أكدت صحيفة عبرية، أن تجارة
السلاح الإسرائيلي ضربت رقما قياسيا هذا العام، وذلك في ظل استمرار
الحرب الأوكرانية-الروسية، فيما يشي بأن "إسرائيل" هي الرابح الأكبر من اشتعال تلك الحرب واستمرارها.
وأوضحت "هآرتس" في
تقرير أن ألمانيا ودولة
الاحتلال في طريقهما لأكبر صفقة سلاح على مدى التاريخ؛ كما أن فنلندا أصبحت الدولة الأوروبية الأولى التي تشتري "مقلاع داود"؛ فيما فازت شركة "ألبيت" الإسرائيلية، بمناقصة بمبلغ 305 ملايين دولار للجيش الهولندي؛ أما استونيا تشتري المسيرات من تل أبيب بمبلغ 100 مليون دولار تقريبا؛ "هذا فقط جزء من العناوين التي نشرت في الأشهر الأخيرة في وسائل الإعلام، وتتحدث عن تطور هام في العلاقات الأمنية بين إسرائيل وأوروبا".
التصدير الأمني
وقالت الصحيفة إنه على خلفية الحرب في أوكرانيا والتهديد الروسي،
أوروبا تزيد ميزانيات الدفاع لها وتل أبيب هي الرابح الأكبر، وهذا ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، منوهة إلى أن 2022، كانت سنة الذروة للتصدير الأمني لدولة الاحتلال بقيمة 12.5 مليار دولار، وسط زيادة دراماتيكية في التصدير للدول التي وقعت على اتفاقيات التطبيع، التي اشترت بمبلغ 3 مليارات دولار مقابل أقل من مليار في 2021.
والمعطيات تشير إلى ارتفاع كبير في التصدير لأوروبا حيث باعت الشركات الإسرائيلية منتجات أمنية بمبلغ 3.7 مليارات دولار تقريبا في السنة الماضية.
ونبهت الصحيفة، بأن الزيادة الكبيرة في التصدير الأمني الإسرائيلي ينسب في الأساس لتأثير الحرب في أوكرانيا وارتفاع ميزانيات الدفاع في أوروبا، وهذا التوجه استمر بقوة في 2023، حيث تقدر جهات إسرائيلية رفيعة أن الإمكانية الكامنة في زيادة التصدير الأمني ما زالت بعيدة عن الاستنفاد.
اظهار أخبار متعلقة
ورجح دبلوماسيون أوروبيون في حديث مع "هآرتس"، أن مشتريات أوروبا من السلاح الإسرائيلي ستزيد في السنة القادمة، لأن الحرب في أوكرانيا رفعت الموضوع الأمني على رأس الأجندة في دول أوروبية كثيرة بعد عشرات السنين التي لم يكن فيها الوضع هكذا.
وأشارت الصحيفة إلى أن "صفقة صاروخ "حيتس 3" من إنتاج الصناعات الجوية في دولة الاحتلال، هي المثال البارز أكثر على ذلك؛ مبلغها الشامل هو 3.5 مليارات يورو، ويتوقع أن تكون الدفعة الأولى المسبقة 600 مليون يورو".
وبدأت تل أبيب وبرلين التباحث في هذا الشأن في 2020، لكن الاتصالات تم تسريعها ونضجت في السنة الأخيرة بسبب الشعور بالإلحاح الذي خلقته الأحداث في أوروبا، بحسب الصحيفة.
وقال مصدر دبلوماسي كانت له علاقة بالاتصالات، إنه بدون الحرب الروسية، هذه المشتريات لم تكن لتحدث الآن.
وحدد المستشار أولف شولتس، هدفا لحكومته؛ وهو وضع بطارية أولى عملية للمنظومة على الأراضي الألمانية في 2025، وهي تستهدف توفير الدفاع الجوي البالستي لرؤوس حربية تقليدية وغير تقليدية على ارتفاع 200 – 300 كم بهدف تقليص خطر تفجر رأس حربي كيميائي أو بيولوجي أو نووي فوق مناطق مأهولة بالسكان.
حكومة يمينية
شولتس وحكومته، يتوقعان أن تزيد ميزانية الأمن في ألمانيا العام القادم بنحو 10 مليارات يورو، بهدف تلبية التكلفة الجديدة المطلوبة نتيجة الحرب في أوكرانيا، ومثل دول كثيرة، ناقشت ألمانيا قبل سنوات هدف إنفاق نحو 2 في المئة من الناتج الخام للفرد فيها على النفقات الأمنية، ولكن بعد حرب أوكرانيا، هذا الهدف تحول لسياسة فعلية، بحسب "هآرتس".
وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، للصحيفة، أن "الحرب في أوكرانيا تؤدي إلى زيادة حجم الاستثمار في الأمن في دول أوروبية كثيرة، وفي موازاة ذلك تزيد الحاجة لتنويع مصادر الطاقة، وفي الحالتين توجد لإسرائيل ميزة نسبية ونحن ننوي تعميق التعاون في هذه المجالات".
وقال حاييم ريغف، سفير الاحتلال لدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي و"الناتو": "أوروبا عاشت بسلام وهدوء حتى 24 شباط/ فبراير 2022، في صباح ذلك اليوم استيقظت أوروبا على فهم آخر للأمور".
وأوضح لـ"هآرتس"، أنه "في اللحظة التي تعطي فيها بعدا أمنيا لعلاقاتك مع دولة معينة، أنت تزيد جاذبيتك، وهذا يزيد أهمية العلاقات الجيدة مع تل أبيب".
اظهار أخبار متعلقة
ونوهت الصحيفة إلى أن "هذا التغيير يحدث في موازاة صعود حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل تعمل خلافا لموقف أوروبا في مواضيع مثل الاستيطان وحقوق الإنسان".
وقال دبلوماسي أوروبي من دولة وقعت على صفقة كبيرة مع تل أبيب: "هذه المواضيع لا تتلاشى بسبب أن إسرائيل تبيع وسائل قتالية لدولة معينة، لكن ينشأ هنا خليط مختلف في شبكة العلاقات"، مضيفا: "لن تتراجع أي حكومة في أوروبا عن دعمها لحل الدولتين أو تبدأ بدعم المستوطنات بسبب صفقة شراء أمنية، ولكن هذا يعني أنه عندما يوجد حوار بين الزعماء، هذا الاحتلال لن يكون بالضرورة الموضوع الأول الذي سيتحدثون عنه".
تأخير وعيوب
وعلق ريغف: "دائما لمثل هذه الصفقات هناك وجه سياسي، هذا لا ينتهي فقط بين المؤسسات الأمنية، بل يجب العمل أمام زعماء دول ووزراء خارجية وبرلمانات".
وأشارت الصحيفة إلى أن "هذا التوجه يبرز أكثر في دول تتعرض لتهديد أكبر من قبل روسيا؛ استونيا، وهي الدولة الأصغر في منطقة البلطيق، غيرت السنة الماضية نمط تصويتها على مواضيع تتعلق بإسرائيل في الأمم المتحدة، حيث أوضح وزير خارجيتها، أنه في الحالات التي لا يوجد فيها قرار مشترك لدول الاتحاد الأوروبي للتصويت عليه بشكل موحد، استونيا تتمسك بنموذج واشنطن المؤيد لإسرائيل، في المقابل، وقعت حكومة استونيا على عدة صفقات مع إسرائيل، التي تم التوصل إليها نتيجة زيادة ميزانيتها الأمنية من 400 مليون يورو لـ 600 مليون يورو في السنة".
دولة أخرى من دول البلطيق، "تحظى بعلاقة قريبة مع إسرائيل هي ليتوانيا، وزارت رئيسة حكومتها إنغريدا سيمونيته هذا الأسبوع إسرائيل، والتقت مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، من أجل "فحص صفقات أمنية"، علما أنه في السنوات الأخيرة حدثت أزمة بين الجانبين على خلفية صفقة أمنية كبيرة اكتُشفت فيها تأخيرات وعيوب".
ورجحت أوساط إسرائيلية، "زيادة المبيعات للدول التي انضمت حديثا لحلف "الناتو" مثل؛ السويد وفنلندا، حيث اشترت الأخيرة من إسرائيل منظومة الدفاع الجوي "مقلاع داود" بمبلغ 345 مليون دولار، وفي نهاية السنة الماضية عقدت صفقة أخرى لشراء صواريخ "سبايك" بمبلغ 240 مليون دولار، كما أن شركة "ألبيت" فتحت مكتبا لها في السويد، وأعلنت في بداية السنة عن صفقة بمبلغ 48 مليون دولار لبيع شاحنات متنقلة للاتصالات للجيش السويدي، وبعد الانضمام للناتو، يتوقع أن تزيد ميزانية الدفاع للسويد من 7 مليارات دولار في السنة الماضية إلى 8 مليارات دولار في السنة الحالية".
وقال دبلوماسي أوروبي من الدول التي تنتقد "الخط الحيادي لإسرائيل من الحرب في أوكرانيا"، لـ"هآرتس": "في نهاية المطاف، الجميع يعرفون أن السلاح الذي تقوم إسرائيل ببيعه لأوروبا، سنستخدمه لقتل الجنود الروس، في حال انتصر بوتين في أوكرانيا".