هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أصدرت "نيابة أمن الدولة" في مصر الاثنين، أمر إحالة المرشح الرئاسي السابق عبدالمنعم أبو الفتوح، و24 آخرين بينهم نجله وقيادات بجماعة الإخوان المسلمين، ومقربين منها، وإعلامي بفضائية "الجزيرة"؛ إلى محكمة الجنايات.
النيابة، قررت محاكمة رئيس حزب "مصر القوية" السابق ونائبه محمد القصاص، وابنه أحمد، وقيادات الإخوان إبراهيم منير، ومحمود عزت، وجمال حشمت، والإعلامي أحمد طه، و18 آخرين، بمحكمة جنايات أمن الدولة.
وادعت النيابة أن الـ25 شخصا الذين ضمتهم للقضية (440 لسنة 2018)، ارتكبوا جرائم تمويل وجمع الأموال، والترويج لاستخدام العنف، وحمل السلاح، وإعداد مقرات للتدريب عليه، في وقائع منذ 26 عاما تبدأ عام 1992 وحتى آب/ أغسطس 2018.
أمر الإحالة، حمل اتهاما لأبو الفتوح، ومنير، وعزت و7 آخرين بتولي قيادة جماعة الإخوان التي "تهدف لتغيير نظام الحكم بالقوة، وتتولى تنفيذ العمليات العدائية ضد القضاة وأفراد القوات المسلحة والشرطة، وقياداتهم ومنشآتهم".
وزعمت النيابة أن المرشح الرئاسي السابق حاز السلاح وروج لاستخدام العنف ونشر أخبارا كاذبة لإضعاف هيبة الدولة، وادعت أن المتهمين ارتكبوا الجرائم خلال 26 عاما تبدأ من 1992 حتى آب/ أغسطس 2018.
وشملت الاتهامات الموجهة لأبو الفتوح ومنير وعزت و13 آخرين جريمة جمع وتلقي وحيازة وإمداد ونقل وتوفير أموال وأسلحة لجماعة الإخوان؛ بقصد استخدامها بارتكاب جرائم إرهابية، فضلا عن توفير ملاذ آمن للإرهابيين.
ووجهت النيابة لأبو الفتوح، وحسام محمد عقاب، وأيمن محمد عقاب (هاربين)، اتهاما بإعداد وتدريب أفراد على استعمال الأسلحة التقليدية، وبأن أبو الفتوح أعد مقرا لتلقي التدريبات، وفق قرار الإحالة الذي نشرته صحيفة "الشروق" المحلية، الاثنين.
وشملت قائمة الاتهامات، حيازة أبو الفتوح وآخرين سلاحين ناريين، عبارة عن بندقيتين آليتين، وبندقية خرطوش، وذخائر؛ بقصد المساس بمبادئ الدستور وبالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.
واتهمت النيابة أبو الفتوح والإعلامي أحمد طه، بإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة عن عمد حول أوضاع البلاد، خلال لقاء أجرياه على قناة "الجزيرة"، إلى جانب لقاء لأبو الفتوح مع قناة "BBC"، تناول فيه جرائم الإخفاء القسري.
اقرأ ايضا: حبس أبو الفتوح 15 يومًا.. والنيابه توجه له هذه الاتهامات
معاناة أبو الفتوح
وإثر عودته من لندن عقب مقابلات انتقد فيها حكم رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، ووصفه حقبته بـ"دولة الخوف"، اعتقل أبو الفتوح في 14 شباط/ فبراير 2018، بتهمة نشر أخبار كاذبة.
وفي مخالفة للقانون الذي يحدد مدة الحبس الاحتياطي بعامين فقط؛ فهو يقبع في محبسه لأكثر من ثلاثة أعوام ونصف، ورغم إخلاء سبيله في حزيران/ يونيو 2021، إلا أن السلطات رفضت الإفراج عنه، وقررت توجيه اتهامات جديدة له.
الطبيب المصري (70 عاما) يعيش أوضاعا إنسانية وصحية صعبة، كشف عنها نجله حذيفة في 25 تموز/ يوليو 2021، معربا عن مخاوفه من وفاة والده بسبب الإهمال الطبي لحالته الصحية.
فضيحة قانونية
وفي تعليقه على أمر الإحالة السابق، يقول المحامي المصري بمحكمة "النقض"، والبرلماني السابق، ممدوح إسماعيل، إن "التلفيق في مصر مفضوح، وترزية التلفيق لا يتورعون عن المبالغة فيه خلافا لأي قانون، ومنذ الانقلاب العسكري تجري حرب إبادة ضد كل المعارضين وأصحاب الرأي".
ويضيف لـ"عربي21": "في هذه القضية لم يجد الملفقون إلا الرجوع للوراء 26 عاما في فضيحة قانونية"، موضحا أن "اتهامات أبو الفتوح ومنير وعزت؛ فضيحة تضاف إلى فضائحهم، ولكنهم لا يبالون، والجميع يعلمون أن القضاء مسيس".
وفي تقديره لمدى قانونية قرار الإحالة، يوضح أنه "طبقا لقانون العقوبات (مادة 15) فإنها تنقضي الدعوى في مواد الجنايات بمضي 10 سنين من يوم وقوع الجريمة".
"واستثنت المادة من ذلك الجرائم المنصوص عليها بالقسم الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، والتي تقع بعد تاريخ العمل بهذا القانون فلا تنقضي الدعوى الجنائية الناشئة عنها بمضي المدة".
