إذا نجح كمال كيليتشدار أوغلو بالفوز بشكل أو بآخر في
انتخابات
الإعادة يوم غد الأحد، فمن المحتمل أن تتصاعد حالة عدم الاستقرار الداخلي في
تركيا. سيجد النظام السياسي نفسه منقسما بين معسكرين متعارضين تماما. على الرغم من
أنّ الرئيس يتمتع بسلطات تنفيذية واسعة في النظام الرئاسي، سيجد كيليتشدار أوغلو
نفسه في مأزق. فبعد أن كان الهدف الأساسي للمعارضة تغيير النظام الرئاسي إلى نظام
برلماني، لن يكون بإمكان كمال فعل ذلك بسبب سيطرة حزب العدالة والتنمية وحلفائه
على البرلمان. وبسبب ذلك، ستخرج ميرال أكشنار، زعيمة الحزب الجيد، بخفي حنين بعد أن
كانت تُمنّي النفس بمنصب رئاسة الوزراء.
لذلك، فإنّ فوز كيليتشدار أوغلو سيغضب خصومه ولن يكون كافياً لإرضاء
حلفائه. علاوة على ذلك، فمن المرجح أن يشكل الحلفاء الأصغر في التحالف مثل حزب دوا، والمستقبل، والحزب الديمقراطي، وحزب السعادة، الذين يؤيدون خطًا
أيديولوجيًا وسياسيًا مختلفًا عن حزب الشعب الجمهوري، كتلة خاصة بهم داخل البرلمان.
من الناحية الاقتصادية، ستزداد التحديات، ويمكن أن يشهد قطاع
السياحة، الذي يساهم بأكثر من 46 مليار دولار، انخفاضًا كبيرًا إذا استمرت حملة
المعارضة العنصرية والمعادية للأجانب. سيتأثر السائحون الخليجيون والعرب، وكذلك
السيّاح الروس الذين يتصدرون القائمة من حيث العدد بأكثر من 5 ملايين زائر سنويًا
بشكل مباشر.
إنّ فوز كيليتشدار أوغلو سيغضب خصومه ولن يكون كافياً لإرضاء حلفائه. علاوة على ذلك، فمن المرجح أن يشكل الحلفاء الأصغر في التحالف مثل حزب مثل دوا ، والمستقبل ، والحزب الديمقراطي، وحزب السعادة، الذين يؤيدون خطًا أيديولوجيًا وسياسيًا مختلفًا عن حزب الشعب الجمهوري، كتلة خاصة بهم داخل البرلمان.
علاوة على ذلك، ستظل تركيا تواجه العديد من التحديات الاقتصادية
والاجتماعية والأمنية. وإذا ما تعثرت الدولة في معالجة هذه القضايا، فسوف يتحمل
كيليتشدار أوغلو العبء الأكبر من المسؤولية. في النهاية، قد يضطرون إلى الدعوة إلى
انتخابات مبكرة، بسبب افتقار المعارضة الحالية للقدرة على توقّع مثل هذا السيناريو
بشكل مسبق.
على المستوى الدولي، قد ينظر البعض إلى تقارب تركي أكبر مع الولايات
المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل إيجابي. ومع ذلك، فقد تكون النتيجة زيادة اعتماد
أنقرة على واشنطن وبروكسل لحل القضايا الداخلية، وبالتالي تحوّلها من حليف قوي إلى
عبء كبير. علاوة على ذلك، وفقًا لتصريحات المعارضة التركية، فيمكن القول إنّ تركيا
ذات الميول الغربية قد تحفز روسيا وربما الصين على ممارسة ضغط أكبر على أنقرة. ومن
المؤكد أن تركيا ستستخدم نفوذها للتأثير في ما يتعلق ببعض القضايا الساخنة
مثل صفقة الحبوب بين أوكرانيا وروسيا على سبيل المثال.
إقليميًا، ووفقًا لتصريحات المعارضة، فإن من المرجح أن يسعى كيليتشدار أوغلو إلى الانسحاب من المواقع الإقليمية في سوريا وقطر والصومال وليبيا
وأذربيجان. ومع ذلك، فإن قدرته على القيام بذلك تظل غير مؤكدة. تحوّل تركيا في
هذا السيناريو إلى دولة ضعيفة أو محسوبة كلياً على الغرب وأقل استقلالًا
واستقرارًا من شأنه أن يقلل من أهميتها بالنسبة لدول المنطقة، التي تعتبر أنقرة
خيارًا مهماً أو قوة موازنة. ستكون الدول العربية أقل ميلًا للتوجّه إلى تركيا، ما قد يؤدي إلى تحويل استثماراتها السياسية والمالية والصناعية الدفاعية إلى مكان
آخر.
