرائيلية، وذلك وفقا لقرارات الشرعية الدولية الصادرة بهذا الخصوص؛
دولة تقام على أراضي الضفة الغربية كاملة وغزة وغور الأردن وتكون عاصمتها القدس الشرقية،
دولة تفكك فيها كل المستوطنات والبؤر الاستيطانية ويتم ترحيل المستوطنين الإسرائيليين
من أراضي الفضة الغربية وشريط الغور الأردني، دولة يكون فيها الحق للاجئ الفلسطيني
العودة إلى الأراضي الفلسطينية التي هُجر منها وفقا للشرعية الدولية والقرارات الصادر
عن مجلس الأمن بهذا الخصوص.
أقام الأردن معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية 1994
على أساس أن يكون هناك حل للقضية الفلسطينية واعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس
الشرقية، إلا أن صعود اليمين الإسرائيلي وخطواته في التغيير الديمغرافي على الأرض في
الضفة الغربية، واستحواذه على 42 في المائة من أراضي الضفة الغربية ومساعيه لضم الشريط
الغربي للغور الأردني وجعله الحدود الطبيعية لدولة الاحتلال الإسرائيلية مع الأردن؛
جعل إقامة مثل هذه الدولة الفلسطينية أمرا متعسرا على أرض الواقع.
نتيجة للتغيرات على الأرض جغرافيا وديموغرافيا، بدأت
أصوات تنادي بانتهاء خيار حل الدولتين ولم يعد من الممكن إقامة الدولة الفلسطينية
القابلة للحياة، وأنه لا مجال لتطبيق المبادرة العربية للسلام، ولا أهمية لوثيقة أكبر
الفصائل الفلسطينية المسلحة؛ حماس التي أعلنت قبولها بدولة على حدود السابع من حزيران/
يونيو عام 1967.
وفي ظل الحديث عن غياب حل الدولتين بدأت ترتفع أصوات
الساسة التي تطالب بحل الدولة الواحدة، بحيث تقوم دولة واحدة تضم الشعب الفلسطيني ومواطني
دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ دولة علمانية تتساوى فيها حقوق المواطنة بين الشعب الفلسطيني واليهود، تكون دولة متعددة الأديان والأعراق. وكان من أبرز من
ينادي بهذا الحل وزير الخارجية الأردني ونائب رئيس الوزراء الأسبق مروان المعشر، أول
سفير أردني لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد عملية السلام.
الحكومة الإسرائيلية تسعى للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وليس دولة متعددة الأديان والأعراق. وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تبحث عن حلول للقضية الفلسطينية ما دامت ترفض حل الدولتين، وليس من مهمة الأردن البحث عن الحلول ليكون دور إسرائيل فقط هو تفريغ الحلول المقدمة من محتواها أو رفضها
وإن كانت حل الدولتين اصطدم بالتغيرات الجغرافية والديمغرافية
في الضفة الغربية التي قامت بها سلطات دولة الاحتلال الإسرائيلية منذ الاحتلال عام
1967، فإن حل الدولة الواحدة يكون أكثر رفضا من قبل الحكومة الإسرائيلية التي تسعى
للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية لليهود فقط، والتي عجزت حتى عن دمج المكون الفلسطيني في الداخل، كما أن حل الدولة الواحدة يعني أن يتقارب عدد الشعب الفلسطيني مع الإسرائيلي
نظرا للنمو السكاني الكبير للشعب الفلسطيني، مما سيجعل من المكون الإسرائيلي أقلية
في الدولة الواحدة التي يتم الحديث عنها.
3- الموقف الأردني من حل الدولة
الواحدة
النظام الأردني ما زال متمسكا بخيار حل الدولتين، ولم
يتحدث رسميا بأي صيغة عن الدولة الواحدة، وكل مساعيه لا زالت تنصب على السعي لإقامة
دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، فيما كانت هناك اعتراضات صحفية أردنية
كبيرة على تصريحات رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز حينها، والذي قال إن "الأردن
يمكن أن تتعاطى بإيجابية مع حل الدولة الواحدة شريطة أن تُمنح حقوق متساوية لكلا الشعبين".
يدرك الأردن أن الحكومات الإسرائيلية لم تطرح ولن
تقبل أيضا بحل الدولة الواحدة، الذي سوف يجعل من الشعب المكون الاسرائيلي أقلية خلال
العقدين القادمين داخل الدولة الإسرائيلية، كما أن الحكومة الإسرائيلية تسعى للاعتراف
بإسرائيل دولة يهودية وليس دولة متعددة الأديان والأعراق. وعلى الحكومة الإسرائيلية
أن تبحث عن حلول للقضية الفلسطينية ما دامت ترفض حل الدولتين، وليس من مهمة الأردن
البحث عن الحلول ليكون دور إسرائيل فقط هو تفريغ الحلول المقدمة من محتواها أو رفضها.
يدرك الأردن أن الموافقة على فكرة حل الدولة الواحدة يعني تشتيت الجهود ومنح مزيد من الوقت للسلطات الإسرائيلية لمزيد من التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والتغيير الجغرافي والديمغرافي على الأرض، مما يعني مزيدا من إهدار الفرص ومزيدا من التعقيد في القضية الفلسطينية
كما أن المطالبة بخيار الدولة الواحدة يعني التنازل
عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وهذا الحل سيكون على حساب الأردن ديموغرافيا على
أرض الواقع، كما أنه حل سوف يهدر حق أكثر من 7 ملايين لاجئ فلسطيني في الشتات للمطالبة
بالعودة إلى ديارهم التي هُجروا منها.
حل الدولة الواحدة يعني انتهاء الوصاية الهاشمية على
المقدسات في مدينة القدس، وهي الوصاية التي يتمسك بها الأردن ويؤكد أنه يحتفظ بها لحين
إقامة الدولة الفلسطينية وإعادة المقدسات للشعب الفلسطيني.
يدرك الأردن أن الموافقة على فكرة حل الدولة الواحدة
يعني تشتيت الجهود ومنح مزيد من الوقت للسلطات الإسرائيلية لمزيد من التوسع الاستيطاني
في الضفة الغربية والتغيير الجغرافي والديمغرافي على الأرض، مما يعني مزيدا من إهدار
الفرص ومزيدا من التعقيد في القضية الفلسطينية، خصوصا مع تنامي اليمين الذي لا يقبل
أي حل للقضية الفلسطينية ويسعى فقط لمزيد من تهجير الشعب الفلسطيني ومصادرة الأراضي
والتوسع الاستيطاني.
الأردن يدرك أن العرب والمجتمع الدولي قد منحوا الحكومات
الإسرائيلية الكثير من العروض والفرص، وأن كل تلك العروض والفرص قد أُهدرت من قبل اليمين
الإسرائيلي المتطرف بعد تآكل اليسار الإسرائيلي في العقدين الماضيين، وأن مزيدا من
اقتراح الحلول يعني مزيدا من التغيرات على الأرض، مما يعني الوصول إلى حالة الانفجار
المحتم في المستقبل وتعريض استقرار المنطقة والشرق الأوسط والسلم الدولي لمزيد من الخطر
والاحتقان والتطرف.