الانعطافة الإماراتية في الخليج وبحر العرب قد لا تعني بالضرورة فضًّا للتحالف مع المملكة العربية السعودية، ولكنها تعني فشلاً واضحًا في سياسات التحالف الإقليمي، الذي يجري بناؤه منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وبهدف إعادة هندسة المنطقة، في لحظة سيولة تاريخية، بما يوافق مصالح الحلفاء، الذين يضمّون إليهم "إسرائيل"، وفي هذا الإطار ظهر مشروع ما يُدعى بـ "صفقة القرن".
تغيير السياسات المعلنة تجاه إيران
تنقسم الانعطافة الإماراتية إلى شقّين متّصلين: الأول استعادة الحوار مع إيران من بوابة اللجنة الحدودية المشتركة بين البلدين، والثاني الانسحاب من اليمن بعد تمكين الأطراف الانفصالية الموالية لها في جنوب اليمن مكان حكومة عبد ربه منصور هادي، التي يُفترض أنها مدعومة من المملكة العربية السعودية، ومقرّ قادتها في الرياض، كما يفترض أنّها، أي حكومة هادي، العنوان القانوني للحملة على اليمن، بدعوى استعادة الشرعية فيه.
تتوقع السعودية الآن، أن تتمكن بموافقة حلفاء الإمارات اليمنيين من مدّ أنبوب نفطيّ من جنوب المملكة إلى بحر العرب عبر الأراضي اليمنية الشرقية، يحرّر السعودية من إكراهات الخليج ومضيق هرمز في تصدير النفط.
مصالح الإمارات في جنوب اليمن
في اليمن لم يكن الإعلان الإماراتي مفاجئًا، كما لم تكن المصالح الإماراتية الخاصّة في الجنوب خافية، وقد تكاثرت التقارير في الشهور الأخيرة عن رجاءات إماراتية سرّية للحوثيين بعدم استهداف بلادهم إلى حين انسحابهم من اليمن، واللافت في هذه القضية المشتركة بين السعودية والإمارات، أن كلّ الخطوات الإماراتية، فيما هو معلن، جرت من طرف واحد، ودون إعلانات مشتركة بين طرفيّ تحالف الحرب على اليمن.
تغيير السياسات المعلنة تجاه إيران، يقوم على فشل الرهان على إدارة ترامب، التي نسجت التحالف الإقليمي بخيوط العداء لإيران،
مصالح سعودية وإماراتية مختلفة
أيًّا ما كانت مآلات ما يجري، وحقيقة علاقات الحليفين، وما يمكن أن تنتهي إليه سياساتهما في اليمن، فالمؤكّد، أنّ مصالح البلدين ليست واحدة، وأن تحالفات الأشخاص قاصرة، وأنّ تكديس الرهانات كلّها في سلة ترامب وبنيامن نتنياهو كانت مقامرة مستعجلة وغير محسوبة بما يكفي، وأنّ الانخراط الواسع في هندسة الإقليم وإعادة صياغته فاق قدرات البلدين وأحجامهما.
والحاصل، أن الاستدارة الإماراتية في اليمن تحديدًا، إعلان رسميّ لفشل تحالف الحرب على اليمن، وضربة لدعاية التحالف، ولاسيما للدعاية التي ابتكرها العهد الحالي في المملكة العربية السعودية، الذي اجتهد في ترويج صورة مضخّمة للمملكة وقدراتها، والتأسيس لوطنيّة جديدة على هذه التصورات غير الحقيقية، وإذا كان هذا الفشل يكشف بالضرورة خطأ كل الحسابات التي نهضت عليها الحرب، فقد كشف كذلك خطأ كل من أيّد هذه الحرب، ومع أنّ الغموض ما يزال يلفّ المستقبل القريب، فإنّ هذا الفشل يكشف عمّا هو أهم، أي سيولة المنطقة وعدم استقرارها وانفتاحها على الكثير من الاحتمالات.
التحالف السعودي الإماراتي: نحمل الخراب للمنطقة!
السعودية والإمارات ينفذان انقلاباً ثانيا على السلطة الشرعية
الإمارات ومخطط فرض الانفصال عبر فوضى الأدوات