ويوضح أن تلك "الجرائم هي المتعلقة بما تم وصفه قانونا بجرائم الإرهاب (المادتان 86 و87)"، مضيفا أنه "إذا ما توقفنا مع الاستثناء نجد أن أبو الفتوح كمثال حُكم عليه عام 1991، وسجن 5 سنوات بدعوى انتمائه لجماعة الإخوان".
عضو مجلس الشعب دورة "2012"، يلفت إلى أن " أبو الفتوح خرج من السجن عام 1996، أي منذ 25 عاما بعد تنفيذ حكم نهائي وبات، كما أنه اعتقل لعدة أشهر عام 2009، بسبب انتمائه للجماعة أيضا لكن جرى إخلاء سبيله لانتفاء الأدلة، أي منذ 12 عاما".
ويجزم المحامي المصري بأنه وفقا لما سبق فإن "محاكمة أبو الفتوح هو ومحمود عزت الذي حكم عليه أيضا بالسجن عام 1991 بحكم نهائي؛ هو خروج صارخ على القانون الذي نص بوضوح على عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها".
ويؤكد أن "محكمة (النقض) أعلى محكمة طعون في البلاد أيدت ذلك في أحكام كثيرة منها كمثال الطعن رقم 6752 لسنة 80 القضائية جلسة 12 شباط/ فبراير 2012، إذ قالت إن الازدواج في المسؤولية الجنائية عن الفعل الواحد أمر يحرمه القانون وتتأذى به العدالة".
إسماعيل، يضيف: "وكانت (المادة 454) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه: تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو الإدانة".
"وإذ صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون، ومن ثم كان محظورا محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين"، كما يؤكد المحامي والسياسي المصري.
ويقول: "لذلك نجد أن هذه القضية التي جرى فيها (تجميع مختلط) هي عنوان للفشل في توفير أي دليل قانوني؛ ولكن النظام العسكري لا يبالي بالقانون ولا حقوق الإنسان، ولا المساءلة ويتصرف وفق خطة عسكرية هدفها إبادة أصحاب الرأي والمعارضين".
اتهامات معلبة
الكاتب الصحفي المهتم بملفات المعتقلين في مصر خالد الشريف، يقول إن "دلالات توجيه هذه الاتهامات لأبو الفتوح ونائبه القصاص، وقيادات الإخوان واضحة؛ أن السلطة الحالية منذ الانقلاب تصر على سياسة الانتقام من المعارضين خاصة والسياسيين عامة".
ويضيف لـ"عربي21": "هذه اتهامات معلبة لا تقوم على دليل ملموس، ولا إحرازات ولا سند من قانون أو دستور؛ مجرد اتهامات مرسلة أقرب للأكاذيب، ونوع من التحايل على السجناء السياسيين والمعارضين بعد حبس احتياطي طويل الأمد".
ويؤكد أن "أبو الفتوح سياسي فريد يمارس السياسة، ومرشح سابق لمنصب الرئيس؛ فلا حاجة له لاستخدام السلاح ووسائل العنف للوصول للسلطة، وهو رئيس حزب يؤمن بتداول السلطة وممارسة العمل السياسي".
"لكن السلطة الحالية تتخبط وتحيك مؤامرة أقرب للفضيحة؛ إذ اعتبرت الإعلامي أحمد طه شريكا في الاتهام والقضية، بينما العالم كله تابعه يحاور أبو الفتوح، قبل اعتقال الأخير والزج به في السجن".
ووصف الشريف "اتهام السياسي المصري والإعلامي في الجزيرة بسبب حوار إعلامي بأنه خبل"، مؤكدا أن "الذي يدير مؤامرة ويحيك جريمة لا يظهر للعلن.. لكنه الانتقام الذي يمارسه الانقلاب ولا يمل منه".
في نهاية حديثه يتساءل: "وما دخل أبو الفتوح بجماعة الإخوان، والرجل ترك الجماعة علنا وترشح أمام مرشحها الرئيس الراحل محمد مرسي وكان منافسا قويا؟ وأين كانت السلطة منذ 26 عاما حتى تستدعي تلك الاتهامات اليوم؟" .
القيادي في جماعة الإخوان المسلمين وأحد من شملهم أمر الإحالة المثير للجدل، الدكتور جمال حشمت، يقول لـ"عربي21": "الحقيقة هذا الكذب والافتراء واضح من حجم الاتهامات والتلفيقات التي بدأت معي".
ويوضح أن "الإعلان عن لقاء تم بيني وبين أبوالفتوح في لندن شباط/ فبراير ٢٠١٨، كذب وافتراء بينما جواز سفري انتهي في ٢٠١٧، ولا أتحرك من مكاني".
ويضيف: "ثم إحالة القضية أمام محكمة استثنائية لتتوافق مع الاتهامات الباطلة المشينة للقضاء، ومنظومة الأمن تحت رعاية انقلاب عسكري فاشي، يصر على فضح نفسه بمثل هذا السلوك الشاذ".
"وكأنه بهذه الطريقة برأ نفسه من جرائم التعذيب، والإخفاء القسري، وممارسة إرهاب الدولة وجرائمها ضد الانسانية"، وفق حشمت، الذي وجه انتقاداته لـ"هذا النظام القاتل، وقوات أمنه، وقضائه، وكل مؤيديه".