شكك محللون مراقبون فلسطينيون بجدية النظام السوري السماح لكل أهالي مخيم اليرموك الواقع في ضواحي دمشق الجنوبية، بالعودة، مؤكدين في حديث لـ"عربي21"، أنه لدى النظر إلى الشروط التي حددها النظام، فإن العودة لن تكون ميسرة لجميع عائلات المخيم.
تشكيك جاء على خلفية زيارة وفد أممي للمخيم لتفقد أوضاع المخيم، وكذلك حديث النظام عن إمكانية عودة الآلاف من السكان.
وكان المنسق المقيم لمنظمات الأمم المتحدة في سوريا، عمران ريزا، قد أجرى الاثنين، زيارة برفقة وفد من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ومنظمة الأغذية العالمية، إلى المخيم لتفقد أوضاعه.
وقال عضو "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، الكاتب السياسي ماهر الشاويش: بالنظر إلى شروط العودة الثلاثة التي وضعها النظام، وهي سلامة البناء، وإثبات الملكية، والحصول على الموافقات اللازمة، ندرك أن الأمر سيطول وسيكون انتقائيا، وخصوصا إذا ما نظرنا إلى الشرط المتعلق بالموافقات، وتحديدا الأمنية منها، التي ستحرم العديد من العائلات من العودة.
وأضاف لـ"عربي21": كما أن الشرطين الأول والثاني ليسا أقل وطأة على سكان المخيم، فكثير من الأهالي فقدت وثائق ملكيات منازلها نتيجة الخراب والدمار الذي حل بالمخيم خلال كل السنوات السابقة.
وحول أعداد العائلات التي عادت للمخيم، أكد الشاويش، بخصوص أن عدد المسجلين للعودة لا يتجاوز الـ ٦٠٠ عائلة، وقال: "هذا رقم قليل جدا جدا بالنسبة لعدد قاطني المخيم، ولا بد من الإشارة إلى استمرار عمليات "التعفيش" والنهب والسرقة في المخيم، ولا تتوفر حتى الآن بيئة آمنة وبنى تحتية تساعد على العودة ما يعكس عدم الجدية في إتمام هذا الملف".
اقرأ أيضا: التشريد يلاحق "اليرموك" مجددا.. عشرات العائلات بلا مأوى
وما يخشاه الكاتب السياسي، أن تتكرر تجارب إعادة إعمار مخيم نهر البارد وغيره من المخيمات التي دمرت مع مخيم اليرموك وسكانه، حيث مضى على محاولة إعادة إعمار نهر البارد شمال لبنان ١٣ عاماً ولم ينته بعد، ولم يعد كامل سكانه إليه، مستدركا: "علما بأن حجم مخيم نهر البارد لا يقارن بحجم مخيم اليرموك من حيث المساحة وعدد سكانه".
من جانبه، قال الكاتب والصحفي الفلسطيني، أشرف سهلي المنحدر من المخيم، إن قضية العودة باتت قضية إعلامية وسياسية يديرها النظام السوري، ومن الواضح أنه مستفيد جدا من أي زيارات أممية لليرموك، لأنه منذ اللحظة الأولى عمل على تدويل الأزمة الإنسانية داخل المخيم، ومن ثم دمره وجعله منطقة معلقة تنتظر التمويل الدولي.
وتابع في حديثه لـ"عربي21"، بأن هناك تضخيما إعلاميا للزيارة الأممية، وقال: هناك أمر متعمد بالوقت الحالي لتحريك هذا الملف، وبطلب من شخصيات فلسطينية.
وحول واقع المخيم الحالي، قال سهلي: "يسجل المخيم تواجداً لبعض الأهالي، وهؤلاء يعيشون في ظروف تعيسة وليست أقل مرارة من مرحلة الحصار والجوع، نظرا لتغلغل الشبيحة داخل المخيم منذ تدميره في العام 2008".
وسبق أن أكد عضو المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق، سمير جزائرلي، أن النظام بدأ بالسماح للأهالي بالعودة، لكن بشروط.
ومنذ نهاية عام 2012، بدأ النزوح من مخيم اليرموك الذي كان يضم قبل عام 2011 نحو 600 ألف شخص، منهم 160 ألف فلسطيني، بعد قصفه من طائرات النظام السوري، وفرض حصار خانق عليه، استمر لحين اجتياحه من قبل النظام في صيف العام 2018، بعد تمترس خلايا تابعة لتنظيم الدولة فيه.
ويعتبر مخيم اليرموك من أكبر المخيمات الفلسطينية في الشتات، ويعد رمزا لـ"حق العودة"، غير أنه تعرض لتدمير أدى إلى تهجير كافة أبنائه، باستثناء عدد محدود من عائلات المقاتلين من الموالين للنظام.