بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أصدرت مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان،
الخميس، تقريرا إحصائيا حول حصاد "الإعدام التعسفي" في مصر، مشيرة إلى
ما تم رصده وتوثيقه لأحكام الإعدام في بعض القضايا ذات الطابع الجنائي، وأخرى ذات
طابع سياسي، وهي الأكثر في مصر حاليا.
وقالت: "ما تزال عقوبة الإعدام في مصر تُشكل تهديدا صارخا للحق في
الحياة، فلم تتخذ الحكومة المصرية أي إجراء إيجابي نحو الحد من العقوبة، أو تقليل
إصدار الأحكام، أو حتى وقف تنفيذها، أو استبدال عقوبات أخرى بها".
وأضافت: "المؤسف في الأمر
أن مصر تعرضت لكثير من الانتقادات جرَّاء الإسهاب في إصدار أحكام الإعدام، خاصة
الأحكام الجماعية في القضايا السياسية، والأحكام التي تصدر بعد محاكمات تفتقد
لضمانات العدالة، واستمر القضاء المصري بشقيه المدني والعسكري في التصدي للقضايا
ذات الطابع السياسي منذ أكثر من سبع سنوات دون اكتراث، حتى بلغ عددها 1563 حكما".
وأكدت المؤسسة، في تقريرها الذي حصلت "عربي21" على نسخة منه، أن
"الإعدام إحدى وسائل الانتقام السياسي من معارضي الحكومة المصرية؛ فمصر قد تم
تصنيفها من قِبل التحالف الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام ضمن خمس دول هي الأكثر
تنفيذا لأحكام الإعدام عالميا، إلى جوار السعودية، وإيران، والصين، والولايات
المتحدة الأمريكية".
وأشارت مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان إلى أنها تعمل على مناهضة عقوبة
الإعدام التي أكدت أنه يُساء استعمالها، مطالبة بوقف هذه العقوبة أو الحد من
استعمالها، أو إلغائها، خاصة أن "الخطأ في إنزال عقوبة الإعدام يستحيل تداركه
بعد تنفيذها، ومن ثم كانت تلك العقوبة هي الأشد والأخطر من بين كافة العقوبات بصفة
عامة".
ورصد تقرير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان أحكام الإعدام الصادرة في عام
2020، مع الإشارة للأرقام الإجمالية لما صدر من أحكام خلال السنوات الماضية.
اقرأ أيضا: السيسي يحرّض على الإخوان: فرنسا أدركت خطرهم على أوروبا
ولفتت المؤسسة إلى أنه خلال الفترة ما بين عامي 2013 – 2020، صدر 1563
حكما بالإعدام، وتم إعدام 80 شخصا في 22 قضية، منهم 13 قضية صدرت الأحكام فيها من
القضاء العسكري ضد مدنيين، و4 قضايا صدرت الأحكام فيها من محاكم الجنايات، و5
قضايا صدرت الأحكام فيها من دوائر الإرهاب القضائية.
وأوضحت أنه في عام 2015 تم إعدام 7
أشخاص، وأُعدم شخص واحد عام 2016، و15 شخصا في 2017، و14 شخصا في 2018، و18 شخصا في 2019، و25 شخصا خلال عام 2020، منوهة
إلى أن هناك 68 شخصا رهن الإعدام، حيث صدرت بحقهم أحكام نهائية باتت واجبة النفاذ
في 14 قضية.
وأكدت أن الإحصائيات التي قامت برصدها تشير إلى "تصاعد كبير في
إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام في مصر"، مضيفة: "من خلال متابعة ومراقبة
مدى توافر ضمانات المحاكمة العادلة، تبين غيابها كثيرا، وانعدامها أحيانا، وأبرز
تلك الضمانات المفقودة توقيف واعتقال المتهمين بشكل تعسفي، وممارسة عملية
الاختفاء القسري، والتعذيب البدني والمعنوي، والإكراه على الاعتراف تحت وطأة
التعذيب، والمحاكمة أمام القضاء الاستثنائي غير الطبيعي".
وقالت إن "توافر ضمانات المحاكمات العادلة التي أوصت بها المواثيق
الدولية والدساتير المصرية المُتعاقبة لهو دليل على وجود نظام سياسي في الدولة
يحترم حقوق الإنسان، وعدم توافرها دلالة على انهيارها، واحترام الحق في المحاكمة
العادلة ضرورة من ضرورات الدولة الديمقراطية العادلة التي لا غناء عنها، ويجب عدم التفريط في أي من هذه الضمانات، سواء عند القبض أو الاحتجاز أو العرض على جهة
التحقيق، أو في أثناء إجراء المحاكمة أمام القضاء، أو بعد صدور الأحكام".
واستطردت مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، قائلة إن "تعزيز وحماية حقوق
الإنسان يجب أن تكون هي الغاية الأسمى للأنظمة السياسية، ويحظر انتهاك القانون
وارتكاب أفعال ترقى إلى جرائم تمثل اعتداء على حقوق الإنسان تحت أي مبرر كان،
خاصة في عصر تتمتع فيه حقوق الإنسان بحماية من القانون الدولي".
"توصيات لمواجهة الإعدامات"
وأوصت مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان بوقف تنفيذ أحكام الإعدام، وإعادة النظر
في العقوبة والمُحاكمة بشكل يتناسب والدستور والمواثيق الدولية، داعية الحكومة
المصرية للتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية، والخاص بإلغاء عقوبة الإعدام.
وطالبت بالتزام الحكومة المصرية -في ظل إصرارها على تلك العقوبة- بالمادة
6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فيما نُص عليه في فقرتها
الثانية، بأن يُحكم بهذه العقوبة حصرا على الجرائم شديدة الخطورة وفق محكمة مختصة
وقاض طبيعي، وبإجراءات محاكمة عادلة تلتزم والمواثيق الدولية.
وشدّدت مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان على "ضرورة التزام الحكومة
المصرية بالتوصيات التي نتجت عن المراجعة الدورية الشاملة في تشرين الثاني/ نوفمبر
2019، وذلك فيما يتعلق بعقوبة الإعدام والاتجاه نحو إلغائها أو الحد منها".
كما دعت إلى "العمل على تفعيل القرار الأول للجمعية العامة للأمم
المتحدة عام 2007، الذي يدعو إلى فرض وقف اختياري لتنفيذ عقوبة الإعدام، وفتح
نقاش مجتمعي واسع -رسمي وشعبي- حول عقوبة الإعدام وجدواها، والنظر في استبدال عقوبات أخرى بها، والعمل على إصلاح المنظومة التشريعية والقضائية، نحو حماية الحق في
الحياة".
وأوصت كذلك بـ"تشكيل لجنة تقصي حقائق؛ للوقوف على أوضاع حقوق
الإنسان في مصر، والتحقيق في جرائم القتل خارج نطاق القانون، أو الإجراءات
القضائية التي تفضي لصدور أحكام إعدام وفق إجراءات موجزة أو تعسفية، ومحاسبة المسؤولين
عن هذه الجرائم، ومنع إفلاتهم من العقاب".
الأمم المتحدة تدخل على خط رفض الاعتقالات بمصر
مصر: "العفو الدولية" تطالب مجددا بالإفراج عن قيادات حقوقية
دول ومنظمات تدين اعتقال قيادات حقوقية في مصر