قصّرت الحركة الإسلامية في ملف
العنف الموجه ضد
المرأة في بلادنا العربية، في الوقت الذي أنشأت بها مؤسسات مختلفة تعني بالعمل الخيري والسياسي، ناهيك عن مراكز تحفيظ القرآن الكريم والمدارس الخاصة، تركت المرأة وحدها فريسة العنف الذكوري ولم تجد من يقف معها سوى منظمات نسوية لديها قطيعة مع التدين، وعليه لا تكاد تجد مؤسسة واحدة تعنى بحماية المرأة المعنّفة أو احتضانها والدفاع عنها وتوفير المساعدة الاجتماعية والقانونية اللازمة لها بخلفية دينية، تربط هذا العمل بالقيم الإسلامية وتحافظ بشكل متوازن على الأسرة من التفكك أو الضياع، دون إضرار بأي طرف فيها أو تحميله فوق ما يحتمل.
تعاني المرأة العربية في بلادنا من إرث اجتماعي وعادات وتقاليد جاهلية تفضل الذكر على الأنثى، مخالفة كل النصوص الدينية التي نهت عن ذلك، والأدهى أن هذه
المجتمعات تربط ذلك بالدين وتعتبر تقييد المرأة وحبسها في بيتها ومنعها من العمل وأحيانا من الدراسة جزءا من التدين، والإسلام بريء من ذلك.
تعاني المرأة العربية في بلادنا من إرث اجتماعي وعادات وتقاليد جاهلية تفضل الذكر على الأنثى، مخالفة كل النصوص الدينية التي نهت عن ذلك
لا شك أن الدعاة والخطباء يرفضون العنف ضد الأنثى ويشرحون أحاديث مهمة في احترامها وتقديرها، مثل قول النبي الكريم "رفقا بالقوارير"، ولكن يتهمون بالتحريض غير المباشر على هذا العنف من خلال الخطاب الوعظي الذي يحمّل الرجل مسؤولية خروج البنت البالغة الراشدة من بيته وهي غير محجبة ويصفه بالديوث، ويرى أن الذكور في البيوت مسؤولون عن حماية المجتمع من الفساد والانحلال في ظل الرعاية الرسمية للفساد، وذلك عبر سلاح تقييد المرأة وإجبارها على غطاء الوجه في بعض الأحيان والدول! ومع كثرة التعرض لخطابات من هذا النوع يعود الرجل لفرض غيرته على عرضه بطريقة خاطئة! لأنه عرف الهدف ولكن لم يعرف الطريقة المثلى لتحقيقه، وهل هذّب العنف خلقا أو عدّل سلوكا أو قوّم اعوجاجا؟
نحتاج تحركا عاجلا من أجل قيام مؤسسات محترمة تعنى بالمرأة وتوفر للمعنّفة المساعدة الاجتماعية والقانونية اللازمة
بل إن تبني بعض المنظمات النسوية المشبوهة لملف حماية المرأة المعنفة والدفاع عنها، جعل بعض الإسلاميين يتحولون للطرف المقابل ويرفضون تبني قضايا التضامن مع المرأة المعنفة نكاية بتلك المنظمات، وخوفا من اتهامهم بتشجيع الفساد أو الاصطدام بالعمق العشائري لكثير من المجتمعات. وهذا مخالف لمبدأ نصرة المظلوم والتضامن معه، فضلا عن مساهمته بتنامي حقد المرأة على الدين، حتى قالت إحدى الفتيات إنها باتت تكره الإسلام الذي يمنعها من الدعاء على والدها رغم ظلمه لها! وهذا تعسف آخر في شرح بعض الفقهاء لأحكام الدين وفيه تجاهل للآية القرآنية الصريحة التي جاء فيها: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم"، وعليه فالمظلوم من حقه إذا شعر بالغبن أن يدعو على أمه وأبيه وأي شخص ظلمه، ما بال أولئك برجل حكم عليه بالسجن في الأردن بعد اغتصابه لابنته القاصر 300 مرة! هل يعقل أن يقولوا لها هذا أبوك ولا تدعي عليه؟! بل إن هذا مجرم سفاح يجب أن يمنع من الاقتراب من أي فتاة وليس فقط من عائلته، والمؤسف أنه حصل على حكم مخفف بالسجن لسبع سنوات ونصف قط!!
نحتاج تحركا عاجلا من أجل قيام مؤسسات محترمة تعنى بالمرأة وتوفر للمعنّفة المساعدة الاجتماعية والقانونية اللازمة، في ظل تنامي التنمر الذكوري المصحوب بفساد اجتماعي واختلال كبير بمنظومة القيم، وإلا فسنجد تلك الفتاة المتمردة على ظلم عائلتها قد تتمرد لاحقا على دينها وقيمها الأخلاقية، حيث تشعر أنها لم تنصفها أمام ذلك الوحش الذي لا زال يفترسها ثم يحظى بالمكانة والتشريف، وهي لها المهانة والتعنيف.