هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عاد لولا دا سيلفا، إلى القصر الرئاسي في البرازيل، بعد تفوقه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، منتصرا على الرئيس السابق جايير بولسونارو.
ووفقا لهيئة الانتخابات في البلاد، فقد حقق لولا دا سيلفا الفوز في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد حصوله على 50.9 بالمئة من أصوات الناخبين مقابل 49.1 بالمئة لمنافسة بولسونارو، بحسب ما ذكرت وكالة أسوشييتد برس.
وفي كلمة ألقاها لولا مساء الأحد قال: "هذا انتصار لحركة الديمقراطية التي تشكلت فوق الأحزاب السياسية والمصالح الشخصية والأيديولوجيات لتخرج الديمقراطية منتصرة".
وأعلن الرئيس المنتخب أن بلاده "تحتاج إلى السلام والوحدة"، مؤكدا في الوقت ذاته أنها عادت إلى الساحة الدولية ولم تعد ترغب في أن تكون "منبوذة".
وقال إنه "ليس من مصلحة أحد أن يعيش في أمة مقسمة في حالة حرب دائمة"، وذلك بعد حملة انتخابية شهدت استقطابا شديدا.
اقرأ أيضا: ترحيب دولي بفوز لولا برئاسة البرازيل.. ومادورو يعلّق
وأضاف: "اليوم نقول للعالم إن البرازيل عادت"، وإنها "مستعدة لاستعادة مكانتها في مكافحة أزمة المناخ".
واختار لولا منافسه السابق غيرالدو ألكمين، الذي خاض الانتخابات الرئاسية ضده عامة 2006، لمنصب نائب الرئيس في حملته الانتخابية.
ويبدو أن استراتيجيته في إنشاء بطاقة "الوحدة" قد آتت ثمارها وجذبت الناخبين، الذين ربما لم يفكروا بخلاف ذلك في الإدلاء بأصواتهم لحزب العمال الذي ينتمي إليه.
وتشكل عودة لولا دا سيلفا الظافرة سابقة في تاريخ البرازيل الحديث بعدما انتخب سابقا لولايتين رئاسيتين بين العامين 2003 و2010.
إلا أن عودة لولا الذي عرف مصيرا خارجا عن المألوف، تعتبر إنجازا.
وكان لولا الشخصية المرجعية لليسار الأمريكي قد سجن بتهمة الفساد خلال عامي 2018 و2019، قبل أن تقضي المحكمة العليا ببطلان القضية وتأمر بإخلاء سبيله.
ورأت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن التحقيق والملاحقات في حق لولا انتهكت حقه في أن يحاكم أمام محكمة غير منحازة.
وحظي الرئيس المنتخب الذي حكم البلاد خلال فترتين رئاسيتين، بتأييد شعبي واسع، ولطالما اعتبر ضحية "مؤامرة سياسية" سمحت لبولسونارو بالوصول إلى الرئاسة عام 2018 بعدما كان هو المرشح الأوفر حظا للفوز.
اقرأ أيضا: دا سيلفا رئيسا للبرازيل بعد تفوقه على بولسونارو بالانتخابات
واختير لولا كشخصية العام في 2009 من قبل صحيفة "لوموند" الفرنسية، وصنف بعد ذلك في السنة التالية بحسب مجلة التايم الأمريكية الزعيم الأكثر تأثيرا في العالم.
وقدم لولا خلال فترة حكمه العديد من برامج الإصلاح الاجتماعي لحل مشاكل الفقر؛ من خلال إيقاف عمليات تصنيع الأسلحة.. ولعب دورا هاما في تطور العلاقات الدولية، بما في ذلك البرنامج النووي لإيران ومشكلة الاحتباس الحراري. ووصف بأنه "رجل صاحب طموحات وأفكار جريئة من أجل تحقيق توازن القوى بين الأمم".
ويعد لولا دا سيلفا من المؤيدين للقضية الفلسطينية، بخلاف الرئيس المنتهية ولايته، الذي يعدّ أحد أشد الداعمين للاحتلال الإسرائيلي.
وشارك في تأسيس حزب العمال في مطلع الثمانينيات وترشح مرة أولى للانتخابات الرئاسية عام 1989، وفشل لكن بفارق ضئيل. وبعد فشلين آخرين في 1994 و1998 فإنه فاز في محاولته الرابعة في تشرين الأول/ أكتوبر 2002 وأعيد انتخابه في 2006.
وفي منتصف الشهر الجاري، اتهم لولا خصمه بولسونارو بأنه "ملك الأخبار الزائفة"، ليرد عليه الأخير باتهامه بالكذب والفساد وحيازة سجل "مشين"، في مبارزة كلامية حادة.
وقال لولا إن بولسونارو برفضه شراء اللقاحات والترويج لأدوية غير متحقق منها "يحمل وزر هذه الوفيات على كتفيه"، مشيرا إلى أنه الزعيم الذي تسبب في وفاة 680 ألف شخص بينما كان من الممكن إنقاذ أكثر من نصفهم".
إلا أنه مكروه من جزء من البرازيليين إذ إنه يجسد بنظرهم الفساد. ولم يكف بولسونارو الذي لعب كثيرا ورقة الكره لحزب العمال ليفوز بالانتخابات الرئاسية في 2018، عن وصفه بأنه "سارق" و"سجين سابق" خلال مناظراتهما التلفزيونية.
ما من مؤشرات كانت تنبئ بأن لولا سيعرف هذا المصير الاستثنائي، وهو الابن الأصغر بين ثمانية أشقاء. وقد ولد في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1945 في عائلة مزارعين فقراء في بيرنامبوك في شمال شرق البرازيل.
خلال طفولته عمل لولا ماسح أحذية وانتقل مع عائلته في سن السابعة إلى ساو باولو هربا من البؤس. وعمل بائعا جوالا ثم عامل تعدين في سن الرابعة عشرة وقد فقد خنصر اليد اليسرى في حادث عمل.
في سن الحادية والعشرين انضم إلى نقابة عمال التعدين وقاد الإضرابات الواسعة في نهاية السبعينيات في خضم الديكتاتورية العسكرية في البلاد (1964-1985). وشارك في تأسيس حزب العمال في مطلع الثمانينيات.
وكان أول رئيس برازيلي ينتمي إلى طبقة العمال. فعكف على تطبيق برامج اجتماعية طموحة بفضل سنوات من النمو الاقتصادي المدعوم بفورة المواد الأولية.
ويعهد له أنه خلال ولايتيه الرئاسيتين خرج نحو 30 مليون برازيلي من براثن البؤس حتى أصبح يوصف بـ"بطل الفقراء".