أمّا في حال فوز أردوغان بالرئاسة، فسيكون النظام السياسي تابعاً
لجبهة سياسية واحدة، وهو ما يفترض أن يسهّل مهمة الرئيس في الحفاظ على الاستقرار
وضمان استمرارية السياسات التي انتهجها مؤخراً على الصعيد الداخلي والخارجي. ومع
ذلك، فهذا السيناريو لن يأتي بحلٍ سحري للتحدّيات التي تواجه تركيا.
داخليًا، سينهار تحالف ائتلاف المعارضة بشكل سريع على الأرجح، كما قد
ينهي انتصار أردوغان الحياة السياسية لزعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو، وستكون
ميرال أكشنار أكبر ضحية في نهاية المطاف لهزيمة المعارضة. من المتوقع أن ينجم عن
ذلك تغييرات كبيرة في بنية وتشكيلة معسكر المعارضة والقيادات الحالية لها، وستحدث
انشقاقات كبيرة.
في حال فوز أردوغان بالرئاسة، فسيكون النظام السياسي تابعاً لجبة سياسية واحدة، وهو ما يفترض أن يسهّل مُهمّة الرئيس في الحفاظ على الاستقرار وضمان استمرارية السياسات التي انتهجها مؤخراً على الصعيد الداخلي والخارجي
ستكون القضية الأكثر إلحاحًا على جدول أعمال أردوغان هي الوضع
الاقتصادي. لقد أوضح الرئيس بالفعل أنه لا ينوي مراجعة نظريته الاقتصادية غير
التقليدية. لكن، في حالة تصاعد الضغط، فمن المحتمل أن يلجأ إلى مزيج من
الاستراتيجيات، بما في ذلك السعي إلى المزيد من الأموال الساخنة من الشركاء
الإقليميين والحلفاء مثل أذربيجان وليبيا وقطر والكويت والإمارات العربية المتّحدة
والسعودية. علاوة على ذلك، سيُسرّع أردوغان من وتيرة استكشاف النفط والغاز في
البحر الأسود وربما في شرق البحر الأبيض المتوسط، وسيعزز الصادرات الدفاعية
لتأمين العملة الصعبة.
على صعيد السياسة الخارجية، من المتوقع أن تستمر عملية التطبيع مع
دول المنطقة لتحقيق الاستقرار الإقليمي ورفع حجم التجارة التركية وصادرات تركيا إلى دول الإقليم. لكن الوضع السوري سيظل عقبة أمام تحقيق الاستقرار التام. من وجهة
نظر أردوغان، إذا أصبح التطبيع مع الأسد أمرًا لا مفر منه بسبب الديناميكيات
الإقليمية والدولية الناشئة، فيجب أن يكون ذلك مقابل ثمن. سيسعى أردوغان للحصول
على دعم مالي من قطر ودول الخليج الأخرى والمجتمع الدولي لتمويل مشاريع الإسكان في "المناطق المحررة" لاستيعاب اللاجئين العائدين.
كما سيصرّ أردوغان على أن يلتزم الأسد بثلاثة مواضيع على الأقل:
مواجهة الميليشيات الكردية، وضمان سلامة أولئك الذين يختارون العودة طواعية في
الوقت الحالي، وإحراز تقدم ملحوظ على الجبهة السياسية وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم
2254. إذا ما فشل الأسد في إظهار مثل هذا الالتزام، فسيكون أردوغان في موقف مناسب
أمام روسيا لإطلاق عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا ضد حزب العمال الكردستاني، بدعم
من الأصوات القومية في البرلمان.
تحت قيادة أردوغان، من المتوقع أن تعطي تركيا الأولوية لمصالحها
الخاصة، وتعزز سياستها الخارجية المستقلة والذاتية، فضلاً عن سياستها الدفاعية
المتقدّمة. ومن المحتمل أن يتواصل أردوغان مع إدارة بايدن لحل بعض المشكلات
المستمرة، بما في ذلك صفقة F-16، وإعادة تأكيد موقف أنقرة تجاه السويد
وفقًا لميثاق الناتو، مع التأكيد على الحاجة إلى مكافحة الإرهاب لضمان دخول
السويد إلى الناتو. علاوة على ذلك، فإن من المرجح أن يتواصل أردوغان مع بوتين لضمان استمرار جهود أنقرة البناءة في الصراع المستمر مع أوكرانيا.