يواصل الريال
اليمني انهياره الأسوأ في تاريخه أمام العملات
الأجنبية، حيث تجاوز السبت، سعر الدولار الأمريكي الواحد ألف و200 ريالا.
ومع هبوط
العملة المحلية تفاقمت معاناة السكان، حيث
ارتفعت أسعار المواد الغذائية والوقود، في وقت وصلت قيمة مرتبات كثير من الفئات إلى
ما يعادل أقل من 100 دولار.
وتعد أزمة انهيار العملة أحد أبرز انعكاسات الأزمة
الاقتصادية
التي تعصف باليمن الناتجة عن الحرب الدائرة منذ العام 2015، وسط انقسام مالي، وعدم
توفر النقد الأجنبي الكافي، جراء توقف تصدير النفط والغاز.
"أسباب كثيرة"
ويرى الكاتب والمحلل اليمني في الشؤون المالية والمصرفية
وحيد فودي أن هذا الانهيار للعملة المحلية ليس وليد اللحظة وأسبابه تعود إلى العام
2016 نتيجة لما أفرزته الحرب من تداعيات.
وأهم تلك التداعيات وفق ما تحدث به الفودعي لـ"عربي21":
"انقطاع موارد الدولة من النفط والغاز، قبل أن يتم استئناف تصدير النفط فقط في
العام 2019".
وأضاف: "توقف تلك الصادرات، والانقسام الحاصل نتيجة
للحرب وانتقال البنك المركزي إلى عدن، في ظل بقاء بنك مركزي مواز له في صنعاء، تعد
من أسباب أزمة إنهيار العملة المحلية.
كما أن الانقسام النقدي الذي يسبقه انقسام مالي ـ بحسب المحلل
اليمني في القطاع المالي والمصرفي ـ إذ أن موارد الدولة مشتتة بيد أكثر من طرف، مؤكدا
أن الحوثيين يسيطرون على ثلثي موارد الدولة اليمنية دون أن يتحملوا أي أعباء.
وتابع: "بينما الحكومة المعترف بها لديها موارد، لكنها
مشتتة بيد أكثر من طرف في إطار الشرعية نفسها، ومع ذلك فهي مستمرة في دفع المرتبات
التي لا تكفي موارد الدولة لتغطيتها، في وقت لجأت إلى الاقتراض من البنك المركزي، من
خلال الطبع النقدي للعملة".
وأشار الخبير الفودعي إلى أن من الأسباب أيضا "الخلل
في ميزان المدفوعات"، ذلك أن الصادرات بالعملة الصعبة شحيحة، بينما الواردات تفوق
بشكل كبير حجم الصادرات.
واستطرد: "هناك أرقام أخرى تدخل في ميزان المدفوعات،
غير الصادرات منها حوالات المغتربين والحوالات الانسانية والقروض، وهذه كلها قلت بشكل
كبير نتيجة تداعيات الحرب".
وأوضح أن هناك أسبابا غير طبيعية مفتعلة ناتجة عن المضاربة
بالعملة، وهي ناتجة عن ضعف الدولة والفراغ الحاصل في المناطق المحررة.
وقال: "ما قبل الانهيار الأخير لم يكن السعر طبيعيا
ولم يكن مقبولا"، مبينا أن "الفراغ الحكومي في مناطق الشرعية، وعدم قدرتها
على وضع حلول فعلية أو حقيقية لمعالجة تدهور العملة الوطنية أوجد فوضى في السوق، وترك
مساحة للمضاربين والصرافين وأطراف الصراع وخصوصا جماعة الحوثي الانقلابية للعب بالورقة
الاقتصادية".
ولفت الفودعي إلى أنه "مؤخرا، تداخلت عوامل كثيرة وتسببت
في التراجع المستمر لقيمة العملة منها "ارتفاع الطلب على النقد الأجنبي ومركزه
المناطق الشرقية؛ بسبب مخاوف التجار، وتوسع المواجهات وتمدد الحوثيين واستمرار الإنفاق
الحكومي الحتمي بالعملة المحلية دون غطاء من إيرادات الدولة ودون وضع حلول للعجز فيها".
وخلص الكاتب المختص في الشؤون المالية والمصرفية إلى أن الزيادة
المحدودة على الطلب على العملة يوازيها هلع ومضاربة وحرب اقتصادية، أضف إلى ذلك، الفوضى
والأخبار السلبية من قبل جماعة الحوثي ومن أتباعها من الصرافين والإعلاميين وغيرها،
وكلها تهوي بسعر العملة إلى أرقام قياسية.
وذكر أن الوضع الاقتصادي "مخيف"، وأسعار المواد
الغذائية تزداد بشكل كبير، فيما وصل سعر البنزين حجم 20 لتر إلى 16 ألف ريال رسميا
في محطات التعبئة، بعدما كان هذا الرقم في السوق السوداء".
فيما أكد أن الحكومة اليمنية عاجزة عن وضع أي حلول لنفسها،
حيث تتواجد في الخارج، "كما أريد لها ذلك"، موضحا أن ذلك يأتي، في ظل غياب
أي بوادر حل سياسي، لكي تعود إلى الأرض وتمارس عملها من الداخل اليمني وتتحرك وتضع
الحلول.
وفي منتصف الشهر الجاري، أعلنت جمعية الصرافين في عدن إضرابا
شاملا عن العمل، احتجاجا على الانهيار القياسي للعملة المحلية.
وقالت الجمعية في بيان لها، إننا "نوجه كافة شركات ومؤسسات
ومنشآت الصرافة في جميع المحافظات بالإضراب الشامل ابتداء من اليوم، وذلك بعد استنفاد
كافة الوسائل الإمكانية لوقف انهيار العملة".
وجاء القرار بعد اندلاع احتجاجات غاضبة، شهدتها محافظتي عدن
وحضرموت، جنوب وشرق البلاد، استمرت لأيام، ضد الأوضاع المعيشية والاقتصادية للبلاد،
وانهيار العملة المحلية.