تسابق الحكومة
المصرية
الزمن للانتهاء من إنشاء نهر اصطناعي في الصحراء الغربية يصفه الإعلام المصري بأنه
أكبر تارة وأطول نهر صناعي من نوعه في العالم تارة أخرى، للمساعدة في توفير مياه
الري لمشروع "الدلتا الجديدة"، والذي يشير إلى أنه بمساحة تصل إلى 2.2
مليون فدان.
وكان رئيس سلطة
الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، قد وصف المشروع بأنه الأضخم في تاريخ مصر، من أجل
زيادة رقعة الأراضي الزراعية بالبلاد وتأمين الغذاء لسكان أكبر بلد عربي من السلع
الأساسية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض للخارج.
وفي ما يتعلق في أضخم نهر صناعي في العالم، فإن ليبيا لا تزال تحتفظ بلقب إنشاء أكبر نهر اصطناعي في
العالم يعتمد على المياه الجوفية جنوب البلاد بأطوال 4 آلاف كيلومتر من الأنابيب
الضخمة بقطر 4 أمتار تحت اسم "النهر الصناعي العظيم" ووصف بأنه أكبر
مشروع ري في العالم، واستمر العمل فيه من منتصف الثمانينيات حتى عام 2009 بتكلفة
تجاوزت الـ35 مليار دولار.
أما بخصوص استصلاح 2.2
مليون فدان، فإنه لا يعدو أن يكون نسخة مكررة من وعود السيسي التي أطلقها خلال
اجتماع موسع برئيس وزرائه إبراهيم محلب، و6 وزراء، و9 محافظين، يوم 20 تموز/
يوليو 2014، للإعلان عن استصلاح مليون فدان كخطوة أولى لاستصلاح 4 ملايين فدان
خلال 4 أعوام يشمل 9 مناطق مختلفة بمحافظات الظهير الصحراوي.
وبعد مرور نحو 8 سنوات
تقلص المشروع إلى مليون ونصف فدان ثم بضعة آلاف فدان، وتلاشى كل ما أعلن عنه من
بناء مجتمعات جديدة، ومنح عقود تملك للشباب وبناء مستعمرات زراعية تنتج الغذاء
وتحقق الاكتفاء الذاتي وتساعد في زيادة الرقعة الزراعية بنسبة كبيرة.
اظهار أخبار متعلقة
ومثله مثل باقي
المشروعات، احتفلت السلطات بتدشين المشروع صحفيا وإعلاميا ولكنه فشل في الحصول على
تمويل من البنك الدولي في شباط/ فبراير 2015؛ لعدم وجود أي دراسات حقيقية تجيب عن
تساؤلاتهم حول مصادر المياه المتوفرة وكمياتها، وهل هي مستدامة أم لا، ودرجة
ملوحتها؟
وتواصل الحكومة
المصرية أعمال تنفيذ إنشاء النهر الصناعي بطول 114 كيلومتر لاستغلال مياه الصرف
الزراعي والجوفية والسطحية في
الزراعة بعد معالجتها بمحطة مياه الحمام على ساحل
البحر المتوسط، لإنتاج وضخ نحو 10 ملايين متر مكعب من المياه يوميا.
وبحسب مواقع صحفية
محلية، يضم النهر الصناعي، حوالي 22 كم مواسير مدفونة تحت الأرض، ومسار مفتوح
للنهر يمتد بطول 92 كيلومترا، وقد انتهت الدولة بالفعل من 35% من الأعمال
الإنشائية لمواسير نقل المياه، و65% من أعمال المنطقة المكشوفة.
وتبلغ مساحة مشروع
الدلتا الجديدة 2.2 مليون فدان، ويقع على الساحل الشمالي الغربي عند منطقة محور
الضبعة، وتصفه الحكومة بأنه إحدى قاطرات التنمية الزراعية في مصر، ويضيف 30%
مساحات زراعية جديدة من صافي أراضي الدلتا القديمة، وتبلغ التكلفة الإجمالية 160
مليار جنيه، (الدولار يعادل نحو 31 جنيها).
بروباغندا نظام
السيسي
يصف مستشار وزير
التموين سابقا، إسماعيل تركي، المشروع الذي تشرف عليه القوات المسلحة بأنه جزء من بروباغندا
نظام السيسي الإعلامية التي تصنع إنجازات وهمية لتضليل الناس، وقال: "في
الوقت الحالي المشروع بشقيه الزراعي والمائي إهدار لموارد الدولة".
وأكد في حديه
لـ"عربي21" أن "المشروع هو من أجل تحقيق أكبر استفادة لجنرالات
الجيش لضمان الولاء. أما المصريون فيستفيدون عرضا من المنتجات التي لا يتمكن الجيش
من تصديرها فيبيعها في السوق المحلية بسعر أقل من أسعار المنتجات المنافسة لأنه لا
يدفع ثمن أرض أو بنية أساسية ولا ضرائب على مشروعاته بالإضافة إلى تسخيره المجندين".
اظهار أخبار متعلقة
في ذلك إشارة إلى "العديد
من المشروعات التي وصفها النظام بالقومية مثل مزارع الاستزراع السمكي، والصوبات
الزراعية، وغيرها من المشروعات التي كرس إنتاجها للتصدير للخارج ولم يستفد منها الشعب
المصري، وقام لاحقا باستيراد الأسماك الروسية من الخارج".
تكلفة باهظة لبلد على
حافة الإفلاس
وفي هذا السياق، اعتبر
خبير السدود المصري محمد حافظ، أن "مصر فقدت كل خياراتها المتاحة في التعامل
مع ملف سد النهضة، لذلك فهي تروج للانتقال إلى مرحلة تحلية المياه ومعالجتها بشكل
كبير، وهو ما ظهر بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية لتعويض نقص المياه،
وتراجع حصتها من مياه
نهر النيل، وفقدانها لحصتها التاريخية".
وأوضح في تصريحات
لـ"عربي21" أن "مصر التي تعتمد بشكل رئيسي على مياه نهر النيل سوف
تواجه أزمة في توفير البديل، وهي تحلية المياه ومعالجتها في محطات ضخمة بمليارات
الدولارات، في الوقت الذي تعاني فيه من أزمة مالية كبيرة، وسوف تكون تلك المحطات
من موازنة الدولة أي من جيب المواطن الذي يفتقر في الأساس للخدمات الأساسية في
مجال الصحة والتعليم".
وتعد مصر من أكثر دول
العالم جفافا، بحسب تصريحات مسؤولين مصريين، وتعاني من ندرة المياه، وتعتمد بشكل
رئيسي على مياه نهر النيل لتلبية احتياجاتها منه بنسبة 97%، ويهدد سد النهضة الإثيوبي
في حال اكتماله دون التوصل لاتفاق مع دول المصب في تهديد حصة البلاد البالغة 55
مليار متر مكعب، فيما تواصل أديس أبابا عملية الملء دون أن تعبأ باعتراضات مصر
والسودان.