سياسة عربية

لماذا تجاهل نظام الأسد وفاة أول رائد فضاء سوري؟

المبعوث الألماني إلى سوريا، ستيفان شنيك، قال إن فارس ترك بصمة في قلوب كثيرين- متداول على منصة "إكس"
المبعوث الألماني إلى سوريا، ستيفان شنيك، قال إن فارس ترك بصمة في قلوب كثيرين- متداول على منصة "إكس"
لم تأت وسائل إعلام النظام السوري الرسمية وشبه الرسمية على ذكر أي خبر عن وفاة اللواء محمد فارس أول رائد فضاء سوري، وذلك رغم الاهتمام المحلي والدولي الواسع برحيل فارس.

وكان آلاف السوريين قد شاركوا في دفن جثمان اللواء فارس الاثنين، في مدينة أعزاز الخاضعة لسيطرة المعارضة شمالي حلب، الذي توفي في أحد مستشفيات ولاية غازي عنتاب التركية الجمعة، جراء أزمة صحية.


وبعد إعلان النبأ توالت بيانات النعي والتعزية بوفاة فارس، ووصفت السفارة الأمريكية رحيل فارس بـ"الخسارة الكبيرة للسوريين والعالم أجمع".

وتابعت: "نعزي عائلة وأصدقاء رائد الفضاء السوري محمد فارس، بوصفه أول سوري يسافر إلى الفضاء، لقد قدم فارس نموذجاً لتفانيه في التميز ودعا أيضاً إلى الحرية للشعب السوري".

من جانبه، شكر قتيبة نجل اللواء محمد فارس واشنطن على التعزية، قائلا: "انتهت رحلة معاناة رائد الفضاء محمد فارس الخاصة بعودته إلى السماء والتحاقه بجوار ربه، لكن روحه لن ترتاح حتى تنتهي معاناة الشعب السوري".



وتابع أن "الشعب السوري بحاجة إلى نجدة سريعة، والرجاء من الأصدقاء في أمريكا أن يكون لهم دور فعال في ذلك، وأن يكون اهتمامهم بدعم حياة الشعب السوري كما هو اهتمامهم الآن بوفاة عميد أسرتنا".

المبعوث الألماني إلى سوريا، ستيفان شنيك، قال إن فارس ترك بصمة في قلوب كثيرين، وستظل إنجازاته ملهمة للأجيال القادمة، مخاطباً السوريين: "نشارككم الحداد على فقدان ‎محمد فارس، رائد الفضاء السوري، الرائد والمدافع القوي عن الحرية والديمقراطية".

أما في الشمال السوري، فقد جرى افتتاح مجالس العزاء في مدن أعزاز والباب وكلجبرين (مسقط رأسه) وغيرها.


السفارة السورية في الدوحة بدورها، أقامت مجلس عزاء بـ"فقيد الثورة"، بحضور شخصيات سورية منها رئيس الوزراء السوري الأسبق رياض حجاب، والرئيس الأسبق للائتلاف السوري المعارض البارز أحمد معاذ الخطيب.


لماذا تجاهل النظام نبأ وفاة فارس؟
وفارس الذي ينحدر من حلب المولود في العام 1951، هو ضابط سابق في سلاح الجو وقع عليه الاختيار في العام 1987 للانطلاق إلى الفضاء الخارجي، ضمن برنامج الفضاء السوفييتي سابقاً.

وبعد اندلاع الثورة السورية في العام 2011، أعلن فارس عن دعمه الثورة، وشارك في المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام في مدينة حلب، وبعد إعلان انشقاقه غادر سوريا إلى تركيا في العام 2012، وحصل على الجنسية التركية.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي باسل المعراوي، بعد أن أنجز فارس رحلته إلى الفضاء، لاحظ بعد عودته إلى دمشق أن الاحتفاء به كان باهتاً ولم يستمر لأكثر من 3 أيام ثم تجاهله الإعلام، وهي سياسة يتبعها نظام الأسد، تهدف إلى عدم بروز شخصية وطنية كبيرة تحظى باحترام الجميع، حيث لا رموز إلا عائلة الأسد ولا بطولات إلا لهم.

ويضيف لـ"عربي21" أن موقف فارس السياسي أحرج النظام، وخاصة أمام الروس الذين يعرفون فارس جيداً، وبعد وفاته عمد النظام إلى تجاهل الخبر، لأنه لا يريد التذكير بشخصية وطنية هامة، ولأن ذكره ينسف سردية النظام حول عدم وجود معارضة لحكمه.

اظهار أخبار متعلقة


وبحسب المعراوي، فإن النظام يصاب بمقتل عند انضمام شخصيات علمية أو ثقافية أو فنية إلى صفوف المعارضة والثورة لأن ذلك يضعف دعاية النظام عن "الإرهاب والتطرف".

المحلل السياسي فواز المفلح، يرى أن النظام السوري اعتاد منذ اندلاع الثورة على تجاهل كل القامات السورية التي عارضته، وقال لـ"عربي21": "في أحسن الأحوال هو يتجاهل ذكرهم، إن لم يتهمهم بالخيانة".

وعن قيام النظام السوري بحذف كل الدروس والفقرات التي تذكر برحلة فارس إلى الفضاء من المناهج الدراسية بعد انشقاقه عن النظام، قال: "في سوريا تُختصر الوطنية بعدم الخروج عن طاعة آل الأسد".

انقسام في الحاضنة الموالية للنظام
ومقابل مشاعر الحزن التي أشاعها نبأ الوفاة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أثارت وفاة فارس انقساماً في الأوساط الموالية للنظام السوري، بين قسم ترحم عليه، وآخر مهاجم ومتهم إياه بـ"الخيانة"، وفق ما رصدت "عربي21".



وتعليقاً، يقول باسل المعراوي، إن القسم الذي ترحم على فارس يرى في رحلته للفضاء منجزاً علمياً سورياً، أما القسم المقابل فيراقب ويتقيد بموقف النظام.
التعليقات (0)