هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار عثور السلطات العراقية على لغم بحري ملتصق بإحدى ناقلات النفط التابعة لشركة "سومر" المحلية بالمياه القريبة من ميناء البصرة، تساؤلات عدة عن الجهات التي تسعى إلى استهداف الموانئ العراقية، وعلاقتها بالصراعات حول تنفيذ ميناء الفاو العراقي.
وأعلنت خلية الإعلام الأمني العراقية، الجمعة، عن ضبط لغم بحري "كبير" التصق بناقلة نفط مؤجرة من شركة "سومو" المحلية في المياه الدولية قبالة السواحل العراقية، وأن فريقا مختصا يعمل على إبطال مفعوله، وذلك بعد نقله جوا إلى مدينة الفاو.
صراعات داخلية
من جهته، قال المحلل السياسي والأمني العراقي، مهند الجنابي، في حديث لـ"عربي21" إن "التحقيقات لم تكشف تفاصيل دقيقة حتى الآن، لكن الأمر له علاقة بالتصعيد الداخلي بين القوى والفصائل المسلحة".
وأوضح الجنابي أن "التصعيد الذي حصل من زعيم (عصائب أهل الحق) قيس الخزعلي، وحديثه عن وجود شخصيات فاسدة مررت إبرام العقد مع شركة دايو الكورية لبناء ميناء الفاو في البصرة، كله يدخل ضمن الصراع المزمن بين التيار الصدري والعصائب".
ورأى الخبير العراقي أن "محاولة تفجير ناقلة نفط عراقية، قد تكون أبعادها داخلية أكثر منها خارجية، وربما تكون فرضية وقوف إيران خلفها واردة في حال كان اللغم في العمق الخليجي وليس قرب الموانئ العراقية".
وأكد الجنابي وجود رابط بين تفخيخ الناقلة والصراع حول ميناء الفاو، بالقول: "بكل تأكيد الصراع الموجود على ميناء الفاو بين القوى السياسية وأطراف مسلحة، أصبح واضحا، ولن يقف الأمر على تلغيم هذه الباخرة".
وتابع: "خصوصا أننا أمام اشتداد الأزمة الاقتصادية، وتصعيد بين إيران والولايات المتحدة، إضافة إلى ندرة الموارد للفصائل المسلحة والقوى السياسية، حيث تحاول هذه الأطراف السيطرة على مصدر تمويل يعوضها عن النقص الحاصل بسبب الإجراءات الحكومية الأخيرة".
وكان قيس الخزعلي قد نشر تغريدة على تويتر، الخميس، توعد فيها ممرري عقد شركة دايو الكورية، لإنشاء ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة، وقد أكد أنه "سيعمل وبكل قوة لإبطال هذه الجريمة الكبرى بحق العراق".
— قيس الخزعلي (@Qais_alkhazali) December 31, 2020
أطراف خارجية
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي، وائل الركابي، في حديث لـ"عربي21" أن "تفخيخ ناقلة نفطية عمل سافر وراءه جهات خارجية تسعى إلى إيقاف ميناء الفاو الذي يعتبر الشريان الحقيقي في المنطقة لإكمال طريق الحرير".
وأشار إلى "كل الدول التي لا تريد للعراق أن يستفيد من ثرواته وموقعه الجغرافي وإعادة بناء اقتصاده من خلال هذا المشروع العالمي (ميناء الفاو) الذي ربما يغنينا عن تصدير النفط، حيث تقدر وارداته بنحو 400 إلى 450 مليار دولار سنويا في حال دخل الميناء للعمل ضمن مشروع طريق الحرير".
واتهم الركابي "الولايات المتحدة، وبعض الدول الخليجية بالوقوف وراء منع العراق من الاستفادة من موانئه، لكي تبقى موانئها مسيطرة على المنقطة، ونخشى أن يكون ميناء الفاو هو الضحية الأخرى بعد ميناء بيروت، حتى يبقى ميناء حيفا الذي تحتله إسرائيل له الفرصة الأكبر في هذا المشروع الاقتصادي (طريق الحرير)".
وأوضح: "في حال اعتمد ميناء الفاو بشكل حقيقي واعتبر كمنطقة ضمن المناطق الجافة تربطه سكك حديدية، فإن عشر ساعات كافية للوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي ينتهي ميناء حيفا، وميناء مبارك الكويتي وموانئ الإمارات، وهذا أساس المشكلة التي يتعرض لها العراق".
واستبعد الركابي أن يكون لتهديدات الفصائل العراقية بإجهاض عقد شركة "دايو" لإنشاء ميناء الفاو علاقة بتفخيخ ناقلة النفط العراقية، مؤكدا أن الخلافات بين الفرقاء العراقيين لم تصل إلى حد السعي للضرر العام بالبلد، وإنما هو مخطط خارجي للإضرار بالعراق.
لكن المحلل العراقي أكد أن الأمور حول ميناء الفاو ماضية في صراع بين الجهة التنفيذية الساعية لإعطاء العقد إلى الشركة الكورية، وبين الجهات الرافضة للعقد وغير المستفيدة منه، مشيرا إلى وجود إصرار داخل البرلمان العراقي لإيقاف تمرير عقد "دايو" والدفع بالتعاقد مع الشركة الصينية.
رواية رسمية
وفي السياق ذاته، أصدرت شركة تسويق النفط الوطنية العراقية "سومو" بيانا، السبت، قالت فيه إن الناقلة "M/T Pola" التي عثر على لغم بحري فيها، لم تأت من أي دولة إقليمية مجاورة.
وقالت: "إشارة إلى ما تداولته بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول ما حدث من وجود جسم غريب صنف على أنه لغم ملتصق ببدن الناقلة (M/T Pola) وما رافق هذه التداولات من تخمينات لا تستند إلى الواقع عندما ربطت ذلك بصادرات النفط الخام العراقي من ميناء البصرة النفطي...
فإن الناقلة المذكورة مؤجرة من قبل شركة متعاقدة مع شركة تسويق النفط لتعمل كخزان عائم لمنتوج النفط الأسود (زيت الوقود) المنتج من المصافي العراقية لأغراض التصدير ومناولته لناقلات الشركات العالمية المشترية له، وبالتالي فإننا ننفي توجه الناقلة إلى موانئ تصدير النفط الخام".
وأشارت "سومو" إلى أن "الشركة الناقلة المذكورة تتواجد في منطقة المخطاف قرب خور الزبير منذ الخامس من نوفمبر، ولم تأت الآن من موانئ أي من دول الجوار الإقليمي".
وأكدت شركة النفط العراقية "عدم وجود خطورة على عمليات تصدير النفط الخام ولا الناقلات القادمة والراسية لتحميله، كما أن التصدير مستمر وفق المعدلات المخطط لها"، لكنها لم تكشف عن الجهات المتهمة في وضع اللغم البحري في إحدى ناقلاتها.
وذكرت مواقع محلية أن حجم اللغم يصل إلى نحو 30 كلغم، حيث اعتذر فريق مكافحة المتفجرات الذي كُلف برفعه من بدن ناقلة النفط، كونه لغما بحريا يختلف عن الألغام والمتفجرات الأرضية التي تتعامل معها، وأن "هذه الأنواع من الألغام تنفجر بتأثير صوت الذبذبات أو الاهتزاز أو اللمس".