حذر خبراء من أن أي اعتراف بالقدس "عاصمة لإسرائيل"، سيكون له تداعيات خطيرة على
المقدسيين، لا سيما في حال تبع القرار الأمريكي قرارات مماثلة من دول أخرى، لكن الأمر لقي معارضة واسعة عربية ودولية، باعتبار خطوة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب أتت بشكل أحادي الجانب.
من جهته، أوضح أستاذ دراسات بيت المقدس الدكتور عبد الله معروف، لـ"
عربي21"، أن الكثيرين قد لا يعرفون التداعيات الخطيرة على المقدسيين جراء الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ظانين بأن هذا الأمر لا يمسهم بشكل مباشر، لا سيما أن الأمر الواقع لا يختلف كثيرا عما أعلنه ترامب.
وأوضح معروف أن الاحتلال
الإسرائيلي "سعيد بأن القرار يخرج من أمريكا، لأنه يعرف التأثير العالمي للولايات المتحدة لقرار مثل هذا من الرئيس الأمريكي، ما يثير مخاوف من أن يؤثر اعترافه على دول أخرى".
وحذر من أن أي اعتراف بالقدس "عاصمة لإسرائيل"، "سيفتح المجال لدولة الاحتلال للتعامل مع المقدسيين بمنطق أنهم يقيمون بشكل غير رسمي، ولا محمي بأي قانون دولي للإقامة بمدينة القدس".
موضحا أن "إقامة المقدسيين حاليا بحسب القانون الدولي تأتي ضمن "الوضع الراهن"، (Status Quo)، ويعني أنه عندما جاء الاحتلال واحتل شرق مدينة القدس، وجد أن هناك سكانا وأهالي في المدينة، فبدأ يتعامل معهم من الناحية القانونية بضمان الوضع على ما هو عليه ما قبل الاحتلال".
وتابع: "لذلك أخذ المقدسيون بطاقة إقامة "ليسيه باسيه" أو (Laissez Passer)، وهي وثيقة السفر الإسرائيلية التي تعطى لأهل القدس، يكون مكتوبا عليها أن الجنسية أردنية، لذلك فالاحتلال يعتبر المقدسيين أجانب مقيمين داخل دولته، بسبب الوضع القائم".
وحذر من أن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، يعني أن المقدسيين سيخسرون وضعهم الحالي، ويصبح وجودهم غير شرعي تماما في القدس، ويصبحون دون سند قانوني.
وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي حينها لن يعطي المقدسيين الجنسية الإسرائيلية، كما فعل مع أهالي أراضي الـ48، بل سيقوم بإخراج المقدسيين من القدس.
وأكد أن أي اعتراف دولي "سيفتح المجال إلى الهدم الجماعي للبيوت في سلوان والعيسوية وشعفاط وكل مناطق مدينة القدس، ويفتح المجال إلى الإخراج الجماعي، في حال سكت أهل القدس عن هذا الموضوع".
وأوضح أن مثل هكذا أمر سيحدث في المستقبل وليس حالا، وهذا يمس كل شخص يعيش في القدس.
وأكد أن التغيير ليس شرطا أن يكون الآن، بل في المستقبل القريب، وحذر من أن عدم الوقوف أمام هذا القرار سينعكس على المقدسين جميعا في المستقبل.
المسجد الأقصى
وحذر أيضا من أن المسجد الأقصى، بموجب هذا القرار الأمريكي، في حال انتشاره في العالم أو لدى دول لا بأس بها، سيصبح مكانا غير خاضع للقانون الدولي المتعلق بالوضع الراهن (Status Quo).
ويعني ذلك بحسب معروف وهو مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المسجد الأقصى سابقا، أنه "سيحق للإسرائيليين، أن يسحبوا السيادة الإسلامية الموجودة حاليا على الأقصى، وتفرض عوضا عنها سلطة وزارة الأديان الإسرائيلية، لأن القدس بأكملها أصبحت العاصمة الموحدة لإسرائيل".
وحذر من أن ذلك يعني أنه لا يصح قانونا أن تكون هناك سيادة لدولة أخرى على الأقصى، وتحديدا الأردن، فالوصاية الأردنية مفروضة منذ أن جاء الاحتلال إلى شرق مدينة القدس، ووجد أن الأقصى تحت إدارة الأوقاف الأردنية والوصاية الأردنية.
ووفقا للقانون الدولي، فإنه بحسب سياسة "الوضع الراهن"، تبقى الأوضاع بشأن الأقصى على ما هي عليه قبل الاحتلال، ويبقى تحت السلطة والوصاية الأردنية، إلا أن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، يعني أنها لم تعد طرفا محتلا، وأن الأقصى أصبح ضمن أراضي العاصمة الموحدة لإسرائيل، وليس على الأراضي المحتلة، كما هو عليه الاعتراف الدولي الحالي.
ووجه معروف رسالة إلى أهل القدس، قائلا إن ما يريده الاحتلال من خلال ترامب، هو "أن يضرب الفلسطينيين في أقصى شيء مقدس لديهم، فهو يريد استسلامهم، والتخلي عن حقهم، والشعور أنهم لوحدهم".
وشدد على الحذر من أن السكوت على أي اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، يعني "سياسة الهدم الجماعي في مدن القدس بشكل كامل، والتهجير الجماعي".
من جانبه، أوضح الباحث المتخصص في شؤون القدس، زياد ابحكيص "لماذا علينا أن نخوض معركة نقل السفارة؟"، قائلا: "حتى لا نخوض المعارك المتفرقة على آثارها في سلوان والشيخ جراح عند طرد أهلهما، أو عند البلدة القديمة عند الاستيلاء على أجزاء منها أو عند الأقصى، حين يعود الاحتلال لمحاولة تقسيمه المكاني".
وقال في صفحته في "فيسبوك": "نحن أمام خيارين: أن نبادر إلى خوض معركتنا فورا ومرة واحدة، أو أن نؤجلها لنصطدم بآثارها على دفعات".
وأضاف: "بخوضنا لمعركة اليوم نقطع على الصهاينة الطريق بأن يبادروا ويستثمروا هذا القرار على الأرض في أي مكان".